لبنان على عتبة ثورة الجياع.. والجيش يستعد لمواجهة السيناريوهات الأسوأ
تزايدت المخاوف في لبنان، من ثورة جياع، بدأت تدق الأبواب، مع وقف الدعم للمواد الأساسية والضرورية من غذاء ودواء.. وتؤكد الدوائر السياسية في بيروت، أن لبنان غرق في وحل أزمة مستعصية، ومخيفة ومميتة، على حدّ تعبير الدكتور سليمان هارون نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة، الذي وصف الوضع الطبي وفقدان الأدوية من الصيدليات بالدخول في «جهنم طبي» لا نعرف كيفية الخروج منها..وبينما وصف مصرف لبنان ما يجري «بالمعضلة الإنسانية والمالية المتفاقمة، وأن الأدوية وباقي المستلزمات مفقود في الصيدليات والمستشفيات».
الارتطام الكبير
«الواقع المتردي» في لبنان دفع بتساؤلات عدة تدور حول السيناريوهات المرتقبة للبلاد في لحظة ما بات يعرف بـ«الارتطام الكبير»، ولكن لا إجابات يمكنها أن تخفف من حجم القلق في ظل تنامي الضائقة المعيشية واتساع رقعتها وترافقها مع عتمة مرشحة للازدياد (أزمة الكهرباء) وانعكاسها السلبي على كثير من الخدمات الضرورية وسط الانهيار المتمادي لليرة مقابل العملة الصعبة والذي تجاوز أمس عتبة الـ 13 الف ليرة للدولار الواحد.
وباتت الأزمة المعيشية تضغط على الجميع، بحيث أضحى التوتر مسيطراً على الناس، ومهيأة للانفعال على أي حدث صغيراً كان أم كبيراً، بحسب صحيفة اللواء اللبنانية، وبالتالي، فإن القوى الأمنية كان عليها أن تضع سيناريوهات للتعامل مع الاحتمالات الأسوأ إذا ما أطلت برأسها. وكان لا بد أولاً من تثبيت وضع القوى الأمنية ولا سيما على مستوى الجيش اللبناني كي يكون حاضراً إذا انفلتت الأمور.
الرهان على الجيش اللبناني
وتشير الصحيفة اللبنانية، نقلا عن مصادر أمنية، إلى جهوزية الجيش للحفاظ على الأمن والتعامل مع تحديات حراك الشارع من جهة، والمهام الجديدة والمسؤولية التي ألقيت على عاتقه سواء من الداخل أو الخارج، وبات الرهان قائما على الجيش. وتؤكد المصادر اللبنانية، أن هناك ثمة إصرارًا من قبل الجيش والقوى الأمنية على حصر أي إشكال في مكانه وزمانه، مع الحرص على عدم السماح بتفاعلات شعبية متنقلة، وهناك قرارًا على مستوًى أمني عالٍ بمنع جرّ البلاد إلى حرب أهلية جديدة، والعمل بقوة على الحؤول دون الإنجراف في تيارات غير مستحبة.
لبنان يتجه إلى مرحلة أصعب
وتقول أوساط دبلوماسية إن هناك عملية رصد دقيقة تتم لعدم سقوط البلاد في الفوضى، بحيث تتفشى عصابات السرقة والخطف والقتل بما يعني فقدان أبسط الضوابط الأمنية والتحول نحو شريعة الغاب. هذه التحديات يتوقف عندها مرجع أمني بكثير من الواقعية، ويقول لصحيفة اللواء اللبنانية: إن المعطيات المتوافرة تشي بأننا نتجه إلى مرحلة أصعب مما نحن عليه اليوم.
فرنسا تنتقل للخطة «ب» بدعم الجيش حفاظا على الاستقرار
بينما أكدت مصادر مطلعة لصحيفة «الديار» اللبنانية، ان الاهتمام بالجيش اللبناني لطالما كان أولوية دولية وخاصة لواشنطن، أما اليوم انتقل من أولوية أمريكية إلى أولوية خارجية أوروبية وتحديدا فرنسا. والسبب الذي يكمن وراء الدعم الفرنسي للجيش اللبناني هو اهتمامها اليوم بالشأن اللبناني أكثر من أي وقت مضى، وهي سعت جاهدة الى تشكيل حكومة في لبنان غير أن مبادرتها التي كانت من ضمن خطتها «أ» لم تنجح، ولذلك انتقلت الى خطة «ب» وهي الحفاظ ودعم المؤسسة العسكرية اللبنانية كما القوى الامنية لعدم زعزعة الاستقرار في لبنان.
ومن هنا جاء ضوء أخضر خارجي لتأمين كل مستلزمات الدعم للجيش والقوى الامنية من أجل ان يتمكن من عبور هذه المرحلة الصعبة المالية والاجتماعية والاقتصادية، خاصة ان لبنان سيبقى مضبوطا امنيا ولكن مشلولا سياسيا إلى أن تتشكل حكومة تنفذ اصلاحات طلبتها فرنسا ودول اخرى.
الحكومة أولا لوضع لبنان على سكة التعافي
ويشدّد بعض المتعاطين بالملف اللبناني على أن لبنان يحتاج حاليًا إلى حكومة وليس إلى أي شيء آخر، وذلك من أجل الإسراع في فرملة الإنهيار الشامل، والانتقال فورًا ومن دون مماطلة وتسويف إلى مرحلة الإنعاش، وذلك عبر خطوات سريعة ومتسارعة لوضع لبنان على سكة التعافي، بحسب تعبير المحلل السياسي اللبناني، أندريه قصاص، والمباشرة بخطوات إصلاحية مبرمجة وفق خطة واضحة المعالم ومحدّدة الأهداف، وذلك بالتزامن مع بدء مفاوضات جدّية ومجدية مع صندوق النقد الدولي، وتفعيل مفاوضات ترسيم الحدود بما يتوافق والمصلحة اللبنانية.
إحياء ملف تشكيل الحكومة
ومن جهة أخرى، كشفت مصادر سياسية مطلعة، أن هناك مناخا يتم إعداده في ملف تشكيل الحكومة، وأن الجو أصبح أفضل مع الطلب من الحريري جديا تقديم تشكيلة جديدة سواء من قبل رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، الملزم بتطبيق موقف مجلس النواب، أو من البطريرك الماروني بشارة الراعي وهو الطرف الآخر من الوساطة..وهناك رغبة من البطريرك بالإسراع في تشكيل الحكومة، إذ يكفي ما مر من وقت ولا بد من تقديم لائحة وزارية جديدة مستحدثة وتراعي المعايير المطلوبة في التشكيل ويتم التداول بها بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف.
ترقب موقف الحريري
وأوضحت المصادر، إذا كانت المحركات انطلقت للبدء في عملية تشكيل الحكومة، فإن الموضوع بكامله مرتبط بالموقف الذي يتخذه سعد الحريري، فإذا طلب لقاء الرئيس عون وتناقشا في إجراءات التفاهم على الحكومة وتركيبتها فإن ذلك يعني أن الملف قد شهد الإنطلاقة المتوخاة..أما إذا بقي مصرا على موقفه ورفض بالتالي أن يكون لرئيس الجمهورية التمثيل المسيحي إلى جانب المردة والطاشناق داخل الحكومة، فإن ذلك يعني عودة العراقيل.
