قراءة في قمة هلسنكي: مؤشرات عودة النظام العالمى ثنائى القطبية !!

اختُتمت القمة التاريخية التي جمعت للمرة الأولى بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي، وبدأت التوقعات حول النتائج المرتقبة على الصعيد الدولي، وهل تقتصر النتائج على فتح الطريق نحو الصداقة والسلام في العالم ، بحسب تعبير الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أم  تدشن مرحلة جديدة  باستعادة نظام «ثنائى القطبية» تقوده واشنطن وموسكو؟ ويرى محللون روس، أن مجرد انعقاد القمة هو «اعتراف غير رسمى بروسيا كقوة عظمى، بعد أن  كان الغرب يعتزم عزل الكرملين على الساحة الدولية، من خلال فرض عقوبات على روسيا تم تشديدها تدريجيا».

 

 

 

 

  • القمة التي انتهت بإشادات متبادلة بنجاحها، بين الرئيسين ترامب وبوتين، رغم إقرارهما بمشكلات كثيرة «سيعملان على حلها»، وأنها قمة «النقاط المؤلمة»، بحسب وصف الرئيس الروسي بوتين، فى إشارة إلى كثرة القضايا الخلافية بين البلدين، مثل أزمات سوريا وأوكرانيا وإيران، إلا أن القمة كشفت عن مؤشرات توافق بينهما للتنسيق حول قضايا العالم،  كـ «قطبي العالم»، الأمر الذي أشار إليه الرئيس ترامب بقوله: إنه «آن الأوان لإجراء محادثات جوهرية حول نزاعات العالم، وأن الحوار البناء بين روسيا وأمريكا يفتح طرقا جديدة للحوار والاستقرار في عالمنا»، ويرى سياسيون في لندن وباريس، أن تعبير الرئيس الأمريكي، يشير إلى بدء مرحلة جديدة لإدارة العالم بنظام «ثنائي القطبية».

 

 

وتوجه «ترامب» للتنسيق مع روسيا وصل إلى درجة تأكيده على أن «تخلى روسيا عن شبه جزيرة القرم ليس شرطا لتحسين العلاقات معها»، ولم يستبعد ترامب الاعتراف بضم القرم إلى روسيا، ونقل عنه قوله «بما أن سكان القرم يتحدثون الروسية فهم روس».. وقبل ساعات من أول قمة له مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين، قال الرئيس ترامب، إن «الحمق الأمريكي» هو السبب فى تدهور العلاقات بين واشنطن وموسكو.. وفى محاولة لتهدئة الخلافات بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، ، اعتبر ترامب أنه لا يرى سببا للقول إن روسيا وراء التدخل فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية التى جاءت به إلى السلطة، غير أن بوتين قال من جانبه «نعم، كنا نريد فوز ترامب فى الانتخابات الأخيرة»..

 

 

  • وهناك أيضا الحرص الذى أبداه الرئيس ترامب على إعادة دمج روسيا فى مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، ومفاجأة شركائه فى هذه المجموعة بهذا الطلب خلال قمتهم الأخيرة فى كندا، وكأن هذا يعنى أن ترامب لا يعطى أهمية لرأى هؤلاء الشركاء فى هذا الأمر..وجاءت الإشارة الرمزية لعودة «القطبية الثنائية» لإدارة أحداث الكرة الأرضية، حين علق  الرئيس بوتين مازحاً على تصريحات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بأن «كرة التسوية» في سورية تبقى في ملعب روسيا، قائلاً: «في ما يتعلق بكون كرة سورية في ملعبنا، قال السيد الرئيس (ترامب) إننا نجحنا في استضافة كأس العالم لكرة القدم. وأريد أن أقدم هذه الكرة له، فهي الآن في ملعبه»، وأخذ ترامب الكرة من يدي بوتين، وهو يبتسم وقال: «صحيح، علينا استضافة المونديال، ونأمل بأن ننجح نحن أيضاً في ذلك».

