في عالم «ربعي المدهون».. أول روائي فلسطيني يفوز بالبوكر

فاز الروائي الفلسطيني ربعي المدهون، اليوم الثلاثاء، بالجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر»، في دورتها التاسعة، عن روايته «مصائر: كونشيرتو الهولوكوست والنكبة»، وهو أول فلسطيني، يفوز بالجائزة التي سبق وأن وصل لقائمتها القصيرة في العام 2010.

وفي حوار سابق لربعي المدهون مع ملحق كلمات الذي تصدره صحيفة الأخبار اللبنانية، حول روايته التي فازت قبل قليل بالجائزة، قال «مدهش، أن تكتب رواية أولى تصل الى القائمة القصيرة، ثم تكتب رواية ثانية وتحقق النجاح نفسه.. هذا أمر رائع ومريح، وعزز ثقتي بما أكتبه، وعوّضني متاعب سنوات من العمل»

وعن قيمة الجائزة التي فاز بها اليوم، قال المدهون خلال الحوار «حقيقةً لا تشغلني هذه الأمور. وما أفكر به دائماً، هو في معنى النجاح وقيمته المعنوية ودلالاته. أما القيمة المادية فهي نتيجة النجاح وليست سبباً له. أما أن تكون الجوائز معياراً صادقاً أم لا، فهذه مسألة نسبية. لكنها، معيار يتمتع بقدر كاف من المصداقية، يؤمن للروايات الفائزة مكانة اعتبارية جيدة تتناسب مع تلك المصداقية».

897

وعن اختياره لبنية الموسيقى في الرواية، قال «النص هو الذي يختار. في مصائر ثمة بطولة ثنائية، شخصيتان تتحركان في إطار حكاية، ضمن اربع حكايات، في كل منها «حراك» سردي، يؤسس لجدل يشابه حوار آلتين موسيقيتين مع أوركسترا في قالب الكونشرتو. قررت «مسايرة» تفاعلات النص في إطار هذا التشكيل، والتأثير في مسار السرد للحفاظ على تناسقه ضمن القواعد العامة التي تحكم الكونشرتو، التي تميزه عن قوالب موسيقية أخرى. تسمح بهذا، العلاقة القائمة بين الفنون على اختلاف اشكالها. فالكلام يلحن. والحكاية تتحول، في الباليه، الى حركات تعبيرية راقصة تستجيب لعمل موسيقي. بينما تصبح الحكاية، أداء مسرحياً «سرده» مغنى في الأوبرا. وتستعير السينما الأفكار والحكايات والروايات في انتاجها، بينما تركن الى المؤثرات الصوتية الطبيعية، وكذلك الموسيقية، والرسوم الثابتة والمتحركة لخلق توليف درامي يستكمل بناء المشهد. وتنتج أشكال الفنون المختلفة عادة، تأثيرات حسية لدى المتلقي/المستمع/المشاهد، لا تختلف عما تنتجه الرواية، من رضا، أو شعور بالراحة، بالارتخاء، بالتأمل، بالفرح، بالحزن، بالقلق، بالاثارة والتحفز، والاعجاب، الترقب وغيره ذلك. ويصاحب هذا كله قدر متباين من المتعة. ويمكن للرواية بدورها، ان تستعير أشكالاً فنية أخرى وتوظفها لخلق «مؤثرات» تسندها.

