قادت اتصالات وتدخلات رؤساء دول، إلى نجاح منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط (أوبك) للتوصل لاتفاق بشأن تخفيض إنتاج مساء الأربعاء الماضي في العاصمة الجزائر، وجاء القرار مفاجئاً خاصة في ظل الخلاف السعوي الإيراني، بعد رفض طهران قبل الاجتماع التنازل عن خفض إنتاجها من النفط، وهو الشرط الذي وضعته الرياض للموافقة على خفضها إنتاجها في المقابل.
لكن على عكس التصورات التي سبقت الاجتماع، تتوصل المجتمعون في الجزائر إلى أتفاق بخض إنتاخ خام النفط ، ليقود الأسعار للارتفاع، تجاوز 6% بعد أن كان مهدداً بالانهيار.
وجاء التغير في الموقف الإيراني والسعودي، نتيجة لتدخلات سياسية عبر تدخلات من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة التي قام باتصالات مع مسؤولين إيرانيين لإقناعهم بخفض الإنتاج.
تدخل بوتفليقة
ونقلت صحيفة «الشروق » الجزائرية، كواليس ما دار من الاجتماع المسائي لـ «أوبك» لتكشف أن الاجتماع امتد لأكثر من سبع ساعات بقاعة المؤتمرات عبد اللطيف رحال، بعدما كان مقرر إنهاؤه في ظرف ساعتين».
وقالت الصحيفة إن «كواليس داخلية جعلت الاجتماع يستمر إلى التاسعة والنصف ليلا من الأربعاء الأخير، وتمكنت القرارات المتخذة من رفع سعر برميل النفط إلى حدود 50 دولارا أمس، بعدما كان مهددا بالانهيار إلى أقل من 45 دولارا في حال فشل اجتماع الجزائر».
وحسبما أكدته مصادر متطابقة، كان أصعب ما لغّم لقاء الجزائر، هو موقف إيران التي رفضت في البداية بكافة الأشكال التنازل عن حصتها، حيث تدخل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة شخصيا واتصل بالسلطات الإيرانية، لإقناعها بضرورة الموافقة على حل وسط، مستغلا العلاقات الدبلوماسية الحسنة بين الجزائر وإيران.
وهو ما جعل الطرف الإيراني يتنازل جزئيا ويميل إلى الاتفاق مع السعودية أيضا، ويخفض حصته من 4.1 إلى 3.8 مليون برميل، بفارق يعادل 150 ألف برميل، مقارنة مع ما كانت تنتظره الجزائر، وتحقيق نوع من المرونة في موقف السعودية التي رفضت في البداية تخفيض إنتاجها بنصف مليون برميل، إلا بتنازل إيران عن جزء من حصتها، وبلوغها 3.6 مليون برميل.
واستبقت الحكومة اجتماع الجزائر غير الرسمي، بلقاءات ثنائية بين الوزير الأول عبد المالك سلال ووزراء طاقة إيران والسعودية وروسيا قبل مغادرته الجزائر، واستمرت لقاءات الوزير الأول في أول أيام منتدى الطاقة الدولي الخامس عشر إلى غاية الثانية صباحا في محاولات سريعة لإحداث التوافق بين الدول متباينة المواقف.
موافقة إيران لحل وسط
وجاء في كواليس الاجتماع، إنه في حدود الساعة الثالثة بعد زوال يوم الأربعاء، دخل كافة وزراء الأوبك قاعة الاجتماع، حيث جلس الوزير نور الدين بوطرفة إلى يمين رئيس المنظمة القطري محمد السادة والأمين العام النيجيري محمد بيركاندو، وجلس وزراء السعودية وإيران إلى الطاولة المستديرة بشكل متقابل، حيث كان إلى يمين المسؤول القطري وزراء السعودية والإمارات وفنزويلا ونيجيريا، ثم في الجهة الأخرى وزراء إيران وليبيا والكويت وأندونيسيا والجابون والإكوادور والعراق.
وافتتح الجلسة بوطرفة الذي تحدث باللغة الإنجليزية، قائلا إن الاجتماع يجب أن يخرج بقرار، ولن يتم إنهاؤه من دون ذلك، ليعترف بعده رئيس المنظمة القطري محمد السادة، بالوضع المزري الذي تعيشه سوق النفط وضرورة الوصول إلى حل، قبل أن تنطلق الجلسات المغلقة والكواليس داخل القاعة، ولاحت بوادر مفرحة قبل اللقاء بقصر المؤتمرات، تقول إن إيران وافقت على حل وسط، بعد تدخل الرئيس الجزائري.
تغريدة للوزير السعودي
واستغرق المجتمعون ما يزيد عن ساعتين أي من السابعة مساء إلى التاسعة لإقناع الدول المشاركة بضرورة جعل اجتماع الجزائر رسميا، وقراراته ملزمة، في حين أن الطرف الجزائري ممثلا في بوطرفة، ناضل خلال اللقاء لمنح امتيازات تفضيلية لليبيا التي عادت للتو لتسويق نفطها، بسبب الظروف الأمنية الصعبة، في حين لجأ الوزير السعودي إلى التغريد عبر تويتر ساعتين قبل نهاية الاجتماع، مبلغا ببوادر انفراج الأزمة وتحقيق الاستقرار، وهو ما رفع سعر البرميل في ظرف 7 ساعات بـ6 دولارات.
وطلب بوطرفة تخفيض الإنتاج بأكثر من 750 ألف برميل، خاصة أن هذه الكمية لا تمثل سوى ثلث الإنتاج الزائد، إلا أنه كان من الصعب إقناع كافة الأطراف بتخفيض أكثر، ويتعلق الأمر بإيران والسعودية التي ترفض تقليص إنتاجها لأكثر من نصف مليون برميل، مع ضرورة منح صيغ تفضيلية للدول الأخرى، على غرار ليبيا ونيجيريا والعراق.
