عمرو المنيري يكتب: الرئيس السيسي والإعلام.. نظرة خاصة

بحكم تجربتي الطويلة كمراسل حربي ميداني قمت بتغطية معظم الحروب والنزاعات في الشرق الأوسط، وكذلك ما سمي بالربيع العربي، أجريت فيها مقابلات كثيرة مع قادة سياسيين وعسكريين على مدار ربع قرن، فوجئت، وأقولها صراحة فوجئت بالبرنامج أو الفيلم الذي قدمته المخرجة المصرية ساندرا نشأت “شعب ورئيس” كان مزيجا من العمل الميداني والمقابلة الخاصة مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

المفاجأة الأولى هي المعالجة التي خرج بها البرنامج، فكان برنامجا أو فيلما وثائقيا على أسلوب نسميه في التقارير الميدانية (WALK & TALK) أو أمشي وتحدث،  وأسلوب آخر نسميه (AS LIVE) از لايف، أي مثل المباشر، وتم دمج الأسلوبين اللذان لا يحتاجان إلى جهد كبير في المونتاج، بل يعتمد على قدرات المراسل في توصيل المعلومة بتلقائية واسترسال.

المفاجأة الثانية هي عفوية المخرجة ساندرا نشأت، التي قامت بدور المراسل الميداني في التعامل مع أهم حاكم في منطقة الشرق الأوسط، ألا وهو الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي لطالما شاهدت مناظراته مع الإعلاميين المصريين حين كان مرشحا للرئاسة  وقبيل فوزه برئاسة مصر وكيف كان صارما مقتضبا في إجاباته على صحفيين وإعلاميين مخضرمين على الساحة الإعلامية منذ عهد الرئيس السابق حسني مبارك.

المفاجأة الكبرى بالنسبة لي هي تلك العفوية التي كان عليها الرئيس المصري، سواء المكان الذي أجري فيه اللقاء أو الملابس المدنية التي ظهر بها، أو حتى جلسته الطبيعية التي كان عليها، أو الوقفة التي كان يقفها وهو يتحاور مع نشأت.

بحكم تجربتي، أكررها مرة ثانية، فإن لغة الجسد التي ظهرت على السيسي هي مربط الفرس بالنسبة لي، فهو كان إنسانا طبيعيا يجلس على طاولة عادية يتكئ عليها أحيانا بأريحية والابتسامة لا تفارق وجهه، ولم أر أي علامة منه تفيد التردد في الإجابة والتهرب الدبلوماسي من الإجابة مباشرة على الأسئلة العفوية التلقائية.

دائما في مقابلاتي مع السياسيين، وعلى سبيل المثال مصطفى عبدالجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي السابق في ليبيا، كان يجب أن أعرف كيف سأتعامل مع الضيف قبل لقائه، وعلي أن أتعرف على المحيطين به جيدا لمعرفة ميوله، فعبدالجليل كان رجلا لا يحب الإعلام أو الظهور، لكنه كان مضطرا لذلك، واستطعت كسب ثقته، بل كانت المقابلة معه على الهواء مباشرة، لأنه كان ببساطة رجلا بسيطا صادقا لديه مسؤولية صعبة، وكل كلمة ينطقها تؤثر على مستقبل دول، بل تؤثر على حياة أو موت شعب أو شعوب في المنطقة.

ذكرت المثل ليست للمقارنة، بل لأن الرئيس السيسي لا يبدو أنه يحب الظهور الإعلامي، وإن ظهر لا يحب الكلام المنمق أو الخطابي.

ونعود إلى فيلم شعب ورئيس، فقد نجحت ساندرا نشأت تماما في إيصال الصورة الواقعية إلى المشاهد، فما شاهدته، وبحكم خبرتي الطويلة، يؤكد لي أن معظم التصوير الذي كان مع الرئيس السيسي لم يتم مونتاجه إلا ربما إلى الضرورة الفنية من وجهة نظر المخرجة (ساندرا نشأت)، ولا أعتقد أو لم أشعر أنه كانت هناك تدخلات من الرياسة في المونتاج، أقصد تدخلات تدعو حذف جزء أو ما إلى ذلك، كما يحدث عادة في هذه اللقاءات الرسمية.

