قبيل نهاية 2014 هددت كوريا الشمالية بنسف البيت الأبيض، ردا على تصريحات الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، بوضع النظام في بيونجيانج على قوائم الإرهاب، إلا أنه لم يكن التهديد الأول أو الأخير في تاريخ العلاقات بين البلدين، فطالما كان النظام الأشد قسوة وديكتاتورية في العالم محل انتقادات عالمية بشكل عام وأمريكية بشكل خاص.
وعلى الرغم من أن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون يعتبر مصدرا مضحكا للأخبار، التي تتندر بها وسائل الإعلام العالمية، إلا أنه زعيم أكبر جيش في العالم يبلغ قوامه 7.7 ملايين جندي.
كان الحادث الأشهر والأقرب تاريخيا لليوم، هو اتهام واشنطن لبيونجيانج بقرصنة إلكترونية ضخمة لتسريب فيلم «the interview» أو المقابلة من إنتاج شركة «سوني بيكتشرز» الأمريكية ويروي أحداثا كوميدية لفريق من وكالة الاستخبارات الأمريكية لاغتيال كيم جونج أون زعيم كوريا الشمالية، وظل الفيلم حبيس الأدراج بسبب تهديدات أون الصريحة للولايات المتحدة بشكل كامل، إلا أن الشركة تحدت ذلك وأعلنت قرارها بعرضه في ديسمبر/ كانون الأول 2014، إلا أن تسريبه ألحق خسائر فادحة بالشركة واتهم أوباما نظام أون بأعمال قرصنة وإرهاب.
وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، قال في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2014، إن اختراق بيانات شركة سوني بيكتشرز محاولة «وقحة» لقمع الحريات من قبل نظام «معزول» عالميا، مشيرا إلى أن كوريا الشمالية تشن هجمات إلكترونية دون مراعاة للمعايير الدولية لإلحاق الضرر الاقتصادي وقمع حرية التعبير عبر الفضاء الإلكتروني.
تلقت كوريا الشمالية انتقادات واسعة حول العالم بعد تجارب نووية كشفت النقاب لأول مرة عن امتلاكها لأسلحة دمار شامل أجرتها في فبراير/ شباط 2013 أثارت حفيظة دول عدة على رأسها الولايات المتحدة التي لم يعد تهديدها بصواريخ عادية كما كان في السابق.
في 19 مارس/ آذار 2013 نشرت قنوات كورية مقطع فيديو لكيفية تفجير صواريخها العابرة للقارات للبيت الأبيض وألحقته بفيديو آخر لضرب أهداف أخرى في جزر هاواي وولايتي كاليفورنيا وكولورادو، وأثار المقطعان ضجة غير مسبوقة حول العالم.
ويعد حلفاء كوريا الشمالية قليلين جدا على رأسهم روسيا والصين وإيران وكوبا، إلا أن الأخيرة تخلت عنها بعدما أكدت اليوم تطويرها الناجح لأول قنبلة هيدروجينية نووية تفوق قدراتها القنبلة النووية الانشطارية، في الوقت الذي أرسلت موسكو دعوة رسمية لكيم جونج أون لحضور احتفالات الذكرى السبعين لانتصار السوفييت على النازيين التي أقيمت في 9 مايو/آيار الماضي، إلا أن أون ألغى زيارته قبل ساعات من الاحتفالات، بينما شهدت العلاقات الأمريكية مع كوبا تقدما قد يفضي إلى تخليها هي الأخرى عن بيونجيانج.
وبحسب وكالات أنباء عالمية، فإن ديون بيونجيانج المستحقة لروسيا بلغت نحو 11 مليار دولار عام 2014، وتعود العلاقات بينهما إلى عهد الاتحاد السوفيتي، إلا أنها ضعفت قليلا ثم عادت إليها بعض القوة منذ 2011.
وتبقى العلاقات الثنائية مع إيران معادلة صعبة في ظل تسوية برنامج طهران النووي مع الدول الكبرى، فكوريا الشمالية هي مصدر الرؤوس النووية التي طورتها إيران لامتلاك قوة نووية أجبرت واشنطن بعد عقود من العمليات الاستخباراتية لإبرام الاتفاق مطلع يوليو/تموز 2015 والذي أحدث شرخا في علاقات تاريخية بين أمريكا وحليفتها إسرائيل.
بنت إيران علاقات قوية بنظام كوريا الشمالية الديكتاتوري بعد نجاح الثورة الإسلامية في الوصول للحكم بعشر سنوات فقط، وكان العلماء الذين بنوا قدراتها العسكرية في البداية من بيونجيانج وكانوا يعملون في منشآت تطوير الصواريخ الباليستية، وبحسب مؤرخين فإن كوريا الشمالية باعت أسلحة محظورة دوليا لطهران إبان حرب الخليج الأولى مع العراق عام 1980.
وأثبتت العمليات الاستخباراتية الأمريكية والإسرائيلية أن بدء تطوير السلاح النووي الإيراني جاء بأدوات وعلماء من كوريا الشمالية التي بدأت تخصيب اليورانيوم في منشآت خصصتها طهران لذلك في أنحاء نائية في البلاد مهدت لما يعرف بموقع آراك النووي، وأشارت صحف عالمية إلى أن بيونجيانج هي مصدر توريد المواد النووية الأول لإيران حتى بعد إبرام الاتفاق النووي.
وكادت بيونجيانج أن تنجح في بناء أول مفاعل نووي في سوريا أيضا بعدما أبرمت معها اتفاقا عام 2002 لإنتاج البلوتونيوم المشع سرا في أحد المفاعلات التي بدأت بالفعل في إنشائها شرق البلاد وتحديدا في دير الزور وهو ما كشفته الاستخبارات الإسرائيلية وبعد اجتماع في البيت الأبيض عام 2007 قررت إسرائيل تدميره بقصف جوي وهو ما حدث بالفعل.
ووصفت الاستخبارات الإسرائيلية المفاعل بأنه نسخة من شبيه له في كوريا الشمالية، وكان نظام الرئيس بشار الأسد يحاول إخفاءه عن العالم وبعد تدميره قامت الجرافات بمحو مكانه بالكامل، حسبما قال الدبلوماسي إليوت إبرامز نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش في كتابه: «اختبار صهيون: إدارة بوش والصراع الإسرائيلي – الفلسطيني» الصادر عام 2013.