وعن  التداخل «الهوياتي» بين المجاميع العرقية والثقافية المختلفة في «مصائر» (فلسطينيون عرب، فلسطينيون أرمن، إنكليز، إسرائيليون)، وتهمة «أنسنة العدو» قال المدهون «نِجيب مِ الآخر، الكاتب الذي يضع حساباً لاتهامات من أي نوع كان، لا ينتج إلا عملاً عادياً، يعيد إنتاج سابقه، ولا يقوى على تقديم إضافات، ويبقى، في النهاية ساكناً، غير محفز على القراءة. أما الحديث عن «أنسنة» العدو، فهو تعبير عن حالة من الرهاب والخوف من اثارة جدل حقيقي حول قضايا يجب أن تناقش. كل الشخصيات الروائية، ومنها شخصياتي، تنتمي الى الانسانية، لكن مواقفها في الحياة ومنها هي ما ترسم حدود انسانيتها، أو تقرر الخروج عليها، وتأخذها الى عالم شيطاني النزعة. والاسرائيلي الذي يظهر في نصوصي، هو نفسه الانسان الذي لا يكف عن تخليق المشاكل للفلسطيني، ويهدده في حياته اليومية، ويرتكب بحقه أفظع الجرائم والممارسات العنصرية. لكن لي طريقتي في نقل هذه الممارسات في عمل فني، تقوم على تجنّب التنميط، وعدم فرض الايديولوجي والمسبق على نص أدبي. ولهذا انطلق من الانساني المفترض، تاركاً للشخصيات (الاسرائيلية) الفرصة للتعبير عن نفسها. ففي النهاية، هي من ستكشف بممارساتها للقارئ، كل ما هو شيطاني فيها».

 

الشخصيات الثانوية في رواية المدهون، تستحق أن «تُفرد لها ملفات روائية كاملة، مثل الست معارف»، وهو ما يتفق معه المدهون قائلا «نعم، لقد أدّت «الست معارف» دوراً قصيراً، لكنه لم يكن ثانوياً، ولم تكن هي شخصية عابرة او هامشية، بدليل ان خروجها من النص، يخلخل بنية الحركة الأولى في الرواية. لقد احتاج فرانسيس فورد كوبولا الى دقائق معدودة من مارلون براندو، في فيلمه الشهير «القيامة الآن» (1979)، لكي يكمل بناء المشاهد الأخيرة. في شخصية «الست معارف»، تكثفت ملامح المرأة العكاوية (نسبة الى عكا) المتمسكة بوطنها ومدينتها. ومن خلالها، قدمت كل ما جرى لعكا – المكان – على اعتاب النكبة، وبعد احتلالها، وما انتهت اليه بيوتها خلال اكثر من 60 عاماً. وهناك شخصية الدكتورة ندى أيضاً، التي لا يتعدى دورها حضور جنازة شبه وهمية في بيتها، فما كان ممكناً إقامة جنازة ثالثة لإيفانا في القدس من دون ندى وعائلتها. وكذلك زكريا دهمان، الذي لخص مأساة الفلسطينيين في الكويت، إبان حرب الخليج الثانية عام 1991 وبعدها.

aa5f994e-f4fb-4c13-8615-1827616eaa41

أشار بعض النقاد، إلى أن رواية المدهون «تتكامل وتنهل من قامات سردية فلسطينية مثل جبرا إبراهيم جبرا وإيمل حبيبي وغسان كنفاني»، وعلق على ذلك قائلًا «يختلف النقاد والروائيون الفلسطينيون على تحديد بداية الرواية في فلسطين، بين من يعتبر «الوارث» لخليل بيدس الصادرة عام 1920، أول رواية فلسطينية، وبين من يذهب الى ان محمد بن الشيخ التميمي سبقه اليها برواية «أم الحكيم» في أواخر القرن التاسع عشر، وثمة من ذهب الى بداية أخرى. لكن الأدباء عموماً، والمعاصرين منهم، يلتقون على اعتبار الثلاثي جبرا ابراهيم جبرا، وغسان كنفاني، وإميل حبيبي، مثلث اضلاع الرواية الفلسطينية المعاصرة، و»ثلاث علامات في الرواية الفلسطينية»، بتعبير الروائي والناقد فاروق وادي، في مؤلفه الذي يحمل هذا العنوان، كونهم يمثلون «النضج الفني بامتلاكهم الواقع والأداة الفنية»، ولأنهم ثلاثة اصوات متمايزة تركت تأثيرات قوية على الرواية الفلسطينية المعاصرة، التي استفادت من البعد الانساني والكفاحي في تجلياته المختلفة لدى غسان كنفاني، وتجريبيته التي لاحظناها في العديد من أعماله، ونهلت – أي الرواية – من أدب إميل حبيبي، الساخر اللاذع الجارح، المنشطر الهوية، المشرد، المقيم، اللاجئ، الفلسطيني، الاسرائيلي. وبحثت مع جبرا عن الهوية الضائعة، واستفادت من تأثره بالثقافة الغربية والارث الطويل للرواية الكلاسيكية في الغرب، وأساليب الرواية المعاصرة أيضاً. وكذلك في تعبير ثلاثتهم عن المأساة الفلسطينية المعاصرة. لقد أصبح هذا كله إرثاً للراوئيين الفلسطينيين الذين استفادوا منه حتى في تشكيل أصواتهم التي بتنا نسمعها من خلال قراءة أعمالهم».

