مفاوضات شاقة حول البرنامج النووي الإيراني استمرت لما يزيد على 12 عاما بين دول الـ (5+1) الكبري وإيران، وانتهت بالإعلان عن اتفاق، الدول الكبري وإيران في يوليو 2015، نص في أبرز بنوده علي فرض قيود طويلة المدي على البرنامج النووي الإيراني مع استمرار تخصيب اليورانيوم بنسبة حددت بـ 3.67 % والسماح بدخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لكل المواقع المشتبه بها، ومنها المواقع العسكرية، بعد التشاور مع طهران، في مقابل الاتفاق علي رفع العقوبات المفروضة من قبل أوروبا والولايات المتحدة عن إيران.
الاتحاد الأوروبي يجمد .. وواشنطن تمدد
الاتحاد الأوروبي اتخذ خطوات نحو رفع العقوبات عن طهران بتبنيه إطارا تشريعيا لرفع كل العقوبات الاقتصادية والمالية بحيث يسري بالتزامن مع تنفيذ إيران للإجراءات النووية المتفق عليها بإشراف من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ورغم إعراب واشنطن، أكثر من مرة، عن استعدادها رفع العقوبات عن طهران إذا ما التزمت بالاتفاق النووي، أرسل الرئيس الأمريكي أمس الأربعاء، خطابا للكونجرس يبلغه بتمديد مدة العقوبات عاما آخر.
قضايا الشرق الأوسط ورقة ضغط
ويري مراقبون أن القرار الذي اتحذه أوباما يحكمه عدة أسباب، علي رأسها أنه قد يكون جاء إثر تسريبات أثيرت الأسبوع الماضي حول وقف إيران تفكيك بعض المفاعلات النووية التي قطعت مرحلة كبيرة من تخصيب اليورانيوم بها، وقد يكون ورقة ضغط تستخدمها أمريكا للعدول عن المواقف الإيرانية في منطقة الخليج والدول العربية وخاصة سوريا واليمن في ضوء احتدام القتال بالتزامن مع المساعي نحو الحل السلمي.
وأعلن البيت الأبيض عن تمديد العقوبات، عقب لقاء أوباما ونتنياهو، ما أبرز تكهنات حول عقد صفقة بين الجانبين حول الاتفاق النووي الذي ترفضه إسرائيل، كما يري أوباما في القرار فرصة لإبراز أن الديمقراطيين ليسوا أقل تشددا من الجمهوريين خاصة أن حادث اقتحام السفارة الأمريكية في طهران وقع في عهد الديمقراطيين.
بين التصعيد والتفاوض من جديد
وتراقب جميع الأطراف ردود فعل الدول الكبري المشاركة في الاتفاق، وخاصة فرنسا وبريطانيا، ما بين اتباع نفس النهج الأمريكي بتمديد فترة العقوبات وهو ما يؤدي إلي التصعيد من جانب إيران أيضا أو الدعوة إلي التفاوض من جديد، وهو ما سيتضح خلال زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني المقررة إلي فرنسا.
محطات نحو الاتفاق
بدأ الجدل حول برنامج إيران النووي يتصاعد في عام 2002 بعد الكشف عن منشأتين نوويتين سريتين في نطنز وأراك وسط البلاد، وافقت طهران إثر ذلك على أن تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعمليات تفتيش لمواقعها النووية حيث عثرت على آثار ليورانيوم مخصب، وتم منح إيران مهلة تنتهي في سبتمبر عام 2003.
واستأنفت إيران أنشطتها النووية في منشأة أصفهان في أغسطس من عام 2005 بقيادة رئيسها الجديد المحافظ آنذاك محمود أحمدي نجاد، ما دفع الأوروبيين إلى مقاطعة المفاوضات.
وفي 2006، قررت الدول الخمس الكبرى رفع القضية إلى مجلس الأمن، وردت طهران متحدية بالإعلان عن نجاحها في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.5% ورفضت فيما بعد دعوات السداسية الدولية المطالبة بوقف عمليات التخصيب وتقوم زيادة على ذلك بتدشين مصنع للمياه الثقيلة في أراك.
واستأنفت مفاوضات إيران والسداسية بعد تولي الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني السلطة في 2013 ، وحصل على موافقة من المرشد الأعلى لإجراء المفاوضات حيث أفضت مفاوضات جرت في جنيف في نوفمبر 2013 إلى اتفاق لمدة 6 أشهر يحد من أنشطة إيران النووية الحساسة مقابل رفع قسم من العقوبات.
وبعد فشلها، مددت المفاوضات مرتين لفترة إجمالية بلغت 11 شهرا، وبالتوازي مدد أيضا الاتفاق المرحلي، وبعد 21 شهرا من المفاوضات تم التوقيع علي الاتفاق 14 يوليو/ تموز في فيينا.
