فورين بوليسي: قصة «بوكو حرام» تروي «حربا خاسرة» ضد الإرهاب
تؤكد مجلة فورين بوليسي ( Foreign Policy ) الأمريكية، أن قصة «بوكو حرام» تروي حربا خاسرة بتكلفة تريليون دولار ضد الإرهاب، وبعد أن تسبب النزاع الذي دام أكثر من عشر سنوات ضد جماعة «بوكو حرام» في مقتل حوالي 40 ألف شخص وتشريد أكثر من مليونين في شمال شرقي نيجيريا.
امريكا تورطت في حرب خاسرة ضد الإرهاب
وقالت المجلة المتخصصة في دراسات الشئون الدولية والاستراتيجية، إن الولايات المتحدة وجدت نفسها بحلول عام 2017 متورطة في «حرب خاسرة» ضد الإرهاب شمال شرقي نيجيريا، حيث تصاعدت حركة التمرد الذي تقودها جماعة «بوكو حرام» هناك، مما تسبب في مشاهد مروعة تناقلتها وسائل الإعلام العالمية لكنائس ومساجد تقصف ولأطفال يتحولون إلى انتحاريين ضد ذويهم ومجتمعاتهم.
«أعيدوا فتياتنا»
واستعرضت المجلة – من خلال كتاب جديد لمراسليْ صحيفة «وول ستريت جورنال The Wall Street Journal) » جو باركينسون ودرو هينشو، بعنوان «أعيدوا فتياتنا Bring back our girls »، ما قالت إنه إخفاق للتدخل الغربي ضد الخطر الإرهابي في نيجيريا تسبب في جملة من «الأخطاء القاتلة».
وأشارات مجلة «فورين بوليسي» إلى أن عنوان «أعيدوا فتياتنا»، كان في الأصل حملة على مواقع التواصل الاجتماعي دشنها منتج موسيقى الهيب هوب الأمريكي، راسيل سيمونز، في شهر أبريل/ نيسان 2014 من أجل إطلاق سراح 276 فتاة اختطفتهن جماعة بوكو حرام من مدرسة ثانوية في منطقة شيبوك شمال شرق نيجيريا، وتسببت الحملة في انطلاق موجة عارمة من التضامن الافتراضي ترتب عليه لاحقا تدخل عسكري متعدد الأطراف.
فشل الاستخبارات المشتركة لـ 7 دول كبرى
وقالت المجلة: ربما كانت هذه المرة الأولى التي يقود فيها وسم واحد (#أعيدوا_فتياتنا) إلى تدخل عسكري جماعي، لكن القدرات الاستخباراتية المشتركة لـ7 دول قوية (الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا وكندا وفرنسا واليابان وإسرائيل) فشلت في تحرير أي من التلميذات المختطفات ولم تستطع هزيمة عناصر «بوكو حرام» المتوارين داخل الغابات.
بل إن هذه الحملة على العكس من ذلك تماما فاقمت معاناة المختطفات بعد أن تحولت شهرتهن على مواقع التواصل إلى نقمة وأبقتهن الجماعة في الأسر لفترة أطول، كما أدى انعدام الثقة بين الحكومتين الأمريكية والنيجيرية إلى تأخير مشاركة المعلومات الحيوية بينهما بشأن عملية التحرير.
بناء «علامة تجارية إرهابية» لتنظيم بوكو حرام
وبينما كان العالم يغرد على تويتر عن «فتيات شيبوك»، كانت بوكو حرام توسع نفوذها ميدانيا، حيث سيطرت على 6 قرى إضافية، كما وفرت التغطية الإعلامية «التبسيطية» لما يحدث في شمال شرقي البلاد فرصة للجماعة لبناء «علامتها التجارية الإرهابية»، فأصبح اسمها متداولا ومألوفا عبر محطات التلفزيون العالمية، وكان من المجزي أكثر لها أن تبقي على المختطفات في الأسر.
دور «عملاء السلام»
وقد أدى ذلك في النهاية إلى تحرير 103 فتيات من مجموع المختطفات على مرحلتين في سبتمبر/أيلول 2016 ومايو/أيار 2017، وذلك بفضل دبلوماسية دقيقة من قبل وسطاء سويسريين وأبطال نيجيريين مجهولين أطلق عليهم وصف «عملاء السلام»، حيث تفاوضوا على مقايضة الأسيرات ودفع فدية قدرها حوالي 3.5 ملايين دولار، وفق ما ذكر وزراء رفضوا الكشف عن أسمائهم.
ومع ذلك، بقيت الرواية الرسمية للحكومة النيجيرية أنه لم يتم دفع أي فدية على الإطلاق للإرهابيين، فيما هربت 4 فتيات مختطفات بمفردهن فيما بعد و57 أخريات في غضون ساعات من الاختطاف، وبقيت 112 في الأسر إلى يومنا هذا.
الحوار أكثر فاعلية من الحشد العسكري
وترى المجلة أن كتاب «أعيدوا فتياتنا» قدم من خلال سرد الأحداث حجة مقنعة مفادها أن الحوار أكثر فاعلية من الحشد العسكري في النزاعات التي تشارك فيها جماعات أصولية مثل «بوكو حرام»، خاصة أن التطرف آخذ في الانتشار في منطقة الساحل على الرغم من الدعم اللوجيستي والمشاركة العسكرية الأمريكية.
وتضيف «فورين بوليسي»: إن التدخلات العسكرية وجمع المعلومات الاستخبارية بشكل أساسي لم تتمكن وحدها من معالجة المشاكل المعقدة التي أدت إلى نشوء التطرف في نيجيريا، و«لا تستطيع لا واشنطن ولا الدول الأوروبية الاستعمارية تحقيق النتائج المرجوة».
إن التحدي الذي يواجه الجميع هو فهم تفاصيل القصة بعيدا عن الإثارة الافتراضية والتغريدات الجوفاء، خاصة بعد أن تسبب النزاع الذي دام أزيد من عقد ضد جماعة «بوكو حرام» في مقتل حوالي 40 ألف شخص وتشريد أكثر من مليونين في شمال شرقي البلاد.