الشيء الرائع، الذي يحسب للمخرجة، وبالطبع يحسب للرئيس الذي وافق وأمام الكاميرا، ولمس قلب المشاهد العادي، هو تقسيم الشاشة فأنت ترى في نصف الشاشة مقابلات مختلفة من فئات مختلفة من الشعب ونصف الشاشة الآخر نرى فيها الرئيس وهو يصغي بكل تركيز، بل ويدون ملاحظاته على الانتقادات أو على المديح الذي بدا لي أنه لا يعجبه كثيرا أو بالأحرى لا يلتفت إليه وخصوصا المبالغات.

رد فعل الرئيس على الأسئلة العفوية الخارجة عن الإطار الصحفي التقليدي لساندرا نشأت حتى حين قالت إنها تريد رفع طفاية السجائر ونسمعها تقول لأنهم قالو لي إلا الطفاية، وهذا معتاد من المساعدين الذين يحيطون بالزعماء السياسيين يشعرونك بأن هناك محرمات لا تسأل فيها أو تحاول حتى أو تتجرأ في طرح سؤال بعينه، بل غالبا ما يطلب منك قائمة بالأسئلة، وغالبا ما أعطيهم أسئلة تريحهم واسأل أسئلة أخرى، وأعتقد أن ساندرا قامت بذلك أيضا وربما لا في هذه الحالة الخاصة جدا.

كان اللقاء بسيطا في تعاطيه مع رأي الشعب وكانت الإجابات واضحة وصريحة وعميقة جدا، وتعليقه على كلمة التطبيل كان ذكيا وصادقا، وتعليقه على خوف الناس من انتقاد الرئيس كان مريحا، ولأول مرة يتحدث فيها عن ميزانية القوات المسلحة، وهو من المحرمات المشهورة او الظاهرة في الإعلام المصري.

كما أن إشارته إلى برامج التوك شو كانت في الصميم، بل دلت تماما على امتعاضه الكبير من تلك البرامج التي بدأت في عهد حسني مبارك وبنفس الإعلاميين الذين أطلوا علينا منذ عهد الرئيس السابق مبارك وهم مستمرون وبنفس الطريقة بل انضم إليهم العشرات لتقديم تلك البرامج الطويلة جدا في عرف أي إعلام.

حتى تعليقه وتحليله على تلك البرامج أظهرت أنه قريب جدا من الشارع المصري، بل هو اعترف أنه يفتقد ذلك الشعور الإنساني الطبيعي وهو الاختلاط بالناس، وخصوصا أن الشارع في مصر له خصوصية لا تجدها في أي دولة أو أي شعب في العالم.

بل حرص عبدالفتاح السيسي الإنسان أن يتذكر أنه الرئيس، وقال هذه وجهة نظري حتى لا يقولون أنا لا أريدهم أن يستمروا في هذه البرامج.

وهذه النقطة العفوية تؤكد أن عبدالفتاح السيسي رجل المخابرات السابق، الذي درس في مصر وبريطانيا وأمريكا، يتحدث من واقع أصيل فهو ابن حي الجمالية في قلب القاهرة، ويعلم تماما ما يشعر به رجل الشارع البسيط ليس من خلال التقارير الأمنية أو من خلال أصدقائه المقربين أو من خلال أهل الثقة، بل من خلال عينيه هو مع إيمان عميق بحجم المسؤولية التي وضع فيها.

وأن صدقه ومصداقيته أمام الجميع هو السبب في هذه الشعبية الجارفة التي حظي بها ولا يزال رغم الغلاء المتزايد الذي يعاني منه رجل الشارع في مصر الآن.

ويبقى أن موافقته على إجراء هذا البرنامج مع ساندرا نشأت، هذه المخرجة الواقعية، وموافقته على ما شاهدناه على الشاشة كما هو، يؤكد أنه فعلا مواطن مصري بدرجة رئيس لأم الدنيا.

عمرو المنيري – مراسل صحفي مصري مقيم في لندن

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]