طلال عوكل يكتب: من في القدس إلا أنت

المعركة التي أرادتها إسرائيل لكي تقفل من خلالها ملف القدس، من ميدانها الرئيسي، المسجد الأقصى، لم تنته بعد، فلقد انتهت جولة تجرع الإسرائيلي خلالها مرارة الهزيمة، وشعر الفلسطيني بطعم النصر. خاطئة كانت القراءة الإسرائيلية للظروف المحيطة بهذه المعركة، حين عظمت الآثار السلبية لما يجري في المحيط الإقليمي والعربي، و انخدعت بمظاهر الضعف الفلسطيني. تناست إسرائيل قاعدة مهمة في العمل السياسي، وهي أن القوة أحيانا تكون في الأساس في ضعف العدو.

الفلسطينيون أقوياء بضعفهم انطلاقا من موازين القوى بمعناها الشامل، لكنهم أقوياء بعدالة قضيتهم وتمسكهم بقرارات الشرعية الدولية، والتزامهم بالقوانين والأعراف والمواثيق الإنسانية، فضلا عن صلابة الموقف وتوحد الكل الفلسطيني. وكما في كل مرة، فمن الطبيعي أن يحتدم النقاش، وتنشط لغة الاتهامات، داخل المعسكر الخاسر في المعركة، لأن ثمة من عليه أن يدفع ثمن الفشل. في إسرائيل هناك من يتهم الشاباك بالمسؤولية عن توصياته للمستوى السياسي بضرورة إزالة البوابات الإلكترونية وما رافقها من إجراءات، وثمة فريق يدافع عن الشاباك ويتهم بنيامين نتنياهو وحكومته. والأصل هو أن نتنياهو الذي أراد التهرب من الملاحقة القضائية بتهم الفساد، والتغطية عليها بإنجاز كان يتوقع تحقيقه في الأقصى، هو من يتحمل المسؤولية. الحكومة هي صاحبة القرار ، حيث تجاهلت تحذيرات الأجهزة الأمنية، التي وضعتها أمام سيناريوهات مرعبة. حكومة نتنياهو لم تتراجع بسبب اقتناعها بتحذيرات الأجهزة الأمنية ولكنها فعلت بعد أن اختبرت الميدان، وأيقنت أن الأجهزة الأمنية على حق منذ البداية. على كل حال هذه مسألة إسرائيلية، والإسرائيليون هم الذين يقررون طبيعة الجدل ومألاته والطرف الذي عليه أن يدفع الثمن.

على الجانب الآخر من المشهد يتقدم الكثيرون نحو الادعاء بأنهم الأب الشرعي للانتصار الفلسطيني. هكذا هو الحال دائما فالهزائم لا أب ولا أم لها، أما الانتصارات فإن أحدا لا يستطيع أن يحصي عدد أباءها. غير أن العقل السوي، سيدرك أن الانتصار لم يكن لقيطا ولا ضائع الهوية وأن أباه وأمه والمحتفلون به معروفون. لا ينبغي أن تأخذ الفلسطينيون عزة الانتصار بإثم الانقسام اللعين، فيجري إنكار الحقائق وتحميلها على شماعات الشك والتشكيك. هي وحدة الشعب الفلسطيني كله بقياداته وسلطاته وفصائله وأبنائه، كانت العامل الحاسم في تحقيق هذا الإنجاز. هل ينكر أحد دور المرجعيات الدينية والوطنية، وأهل القدس، والأراضي المحتلة عام 1948 باعتبار ذلك حجر الرحى في المواجهة وفي توحيد الفلسطينيين؟

هل يمكن لأحد أن ينكر مدى أهمية الموقف الذي اتخذته السلطة في رام الله، الأمر الذي لا يقف عند حدود توفير الغطاء السياسي لأهل القدس، وإنما أيضاً ساهم في النفير العام، وألقى بكومة من الأوساخ في وجه إسرائيل؟ إذا كان هذا هو الأساس فإن التزام الفصائل سواء بالحشد الشعبي أو الالتزام بالحفاظ على الطبيعة الشعبية السلمية للمواجهة، أو بالموقف السياسي الواضح، إنما يندرج في إطار تعزيز وتعظيم الوحدة الميدانية والسياسية، بعيدا عن الحسابات الفصائلية الضيقة التي تعودنا عليها.

وتقتضي الأمانة الاعتراف بدور ما للدول العربية والإسلامية، التي دخلت على خط الضغط المباشر وغير المباشر مما جعل إسرائيل تفكر في الاهتمام بأولوية علاقاتها مع الدول العربية، كما قال وزير الطاقة الإسرائيلي شتاينيتس في معرض تبريره لتراجع الحكومة عن إجراءاتها في الأقصى.

في هذا السياق قدمت الإدارة الأمريكية نموذجا عمليا لمدى وعمق انحيازها لإسرائيل وتبعية الأولى للثانية فيما يتصل بالصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي. مبعوثا ترامب كوشنير وجرينبلات تجاهلا الطرف الفلسطيني، واكتفت الإدارة بدعوة الأطراف لضبط النفس، ثم رحبت بإزالة البوابات الإلكترونية، وفي مجلس الأمن لم تسمح باتخاذ موقف لا يرضي إسرائيل.

والسؤال هل يمكن المراهنة على تحرك أمريكي إيجابي إزاء العملية السلمية، أم أن هذه الواقعة تؤكد المؤكد بأن لا أمل يرجى من السياسة الأمريكية؟ المهم هو أن لا تصيب البعض الفلسطيني نشوة الانتصار فيستمر على عناده، فيما يتعلق بالأوضاع الداخلية الفلسطينية، والتمسك بنهج المفاوضات كأسلوب رئيسي وفي أغلب الأحيان وحيدا، أو التمسك بالمقاومة المسلحة كأسلوب وحيد. يفرض الانتصار على الكل الفلسطيني التوقف بعمق أمام الدروس التي ينبغي استخراجها والاستفادة منها، وأولها أن الفلسطينيين يستطيعون فرض أولوية القضية الفلسطينية على رأس أولويات الجماعة العربية والإسلامية. ثاني هذه الدروس يتصل بالأهمية القصوى للوحدة الفلسطينية الشاملة، والتوافق الوطني على استراتيجية جديدة، مبنية على قراءة عميقة لحقيقة الأوضاع، واحتمال تصعيد الصراع انطلاقا من قناعة تؤكدها الوقائع من أن إسرائيل ماضية بحزم في تنفيذ مخططاتها التوسعية، على حساب الحقوق الفلسطينية.

وأخيرا وليس آخرا ما يتعلق بأهمية اعتماد المقاومة الشعبية والسياسية، في هذه المرحلة كأسلوب رئيسي في مقاومة الاحتلال وانتزاع الحقوق.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]