علي الصراف يكتب: إيران – أذربيجان.. عندما يعود التاريخ لينطق

علي الصراف

 هناك شيء لعله “إيجابي” في المواجهة الساخنة بين إيران وأذربيجان، هو أن إيران بدأت تنظر شمالا وشرقا.

على امتداد عدة آلاف من السنين، أي منذ نشأة الحضارة السومرية في بلاد الرافدين، حتى هذه الساعة، كانت القبائل البدائية على الضفة الإيرانية تهاجم الحضارات التي نشأت على الضفة الأخرى في غربها، وظلت تنظر إلى غناها بعين الغيرة والحسد والرغبة بالتدمير.

السومريون واجهوا غزوات تلك القبائل، وحاولوا في الوقت نفسه تهذيبها من خلال إقامة علاقات تجارية رصينة تحترم الحقوق المتبادلة. إلا أن المتوحشين ظلوا على طبيعتهم، ويعتقدون أن النهب هو السبيل الأسرع للحاق بركب الثراء.

قصة عداء إيران لغربها بدأت منذ ذلك الوقت. وهي تضخمت عندما نشأت، بفضل التعليم الأولى مما حققته الحضارات السومرية والبابلية والآشورية، أولى ملامح ما صار يُعرف بالإمبراطورية “البارثية”. وكانت الى حد بعيد إمبراطورية قوة وغطرسة وفساد ووحشية وشرك.

البدائية سمحت لهذه الامبراطورية أن تغلب الإمبراطورية الرومانية في إحدى المراحل. إلا أنها هُزمت في النهاية. وسجل القرآن الكريم الموقف منها في قوله تعالى: “ألم ۝ غُلِبَتِ الرُّومُ ۝ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ۝  فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ” (الروم 1-4)

وذلك ما حصل بالفعل بعد سبع سنوات، عندما هُزمت جيوش “كسرى الثاني” في معركة نينوي في العام 627 على أيدي قوات هرقل.

الحرب بين الامبراطوريتين البارثية والرومانية بدأت في العام 92 ق.م. وواصلتها الإمبراطورية الساسانية ضد الإمبراطورية الرومانية حتى العام 629 ميلادية عندما تولى “شيرويه قباد الثاني” السلطة بعد أن قتل أباه كسرى الثاني، ووقع وثيقة استسلام أعاد بموجبها للإمبراطورية الرومانية كل أراضيها في بلاد الشام و”الجزيرة الفراتية” (العراق).

الحرب، بهذا المعنى، استمرت سبعة قرون، واتسمت بعبثية أنهكت الطرفين، وكان من بينها أن جيوش كسرى جعلت القدس نهبا للحرائق بعد حصار دام 20 يوما، ودمرت كنيسة القيامة، واستولت على ما يُعرف بـ “الصليب المقدس” ونقلته الى “المدائن” (سامراء في العراق)، وهو الصليب الذي أعاده هرقل الى القدس في العام 630 وهي السنة التي التقى فيها بمعاوية ابن أبي سفيان وجرت بينهما المحادثة الشهيرة.

الفتح الإسلامي في العام 632 م. كان هو الذي غير كل شيء في النهاية. فكسب العالم نحو 900 عام من الاستقرار النسبي من بعد ذلك، عندما خضعت بلاد فارس لحكم الولاة المسلمين، الى أن جاء إسماعيل شاه الصفوي الى السلطة في العام 1501، ليجدد حروبه ضد غرب إيران وشمالها وأسس سلالته الصفوية لتوحيد إيران على أساس مذهبي. وكان ذلك سبيله لتغطية نزعة التسلط الفارسية على الشعوب المجاورة بغطاء ذا طابع طائفي.

والشغف الإيراني الراهن بأذربيجان لا يعود فقط الى أن الشاه إسماعيل جمع الى سلطته إيران والعراق وأذربيجان وأجزاء من الأناضول فحسب، بل لأن جده الخامس صفي الدين الأردبيلي بدأ دعوته في أذربيجان.

التاريخ يعود لينطق. إنما هذه المرة على لسان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الذي قال إن طهران لا تريد أن تتحول أذربيجان إلى “ساحة يسرح ويمرح فيها الإسرائيليون”.

لم يسأله أحد: وما دخلك أنت بالأمر؟ وهل عادت أذربيجان لتكون دولة تابعة لحكم الشاه إسماعيل الصفوي؟

وسرعان ما أجرت إيران مناورات عسكرية على مقربة من الحدود الأذربيجانية، بحشد ضخم من عدة ألوية مدرعة وكتائب صواريخ ومدافع ودبابات وطائرات، في ملمح من ملامح التهديد والغطرسة يبدو غير مفهوم أمام حقيقة أن أذربيجان دولة مستقلة، وتستطيع أن تفعل في نطاق سيادتها على أراضيها كل ما تشاء.

الشيء “الإيجابي”، هو أن إيران لو التفتت الى شمالها وشرقها، ليس بالضرورة لخوض صراعات، بل ربما للبحث عن مصالح لها في عالم فسيح يمتد الى الصين شرقا، فان ذلك قد يسمح للمقهورين بهيمنتها في “الجزيرة الفراتية” وكل ما بعدها، بالقليل من الراحة من تاريخ أسود ظل ينطق حروبا وصراعات وأعمالَ نهبٍ وفساد وسفكاً للدماء.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]