قيادات «إخوان تونس» تقفز من سفينة «حركة النهضة» قبل الغرق
بعد ساعات من قرارات الرئيس التونسي، قيس سعيد، يوم الأحد، الخامس والعشرين من يوليو/ تموز، التي وصفت بأنها ثورة تصحيح لثورة الياسمين قبل عشر سنوات، وتطهير البلاد من وصاية ونفوذ وهيمنة حركة النهضة الإخوانية، بتجميد عمل البرلمان وإقالة حكومة المشيشي ورفع الحصانة عن البرلمانيين ووضع قواعد لاجتثاث الفساد. ومع فشل محاولات زعيم حركة النهضة ، راشد الغنوشي، تأليب وحشد الشارع التونسي ضد قرارات الرئيس سعيد.. بادرت قيادات بارزة من «إخوان تونس» بالقفز من سفينة حركة النهضة قبل إغراقها، والاعتراف صراحة بأخطاء الحركة الإخوانية التي تسببت في تدهور أحوال البلاد وانهيار القطاعات الاقتصادية وانهيار المنظومة الصحية، وسرقة مقدرات تونس!
- وقال النائب والقيادي في حركة النهضة، سمير ديلو، المطلوب من النّهضة أن تعترف بنصيبها الكبير من المسؤوليّة في ما آلت إليه الأوضاع ، وأن تبادر بإجراءات وقرارات عميقة وجريئة، وشدد على أنه أصبح من الضّروري أن تقوم الحركة بمراجعة وتحديث المؤسِّسات وعدم الاكتفاء بإعادة ترتيبها،
داخل حركة النّهضة «الإخوانية»، تفاعل متواصل بين مواقف تدعو لاستخلاص العبرة – بشكل عاقل وجريء – ممّا حصل يوم 25 يوليو/ تموز، من مظاهرات غاضبة استهدفت كامل المنظومة السّياسيّة (وعلى رأسها حركة النّهضة) ومظاهر الفرح والتّرحيب الواسع التي أعقبت إجراءات رئيس الجمهوريّة، وبين من يصرّون على أنّ اللّحظة لحظة صمود وتنسيق مع «رافضي الانقلاب».
مطالبة النهضة الاعتراف بأخطائها
ويؤكد النائب والقيادي في حركة النهضة، سمير ديلو، أنّ المطلوب من حركة النّهضة حاليّا – إذا كانت قيادتها التّنفيذيّة واعية فعلا بما يدور حولها – ليس الدفاع عن موقعها، بل أن تعترف بنصيبها الكبير من المسؤوليّة في ما آلت إليه الأوضاع وأن تبادر بإجراءات وقرارات عميقة وجريئة وصادقة، تطال خياراتها وسياساتها ومؤسّساتها وشخصيّاتها الفاعلة في مشهد ما قبل 25 يوليو/ تموز.
تصدعات وخلافات داخل النهضة
ويرى القيادي الإخواني، أن الاختلافات داخل حركة النّهضة ليست جديدة ولم تبدأ مع قرارات رئيس الجمهوريّة بل مع الوضع الذي ساهم في الوصول إليها و موجّهات الأداء السّياسي في التّعامل مع بقيّة الفاعلين وخاصّة التّعامل مع رئيس الجمهوريّة، بين من يدعون إلى التّعامل الإيجابيّ والبنّاء واحترام المؤسّسات ومن يمثّلونها وبعض الذين اختاروا – ولا يزال بعضهم مصرّا على ذلك – التّصعيد والاستهداف ممّا أذهب الثّقة ووتّر الأجواء، وسمّم العلاقات.
- وطالب القيادي بحركة النهضة، بحسن قراءة المشهد بواقعيّة، وتجنّب حالة الإنكار التي قد تؤدّي إلى عدم الاعتراف بالمسؤوليّة وإلقائها على الآخرين ، وإذا كانت «النهضة» في عزلة، فإن ذلك لا يمنعها من إبداء ما يكفي من الحكمة للمساهمة في تفادي الأسوأ بعد أن فشلت في إبداء ما يكفي لمنع ما حصل.
التغول في مفاصل الدولة
لقد انتهت النهضة التي عرفناها بعد 2011، النهضة التي انتقلت من جبهة الجهاد ضد الدولة الوطنية لإسقاطها وتدميرها وإقامة دولة الخلافة كما قال الأمين العام السابق حمادي الجبالي، الى جبهة الجهاد من أجل التغوّل في مفاصل هذه الدولة الوطنية والظفر بغنائمها تحت لافتة الاسلام الديمقراطي، وكان الفشل الذريع أولا في تحقيق التونسة والفصل بين الدعوي والسياسي والقطع مع الإخوان المسلمين، وثانيا في بناء الديمقراطية وتحقيق استحقاقات الثورة المتصلة بالعدالة الاجتماعية والانتصار للحرية والكرامة.
- نهاية النهضة تؤكدها اعترافات قادتها ـ صقورا وحمائم ـ وخصوصا السجنيين وأبناء المحرقة التي تسبب فيها الشيخ المؤسس راشد الغنوشي وأدارها بالأزرار من الخارج.
النهضة تلقت رسائل الشعب
وحين يقول القيادي الإخواني «سمير ديلو»، إنه يشعر بالقهر، ويشدّد على ضرورة أن يعرف قادة التنظيم حجمه بعد 25 يوليو/ تموز2021 وأن يتساءلوا لماذا تمّ حرق مقراته فقط في كامل تراب الجمهورية فهو يكشف أنه ثمة وعي داخلي بهول ما حدث ويعزوه الى الشيخ الغنوشي الذي لا يستمع الى أصوات مخالفيه، وهم كثر الآن، ويزدادون عددا، بحسب الكاتب والمحلل السياسي التونسي، مراد علالة، موضحا، أنه في سابقة هي الأولى من نوعها، يتكلم «على العريض»ـ وزير الداخلية الأسبق ورئيس الحكومة الأسبق والنائب الأول لرئيس حركة النهضة ـ بنبرة مختلفة موازية لنبرة الشيخ والمقرّبين منه ويعترف بان النهضة تلقّت رسائل الشعب واستخلصت الدروس والعبر ويضيف على صفحته الخاصة، أن النهضة «ستراجع وتصوّب أخطاءها وتعالجها بصدق وأمانة»
- وغير بعيد عن هذا «التواضع في الاعتراف بالفشل » يكشف القيادي الشاب محمد خليل البرعومي، المكلف بالإعلام في الحركة، بأن النهضة تحتاج إلى وقفة تأمل ومراجعة حقيقية وجدية.
الإقرار بتحمّل حركة النهضة المسؤولية
ومن جانبه، قال النائب عن حركة النهضة، محمد القوماني، إنه لابد من الإقرار بتحمّل حركة النهضة جزءا هاما من مسؤولية، إنه «لا بدّ من الإقرار بتحمّل حركة النهضة جزءا هاما من مسؤولية الحكم ومسؤولية ما انتهت إليه الأوضاع من تردّ على أكثر من صعيد». وطالب القوماني في تدوينة له نشرها أمس على حسابه في الفيس بوك تحت عنوان «مرحلة جديدة.. وبعد؟»، بضرورة «الاعتراف بارتكاب أخطاء».
وحتى الوافدون الجدد على التنظيم ساءهم ما حلّ به، ويقرّ القيادي بحركة النهضة، محمد القوماني، بأنه على قيادة النهضة المسارعة الاعتذار للشعب الذي منحها أكثر من فرصة.