 

 

 

  • وإذا كان البعض يرى، أن قمة هلسنكى ربما تكون خطوة مهمة فى استعادة النظام ثنائى القطبية تقوده واشنطن وموسكو.. فهل ينجح ترامب وبوتين فى استعادة النظام العالمى ثنائى القطبية الذى ظل يحكم العالم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وطوال سنوات الحرب الباردة وحتى سقوط الاتحاد السوفيتى ومعه المنظومة الشيوعية ومنظمة حلف وارسو عام 1991؟

 

 

  • من الواضح أن  الرئيس الأمريكي ترامب أضحى أكثر استعدادا للتضحية بالحليف الأوروبى التاريخى لبلاده مقابل كسب روسيا كشريك محتمل، بحسب تحليل الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، د. محمد السعيد إدريس، وأن المؤشر لإستعادة نظام القطبية الثنائية، يتمثل فى حرص ترامب على تفكيك الاتحاد الأوروبى وإضعافه وتنحيته كشريك فى مقدوره أن ينافس على الزعامة الدولية، والحرص على إعادة فرض علاقات التبعية السابقة التى سادت علاقات واشنطن بدول الاتحاد الأوروبى فى سنوات الحرب الباردة، عندما كانت الولايات المتحدة تتولى مهمة الدفاع عن أوروبا أمام التهديد السوفيتى المحتمل.

 

 

  • وأن المبرر الثاني، لاحتمال عودة نظام الثنائية القطبية يتمثل فى الحرص الأمريكى على توظيف قمة هلسنكى لتحقيق شراكة أمريكية ـ روسية على حساب الشراكة الصينية ـ الروسية هدفها إبعاد الصين تماما عن المنافسة على الزعامة الدولية، وأن الرئيس ترامب يأخذ هنا بنصيحة شيخ الدبلوماسية الأمريكية «هنرى كيسنجر»، فكما نصح كيسنجر الرئيس الأمريكى الأسبق ريتشارد نيكسون فى أوائل السبعينيات من القرن الماضى بأن يتقارب مع الصين ليوازن علاقته مع الاتحاد السوفيتى السابق، فإنه نصح ترامب بأن يتقارب مع روسيا ليواجه التمدد الصيني.

 

 

 

  • ولكن هناك ما يتعرض تلك المؤشرات والمبررات لإستعادة نظام القطبية الثنائية، فعلى المستوى الأمريكى يوجد انقسام حاد على العلاقة مع روسيا، وهناك تيار قوى خارج الإدارة وموجود بقوة فى الكونجرس وخارجه مازال يعتبر روسيا «عدوا إستراتيجيا»، وكانت هناك دعوات أمريكية تطالب ترامب بإلغاء قمته مع بوتين .. أما على المستوى الأوروبى فإن أوروبا، على ما يبدو، لن ترضخ للضغوط الأمريكية، وقد رفع وزير الخارجية الألمانى هايكو ماس شعار «أوروبا الموحدة» لمواجهة شعار ترامب «أمريكا أولاً»، ثم عاد ليؤكد قوله «لسنا أسرى لروسيا أو أمريكا، نحن نتخذ قراراتنا الحرة السيادية بشأن ميزانيتنا وإمدادات الطاقة الخاصة بنا»، وهو توجه يحمل ملامح بلورة وعى أوروبى أكثر استقلالية عن أمريكا وأكثر رغبة فى الوجود القوى على الساحة الدولية.

 

 

ويؤكد د. إدريس، أن موسكو وبكين تدركان أنهما تخضعان إلى تصنيف إستراتيجى أمريكى باعتبارهما «المصدر الأول للتهديد»، كما أكدته «إستراتيجية الأمن القومى الأمريكية» الجديدة. وتعد الحرب التجارية الحالية التى تشنها أمريكا على روسيا والصين أحد أبرز انعكاسات هذه الإستراتيجية، وأن ما بين روسيا والصين من أسس متينة للتعاون الإستراتيجى، توفر حصانة كاملة أمام أى محاولات أمريكية لتفكيك تحالفهما.

 

  • وما سبق قد ينفى أى فرصة أمام قمة هلنسكى للعودة إلى نظام الثنائية القطبية على حساب طموح التعددية القطبية حتى وإن كان مازال طموحا، ولكنه طموح مشروع.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]