د. أيمن سمير يكتب: العلاقات الروسية الصينية بعد قمة جنيف

د.أيمن سمير

هناك اتفاق بين الجميع على أن الدافع الأول لدعوة الرئيس جو بايدن لنظيرة الروسي فلاديمير بوتين إلى قمة جنيف، التي عقدت في السادس عشر من هذا الشهر كان إبعاد وعزل روسيا عن الصين، وأن الولايات المتحدة تسعى لاحتواء روسيا،  وتدخر كل ما تملك من إمكانيات سياسية واقتصادية وعسكرية للمواجهة المرتقبة مع الصين، لكن السؤال الأهم : هل لدى روسيا قابلية للابتعاد عن الصين ؟ وهل يمكن أن يثق الكرملين في نوايا واشنطن بأنها وحلفائها الغربيون لن يكرروا ما فعلوه مع روسيا عقب انهيار الإتحاد السوفيتي عندما وعدوها بعدم الاقتراب من الحدود الروسية لكنهم خالفوا هذا الوعد منذ هذا التاريخ ؟ وهل يمكن لواشنطن أن ” تنكأ”  الجراح القديمة بين روسيا والصين من أجل زرع الخلاف والتفريق بين البلدين الصديقين في الوقت الحالي ؟

محفزات للتعاون

المؤكد أن العداء للولايات المتحدة ليس هو القاسم المشترك الوحيد بين بيجين وموسكو ، فهناك مصالح تجارية واستثمارات وتجارة بينية وصلت لأكثر من 100 مليار في العام الماضي ، وأتفق الرئيس شي جين بينج مع الرئيس بوتن على تعظيم الفائدة بين البلدين بوصول التجارة إلى 200 مليار بحلول عام 2025 ، كما أن الصين من الأسواق الهامة للنفط والغاز الروسي كما هي روسيا هامة للصادرات الصينية التي تزيد عن 58 مليار للأسواق الروسية خاصة في القسم الآسيوي من الإتحاد الروسي  ، بالإضافة إلى أن البلدين أعضاء في تجمعات إقليمية ودولية هامة ، وذات تأثير كبير  على الساحتين الإقليمية والدولية مثل البريكس ومنظمة شنغهاي ، لكن ربما أكثر من يجمع الصين وروسيا هو شعور النظام السياسي في كلا البلدين بأنه مستهدف من جانب الولايات المتحدة الأمريكية التي تقول أنها ستبني  ” تحالف القيم والديمقراطيات ” الذي يضم كندا ونيوزيلندا وأستراليا والهند واليابان وكوريا الجنوبية ودول الإتحاد الأوربي ضد ما تسمية واشنطن بالدول الديكتاتورية ، وتدرك موسكو وبيجين أن المقصود هنا هما روسيا والصين ، قدائما ما تشن الولايات المتحدة هجوم خاص على الرئيس الصيني شين جين بينج والحزب الشيوعي الصيني منذ أن فرض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب  عقوبات على أعضاء الحزب الشيوعي الصيني الذي يبلغ عدد أعضائه 90 مليون عضو العام الماضي  ، وما زالت هذه العقوبات سارية حتى الآن ، ولهذا يشعر النظام السياسي في كلا من روسيا والصين انه مستهدف ” بثورات ملونة ” مدعومة من الغرب ، ناهيك أن هيكل المصالح التجارية والصناعية بات مترابطاً بشكل كبير بين البلدين الكبيرين

عوائق وموانع

رغم المصالح الإستراتيجية بين البلدين إلا أن هناك في اليقين الروسي والصيني محطات كثيرة من الخلافات العداء الذي وصل للصدام المسلح بين البلدين عام 1969 ، وهناك من يقول في روسيا أن الإتحاد السوفيتي هو أول من أعترف بالجمهورية الشعبية الصينية عام 1949 عندما كانت الولايات المتحدة والغرب لا يعترفون بالحكومة الصينية ، كما ان الدعم الفني والتقني السوفيتي للصين هو أساس النهضة الصناعية الصينية الحالية كما يقول الروس ، ومع ذلك نشب الخلاف بين دولتين تتخذان من الفكر والأيدلوجية الشيوعية شعار لهما، وأستمر هذا الخلاف حتى تبني الرئيس بوتن مقاربة سياسية جديدة عام 2001 ساهمت في التقارب بين البلدين بعد التوصل لاتفاقيات ترسيم الحدود التاريخية بين البلدين ، وهو ما يراه بعض الروس أنه إجحاف كبير بحق موسكو ، كما تقلق بعض النخب الروسية من النفوذ الاقتصادي الكبير للصين في الجزء الروسي الشرقي القريب من المحيط الهادئ  ، لكن الرد الصيني الدائم على تلك الفترة الرمادية من العلاقات الروسية الصينية أن كل ذلك حدث بفعل السياسة الأمريكية التي عزفت طوال سنوات الخلاف على تعمق الافتراق بين موسكو وبيجين ، وهو الدرس الذي تعمله الروس والصينيون معاً بأنهم لا يمكن أن يسمحوا من جديد للولايات المتحدة أن تفسد العلاقة المتميزة بين روسيا والصين

العصا والجزرة

رغم أن أي محاولة للتفريق بين روسيا والصين ليست سهلة كما كان الأمر زمن الحرب الباردة إلا أن واشنطن لديها من الأوراق ما يغري روسيا أو حتى يقلقها من استمرار الارتباط مع الصين ، فالولايات المتحدة تدرك أن الاقتراب من الحدود الروسية هو أكبر الهواجس الروسية ، وإذا ما كان هناك عرض أمريكي يقوم على وقف لسياسة ” التمدد شرقاً”  يمكن لروسيا أن تفكر روسيا في هذا  العرض ، كما أن الولايات المتحدة يمكن أن تكون مصدر قلق لروسيا عن طريق إستهداف نظام الحكم على غرار دعم ألكسي نافلني ، وهذه الورقة يجري تفعيلها بشكل كبير ضد موسكو منذ مجيء جو بايدن ، لكن إدراك الصين بأن رؤية بايدن أشد خطراً عليها من خطابات ترامب قد يدفع بيجين لتقدم مزايا اقتصادية وتجارية ضخمة لروسيا تمنعها أن تكون قريبة من الغرب كما كان في تسعينات القرن الماضي

لكل ذلك يمكن القول أن قيمة العروض السياسية والاقتصادية التي سيقدمها الجانبين الصيني والأمريكي لموسكو هي القول الفصل في تحديد سياسة الكرملين تجاه واشنطن وبيجين.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]