رحيل فاروق شوشة.. «لغتنا الجميلة» تودع شاعرها الأثير

في قرية الشعراء بمحافظة دمياط، شمالي مصر، ولد الإعلامي اللامع والشاعر الكبير فاروق محمد شوشة، في 17 فبراير/شباط 1936، حيث «ألقى النيل عباءته فوق البر الشرقي/ ونامْ»، والتحق بكّتّاب القرية، حيث أتم حفظ القرآن الكريم ومراحل التعليم الأولي، ثم « حمل العُكَّازَ/وسار يحدق في الشطآن/ وفي البلدانْ»، يمضي به القطار طاويًا بلدة بعد أخرى، وما إن وصل «القاهرةُ ـ توقفَ..»، يملؤه الأمل في أن «يدق الباب ـ ويحلمُ»، ويسائل نفسه: «هل سيصلي الجمعة في أزهرها/يمشي في الموسكي والعتبة/ يعبر نحو القلعةِ.. أو يتخايل عُجْباً في ظل الأهرام؟»، وحين التحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، هاله ما رأى من مجتمع مغاير لما ألفه ونشأ عليه، فـ«وقف يحدق/ لم يلق وجوهًا يعرفها/ وبيوتًا كان يطل عليها»، فراح «وهو يمد الخطو/ويسبق عزف الريح/ويفرد أشرعة الأحلام»، يسائل نفسه: «هل تتغير سِحَن الناس/ كما يتغير لون الزيّ/ وهل تتراجع لغة العين/ كما يتراجع مد البحر/ وهل ينطفيء شعاع القلب/ فتسقط جوهرة الإنسانِ/ ويركلها زحف الأقدامْ؟».

ويقول: «من يدري أن النيل أتى/ أو أن له ميعاداً تصدح فيه الموسيقى/ ويؤذّن فيه الفجر/ فتختلج الأفئدة/ ويكسو العينين غمامْ».
وانطلق، إلى جانب دراسته، ينهل من معين الإبداع في عاصمة المحروسة، وحين تخرج في كلية دار العلوم، عين مدرسًا، ثم انتقل بعدها للعمل في الإذاعة المصرية، وتدرج في عمله حتى أصبح رئيسا للإذاعة في العام  1994، وإلى جانب تربعه على قائمة كبار الشعراء في مصر والوطن العربي، كان يقدم في الإذاعة برنامجه المتفرد، الذي كان يتابعه الملايين عبر الأثير «لغتنا الجميلة» منذ العام 1967 حيث يأسر مستمعية الذين يتحلقون حول الراديو في المساء ببيت من قصيدة شهيرة للراحل حافظ إبراهيم «أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ/  فَهَل سَاءلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي» الذي اعتاد أن يستهل به حلقات البرنامج، وعلى الشاشة الفضية كان يقدم برنامج «أمسية ثقافية» في العام 1977، بالإضافة إلى عضويته بمجمع اللغة العربية والمجلس الأعلى للثقافة ورئاسته لجنة النصوص باتحاد الإذاعة والتلفزيون، واعتماده محاضرًا للأدب العربي بالجامعة الأمريكية في القاهرة، وكذا عموده الثابت بصحيفة الأهرام المصرية.

وإلى جانب مئات الساعات المسجلة للإذاعة وللتلفزيون، خلّف شوشة عشرات الدواوين، منها «العيون المحترقة»، و«سيدة الماء»، كما قدم عددًا من القصائد الشعرية العذبة الممزوجة بالحب والوطنية أبرزها “بغداد يا بغداد”، و”لحظة بقاء”، و«رسالة إلى أبي»، و«أحلى 20 قصيدة في الحب الإلهي والعلاج بالشعر» و«لغتنا الجميلة ومشكلات المعاصرة» و«عذابات العمر الجميل»، إضافة إلى قصيدة «الشهداء» التي أهداها لشهداء ثورة 25 يناير.

وأثارت قصيدة «خدم.. خدم» التي ألقاها شوشة العام الماضي ضمن فعاليات معرض الشارقة للكتاب في دورته الـ34، جدلًا واسعًا حيث شن فيها هجومًا حادا على المثقفين، مضيفًا «أنهم أصبحوا أحد أسباب نكبتنا وخدما للمسؤولين».

وحصل الشاعر الكبير على العديد من الجوائز ومنها جائزة الدولة في الشعر 1986، وجائزة محمد حسن الفقي 1994، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب 1997، وكانت آخر هذه الجوائز “جائزة النيل في الآداب لعام 2016″، والتي حصل عليها في يونيو/حزيران الماضي خلال احتفالية نظمتها الهيئة المصرية لدار الكتب والوثائق القومية، وتعد «جائزة النيل»، الوسام الأرفع الذي يتلقاه المبدعون في مصر.
وبحلول فجر اليوم الجمعة، آثرشوشة أن يغادر في هدوء، كما عاش، فـ«تنحنح مزدرداً غصته/ عاود دق الباب.. الناس نيام»، وعندما «ألقى النيل عباءته فوق البر الغربي»، ألقى شوشة بجسده الذي أنهكه السعي وراء القصيدة، فنام.

وأوصى الراحل بأن يدفن في قريته التي ولد بها، حيث يشيع الجثمان من هناك، عقب صلاة الجمعة اليوم، وسط الآلاف من محبيه وعشاقه وتلاميذه وأهل بلدته.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]