وعن سؤال ماذا تظل «القضية الفلسطينية» وما تبعها من أمور، مثل سؤال الهوية أو العامل الجغرافي القائم على حقيقة الشتات.. إلى متى ستظل محوراً أساسياً للسرد الفلسطيني، قال الحائز على البوكر «هذا يشبه سؤال التركي أورهان باموك لماذا رواياتك تركية؟ ولماذا كتبت عن اسطنبول! أو سؤال خالد حسيني لماذا لا يخرج من ثوب أفغانستان، والحقبة السوفياتية، وطالبان، حتى بعد أن صار أميركيا ويكتب بالانكليزية!، ثم إن الفلسطيني لن يكتب عن «الحرافيش» الذين لم يلتقِ بهم أبداً. والرواية الفلسطينية بكل اتجاهاتها، هي تلاوين على واقع سماته النكبة، والتشريد، والمنافي والمخيمات، وضياع الهوية، والحروب، والمصائب، التي شكلت بمجملها مواضيع غنية لها. لكن علينا ان نلحظ أيضاً، ان الرواية الفلسطينية بما هي انسانية في جوهرها وتوجهها العام، تعاملت مع ثيمات يشترك فيها كل النتاج العالمي في الرواية: الحب، الكراهية، والعار، والبطولة، والكفاح، والصبر. في واحدة محاولات غسان كنفاني التجريبية، ذهب الى الرواية البوليسية وكتب «من قتل ليلى الحايك». لكن روايته دفنت، حتى لم تعد تذكر بين أعماله. وفي المقابل، حين كتب الروائي البريطاني مات ريس روايات بوليسية، تدور أحداثها في الضفة العربية وقطاع غزة، لم يخرج عن الاطار «الفلسطيني»، وكانت مادته: الفصائل الفلسطينية، والاحتلال، والخيانة، والعملاء، وكتائب الأقصى، والجريمة، والفساد، والمحاكم، والقيادات الفلسطينية، ومدارس الآونروا..الخ. لقد كتب مثلنا حقاً، باستثناء استعارة النمط البوليسي».

وردا على السؤال المتكرر «لماذا أنت مقلّ في إصداراتك الروائية؟»، قال ربعي المدهون «لقد أخذتني حياتي في دهاليز ومنافٍ متعددة ومتنوعة، أفادت تجربتي وأغنتها من جهة، لكنها شكّلتي وفقاً لمتطلباتها من جهة أخرى. بطبيعتي، حافظت في كل مراحل إنتاجي، في ميادين الكتابة، على الاخلاص للنوع وليس للكم: خرجت من عالم القصة القصيرة حين لم أستطع تجاوز مجموعتي الأولى «أبله خان يونس» (1977). وتوقفت عن البحث، بعد مغادرتي «مركز الابحاث الفلسطيني» عام 1993. وعن الكتابة السياسية أيضاً (رأي، تحليل اخباري، ظهور على فضائيات..الخ)، حين أدركت ان لا جديد لدي أقدمه ولا إضافات. ربما كانت تلك الاسباب كلها وراء قلة الانتاج، لكني حين دخلت عالم الرواية، أخذت معي أفضل ما في تلك التجارب من تقنيات وخبرة. وأعتقد أن القليل الذي تحقق كثيرٌ بقيمته».

أما عن المشهد الروائي العربي في ظل الغزارة الكمّية في الإصدارات، يرى المدهون أنه «حراك جميل ومبشر، تسودة «فوضى إبداعية»، سوف تهدأ بعد سنوات، وتكون قد أنتجت قارئاً قادراً على تصفية حساباته معها.»

 

لقراءة الرواية:
http://www.elbookar.com/2016/03/PDF-Download-msa2er.html

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]