علي الصراف يكتب: تجارة الأوهام وعصابة الشركاء الستة

علي الصراف

 يريد الرئيس الأمريكي جو بايدن أن يمول آلة الإرهاب الإيرانية وجرائم مليشياتها في المنطقة، مقابل أن يحظى بكبح عمليات تخصيب اليورانيوم في إيران.

تلك هي المعادلة التي تقف وراء نظرية “عودوا لنعود” الى الاتفاق النووي. وإيران لم تتردد في قبولها، لأنها تعرف أن النتيجة تصب في صالح مشروعها التوسعي، وتدعم نشاطاتها الإرهابية، وتمدها بالمزيد من القوة والموارد لزعزعة الاستقرار في المنطقة.

لا حاجة الى أن تعرف أن المبالغات بشأن المخاطر “النووية” الإيرانية هي مخاطر وهمية. فحتى لو انتهى الأمر بحصول إيران على قنبلة نووية، فإن السؤال المنطقي التالي هو: وماذا بعد؟

هناك قنابل نووية في باكستان والهند وكوريا الشمالية، فضلا عن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن. والسؤال نفسه ينطبق عليها: وماذا بعد؟ لا أحد استخدمها. ولا أحد هدد بها أصلا.

الأسلحة النووية ربما تفيد من أجل الردع، ولكنها لا تفيد من أجل الاستخدام. وهو ما يجعل المخاوف من تمكن إيران من الحصول على قدرات نووية مخاوف مبالغ فيها الى حد يثير العجب والاستغراب.

أحد أهم أسباب العجب هو أن غاية الردع نفسها لا قيمة فيها. فإيران تدرك أن نظامها ضعيف وهو يمكن أن يتهاوى إذا ما اندلعت أي حرب ضده. وهي تريد أن تبني رادعا لكي تحمي نفسها من ذلك الخطر. ولكن من قال إن هناك حربا سوف تنشب ضد إيران؟

لا أحد في الواقع.. لا الولايات المتحدة ولا إسرائيل تريدان حربا ضد إيران. ولا توجد استعدادات تمضي في هذا الاتجاه. لم تتوفر هذه الاستعدادات في أي وقت في السابق، ولا هي سوف تتوفر في أي وقت في المستقبل. فلماذا الرادع؟

دول المنطقة نفسها تقول إنها لا تريد حربا مع إيران، ليس لعجزها عنها، ولكن لضخامة التكاليف على اقتصاداتها واقتصادات العالم بأسره.

جغرافيا لا يوجد أي مبرر للنكران بأن صواريخ إيران يمكنها أن تؤدي الى تدمير الكثير على الضفة الأخرى من الخليج. وهو ما يجعل تحاشي المواجهة المسلحة مع إيران خيارا شديد العقلانية. فلماذا الردع؟

بغياب المبرر المنطقي للحاجة الى ردع، فإن كل ما يبقى من عمليات تخصيب اليورانيوم هو استخدامها للمقايضة والابتزاز، إنما مع من يرغبون بأن يظهروا وكأنهم يتعرضون للابتزاز، أو الراغبين به لأجل عقد المساومات.

المسألة هي مسألة مخادعات متبادلة. أنا أبتزك، برغم معرفتي بأنك لا تخاف مما أبتزك به. وأنت تحوّل الابتزاز الى قصة وكأنك تتعرض لخطر وشيك. أنا أفعل لكي أحصل على شيء. وأنت تفعل لتحصل على شيء آخر.

إيران تريد أن تبيع “خطرها النووي” المزعوم، لكي تحافظ على خطرها الحقيقي. والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يعمل كل منهما قصة، لكي يتفاوض ليس على الكعكة الصفراء، وإنما على ما بعدها من عقود التجارة.

هذا هو الذي حصل بتوقيع الاتفاق النووي عام 2015. وهذا هو ما تريد عصابة الشركاء 5+1 أن تفعله من جديد.

في ذلك العام تراكمت في المصارف الغربية نحو 100 مليار دولار من عائدات النفط الإيراني المجمدة. وتم توقيع الاتفاق النووي من أجل تقاسمها. أما الخطر النووي، فقد كان مجرد ذريعة، أو تحصيل حاصل ثانوي للصفقات التجارية الأهم.

اليوم، لا يوجد في إيران ما هو صالح للعمل. فالخراب والعوز يعم كل شيء هناك، وهو ما يمكن أن يوفر للشركات الأوروبية والأمريكية صفقات تصل الى أكثر من 500 مليار دولار.

هذه هي الصفقة الحقيقية، من وراء بيع الخوف من “الخطر النووي” الإيراني. ولكنها نصف الصفقة الإجمالية.

فبقاء التهديدات الإيرانية لدول المنطقة، يعني بالنسبة لعصابة الشركاء الستة، المزيد من مبيعات السلاح للطرف الآخر. وهذا يمكن أن يعني 500 مليار دولار أخرى.

هذه هي كل القصة. والابتزاز هو بالأحرى ابتزاز لمن يقعون في الوسط بين المطرقة والسندان.

آخر ما يستطيع العاقل أن يقتنع به، هو أن امتلاك إيران لقنبلة نووية شيء يخيف الولايات المتحدة. هراء من هذا النوع لا ينطلي على أحد.

إسرائيل نفسها لا تخاف. ليس لأنها هي نفسها تمتلك قنابل نووية، بل لأنها تقع تحت مظلة حماية نووية أمريكية مطلقة، حتى أنها لا تحتاج قوتها النووية الخاصة، سوى أن بن غوريون وشمعون بيريز أرادا أن تكون لإسرائيل قوتها المستقلة الخاصة، فقط من أجل المزيد من الضمانات. لا أكثر ولا أقل.

بمعنى آخر، فإن إسرائيل هي الأخرى آخر من يخاف امتلاك إيران لقوة نووية. بل أنها تستفيد من وجودها، وذلك لكي تبيع على دول المنطقة غطاء نوويا، فتملي عليها مصالح استراتيجية وتكسب منها اعترافا وعروضَ تجارةٍ وعلاقات.

ماذا تملك دول المنطقة أن تقول حيال هذا الواقع؟

إنها تملك شيئين على الأقل.

الأول، أن تقول إنها لا تخشى من امتلاك إيران لقوة نووية. وإذا أراد الأمريكيون والأوروبيون أن يبيعوا علينا ارتعابهم، فنحن لن نشتريه بقرش.

والثاني، استبدال الخطر الحقيقي (أي خطر أعمال الإرهاب وجرائم المليشيات والهيمنة على مقدرات بعض دول المنطقة) بخطر وهمي، لن يُفضي الى عقود تسلح.

تملك دول المنطقة أن تقول لعصابة الشركاء الستة:

ـ إن تجارة الأوهام التي نفعتكم عام 2015، لن تنفعكم هذه المرة. المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين.

ـ إذا كنتم تخشون من امتلاك إيران سلاحا نوويا، فهذه مشكلتكم. أما مشكلتنا فهي مليشيات إيران وإرهابها ومشروعها التخريبي في المنطقة.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]