ينتهي عهد الرئيس اللبناني، ميشال عون، على واحدة من أسوأ الأزمات المالية التي تناقض ما وعد به في خطاب القسم بعد انتخابه، ويعتبر مناصروه أن ظروفًا خارجة عن إرادته عاكسته كتفجير مرفأ بيروت ووباء كورونا إضافة إلى مريديه في الداخل، لكن وعلى الرغم من ذلك لم يخل عهده من الإنجازات.
قال عضو في تكتل لبنان القوي، النائب إدجار طرابلسي، إن عون بدأ ينهض بلبنان من الذي أوصله إلى منظومة الفساد متعدد الأطراف من سياسيين ومصرفيين، ورأى أن عون يكلل عهده بنجاح مدوٍ كتحرير الجبال من الإرهابيين وباتفاقية الترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل والاستخراج، وهو ما اعتبر أنه يعد بمستقبل أفضل.
فيما لا ينسب معارضو عون إنجاز الترسيم له، وبرأيهم حققته مصالح خارجية تحت وطأة ضغوط حرب أوكرانيا.
ويرى هؤلاء أن حلف عون مع “حزب الله” وضع لبنان في موقع لم يكن فيه في تاريخه، فأبعده عن صداقاته التاريخية مع الدول العربية وأدخله في عزلة دفع الناس ثمنها.
وأوضح رئيس جهاز العلاقات الخارجية في القوات اللبنانية، ريشار قيومجيان، أن لبنان يعيش اليوم في “انهيار كامل على كل المستويات”، الناس فقراء يهاجرون، المدن مظلمة حزينة، متابعاً: “عهد عون اختلف مع كل العالم مع ثلاثة أرباع المسيحيين ونصف الشيعة وكل الدروز وكل السنة ولم تعد لديه ركيزة شعبية سوى جماعته وحزب الله الذي بقي معه لأنه بحاجة إليه”.
ويسلّم عون رئاسة الجمهورية للفراغ الذي انبثق منه عهده بعد سنة و6 أشهر من انتهاء عهد سلفه ميشال سليمان، علمًا بأن فترة ترؤسه لحكومة انتقالية في نهاية الثمانينات كانت مدوية إذ طُبعت بفراغ مماثل سادته الفوضى الأمنية.
وأكد الرئيس اللبناني، ميشال عون، أنه لا توجد إرادةٌ لدى رئيس الحكومة لإنجاز التشكيلة الوزارية.
وأشار عون، خلال لقاء مع عدد من الإعلاميين، إلى أن هناك من يحاول فرضَ الوصاية على التيار الوطني الحر.
ومع نهاية عهد عون في أكتوبر/تشرين الأول الحالي، يتجه لبنان إلى فراغ رئاسي، وربما فراغ “مزدوج” في ظل التصعيد الحكومي الحاصل.
وأفادت مراسلتنا من بيروت بأن هناك ترقبا بشأن استطاعة عون، خلال الساعات الأخيرة وبدعم من “حزب الله”- في تأليف حكومة جديدة بالتعاون مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، وهو ما يستبعده مراقبون.
ولفتت إلى أن القلق الأكبر الحالي هو حدوث “تغيير للأعراف” بحيث يعمد الرئيس المغادر، عون، إلى إصدار مرسوم قبول استقالة ميقاتي، ما يعني فتح الجدل الدستوري غير المسبوق.
ومع إجراء الانتخابات النيابية الأخيرة في مايو/آيار الماضي باتت حكومة ميقاتي في حكم “تصريف أعمال”، ولم يصدر مرسوم بإقالتها أو أن تتقدم باستقالتها.
وإذا أصدر عون مرسوما بقبول استقالة الحكومة فإن هذا الأمر سيطرح تساؤلات حول قدرة الحكومة على الاستمرار في مهامها، وجدلا دستورياً كبيراً، إذ يرى خبراء أن حكومة ميقاتي لن تستطيع تصريف الأعمال حالة قبول استقالتها، ولكن هناك من يرى أن إصدار عون مثل هذا المرسوم لن يعترف به الدستور، لأنه لا يُسقط الحكومة ولكنه يصف الوضع الحالي، لكن الأمر المؤكد هو وجود حالة من الجدل الدستوري الذي قد يؤدي إلى حالة من الفوضى في لبنان، لذا يسود الترقب حتى اللحظة الأخيرة لولاية عون.
وكان رئيس مجلس النواب، نبيه بري، قد ألمح إلى أنه سيدعو إلى حوار حول الاستحقاق الرئاسي خارج البرلمان، فيما لا يبدو تيار الرئيس عون “التيار الوطني الحر” متحمساً للمشاركة في هذه الدعوة، معتبراً أنها تجاوزا لصلاحيات رئاسة الجمهورية، وأن بري يقوم بصلاحيات الرئيس.
وأعلن رئيس حزب “القوات اللبنانية”، سمير جعجع، تأييده لدعوة بري للحوار حول كيفية إتمام الاستحقاق الرئاسي داخل البرلمان، دون التأكيد علة قبول دعوة بري من رفضها، وهو ما يؤكد استمرار التساؤلات مطروحة حول هذا الأمر وحول قدرة بري على جمع الفرقاء السياسيين في مقر إقامته بعين التينة.
