طلال عوكل يكتب: غزة على صفيح ساخن

ما يجرى في قطاع غزة، هذه الأيام، هو بواكير الانفجار الذي سبق للكثيرين أن توقعوه، وبعضهم انتظر طويلا، حتى يرى هذا الانفجار. مضى عام كامل، على انطلاق مسيرات العودة في كل يوم جمعة، وهى ترفع شعار كسر الحصار، الذي تفرضه سلطات الاحتلال، لكن النتيجة هي أن الاحتلال تلاعب بالوقت ونجح إلى حد كبير في إحباط الجهود المصرية المدعومة من الأمم المتحدة، والتي استهدفت تحقيق تفاهمات لتخفيف الحصار مقابل الهدوء.

القائمون على مسيرات العودة كانوا يدركون أن واحدة من فضائل مسيرات العودة، انها نجحت في تحويل الغضب الداخلي المتصاعد  بسبب استمرار الانقسام، وتدهور أوضاع السكان الى غضب في وجه الاحتلال. كانت استجابة الناس للتوجه نحو الاشتباك مع الاحتلال على الحدود، تعبر عن مدى عمق الوطنية الفلسطينية، وعن مدى وعي الشعب لأولوية الصراع والاشتباك مع الاحتلال على التناقضات الداخلية الثانوية رغم خطورتها.

قدم الناس في غزة التضحيات بسخاء حيث سقط مئتين وخمسين شهيدا، ونحو ثلاثين ألف جريح ومصاب، وكان من بين الضحايا صحفيين ومسعفين وحقوقيين ونشطاء فيسبوكيين وأطفال  ونساء ومعاقين وشيوخ، لكن كل هذه التضحيات لم تنجح لا في رفع الحصار أو تخفيفه ولا في وقف تدهور الأوضاع المعيشية لمليوني مواطن فلسطيني. على الأرجح أن سلطة الأمر الواقع في غزة قد فوجئت بانطلاق وجدية حراك” بدنا نعيش”، فلقد راهنت على أن دوام نشاط مسيرات العودة، يمكن أن يمتص غضب الناس، وكانت مخطئة خصوصا لأنها لجئت لتخفيف أزمتها المالية، إلى رفع نسبة الضرائب والرسوم، مما أدى إلى ارتفاع في الأسعار.

الحراك كان مطلبيا بإمتياز وسلميا بامتياز، قبل أن يخضع لحسابات الفصائل وتناقضاتها وتوظيفاتها، لكن حركة حماس لم تبد تسامحا مع المحتجين منذ بداية إنطلاق الحراك نظرا لخشيتها من أن يتسع ليشكل تمردا أو ثورة على سلطتها.

إن كان علينا أن نتحدث عن العوامل التي أدت إلى تدهور الأوضاع المعيشية لسكان القطاع فأننا لا نستطيع تجاهل الدور الأساسي للاحتلال ثم تداعيات استمرار الانقسام والإجراءات التي اتخذتها السلطة ، ولكن في كل الأحوال فإن حماس تتحمل جزءا أساسيا من الأسباب سواء لكونها طرفا في الانقسام أو لأنها السلطة المسؤولة عن حياة الناس.

واضح أن سلطة الأمر الواقع في غزة فشلت في تجربة الحكم خلال إثني عشر عاما ، إذا أنها ركزت على إدارة جماعتها وتجاهلت مسؤولياتها تجاه المجتمع، حتى وصل به الحال إلى ما هو عليه من فقر وبطالة وهدر للكرامة الوطنية.

يتأكد فشلها حين اعتمدت الحل الأمني والقسوة المفرطة في مواجهة نشاط الحراك، مما يعنى أنها لم تقرأ جيدا مدى الفشل الذي حصدته الأنظمة في المحيط العربي القريب، حين استخدمت القوة وفشلت في تحقيق الإستقرار، مما أدى إلى صراعات دموية مدمرة فتحت الأبواب مشرعة أمام التدخلات الاستعمارية الأجنبية.

وفشلت حماس حين لم تدرك أن الشعب المقموع والمصادرة حريته وكرامته لا يستطيع أن يصمد وأن يحرر أرضا محتلة. وفشلت أيضا حين لم تدرك أن هذا الحراك يختلف عن الحراكات السابقة، التي خرجت مطالبة بإنهاء الانقسام، ذلك أن الجوع الكافر واليأس كفيل بإن يدفع الناس إلى قلب النار.

تمادت حماس في استخدام القوة وتخطت الحدود حين استهدفت الصحفيين والحقوقيين، وحين سمحت بالاعتداء على الناطق باسم حركة فتح الدكتور عاطف أبو سيف. نظرية المؤامرة التي اعتمدتها حماس لتبرير استخدامها العنف على نحو قاس وواسع، سواء كانت صحيحة أو مفتعلة، جعلتها تتعامل مع أبطال الأمس نشطاء الحراك على أنهم خونة اليوم، وأن تتعامل مع حلفاء الأمس من بعض الفصائل على أنهم أعداء اليوم بسبب تأييدهم للحراك.

لم تنجح حماس في أن تبني شركات وطنية لا في الإطار الوطني العام ولا في الإطار الجغرافي الخاص بالقطاع ولا حتى أن تحافظ على علاقتها مع بعض الفصائل الشريكة في مسيرات العودة، وكانت أولى بواكير الخلل في العلاقة مقاطعة الجبهة الشعبية للحراك البحري يوم التاسع عشر من الجاري.

على أن نتائج وأثار اعتماد قوة القمع ضد الحراك، الذي نرجح أن يتواصل وإن بتقطع، ستظهر في قادم الأسابيع، سواء في طبيعة العلاقة مع الفصائل وبين غزة والضفة، أو حجم الحشود الشعبية المشاركة في مسيرات العودة.

كان بإمكان حماس أن تلجأ إلى الكل الوطني للبحث بإيجابية مع الأخرين لأفضل الحلول لتخفيف حدة الاحتقان، ولو عبر إجراءات تخفيفية، طالما أنها غير قادرة ولا تملك امكانيات المعالجة الحقيقية الشاملة لاحتياجات الناس، إلى أن ينتهي الانقسام باعتباره الحل الأمثل لمعاناة الفلسطينيين.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]