ماذا قال سليمان فرنجية عن انسحابه من انتخابات الرئاسة اللبنانية؟

قال الصحفي جورج بكاسيني، مُعد سلسلة حلقات «وثائقي النهاية» التي تُعرض عبر قناة «الغد» وتتناول مسار الانهيار في لبنان، إن الفوضى غير الخلاقة وغير المسبوقة خلفت ندوبا في ما تبقى من صورة التيار الوطني الحر، وحزب الله، فشريحة واسعة من الرأي العام اللبناني حمّلت رئيس الجمهورية والتيار مسؤولية انفجار مرفأ بيروت، حاول الأخير التنصل منها على طريقته من خلال ابتكار دوافع طائفية للانفجار، هي أقرب إلى الهذيان.

وأضاف: «ادعى أحد قيادييه ناجي حايك أن الهدف كان حصر التموين في مرفأ طرابلس الواقع إلى حد ما في مرمى إسلاميي تركيا بدلا من بيروت، واعتبر النائب نقولا صحناوي أن القصد منه استهداف المسيحيين مستشهدا بانفجاري هيروشيما وناجازاكي، المدينتين الوحيدتين في اليابان اللتين كان فيهما وجود مسيحي كثيف، كما سبق ذلك تعليق سوريالي آخر كان أطلقه عضو تكتل لبنان القوي نفسه النائب ماريو عون عندما اعتبر أن الحرائق التي اندلعت عشية 17 تشرين استهدفت المناطق المسيحية لتنضم الكوارث بعد معمل سلعاتا إلى لائحة القضايا الميثاقية في الجمهورية».

وتابع: «أما حزب الله الذي لم يكن قد خرج بعد من أزمة تحميله مسؤولية الانهيار، فاصطدم برأي عام محلي وخارجي، حمله مسؤولية انفجار 4 آب أيضا، فيما تراوح الموقف الدولي بين حصار على الحزب سبق نكبة بيروت، وبين نصف اعتراف به أو الموافقة على تسمية مقرب منه في الحكومة بعد النكبة».

وأشار بكاسيني إلى أن «زلزال 4 آب كشف بالصوت والصورة استمرار سياسات ربط النزاع الدولية مع حزب الله، فإيمانويل ماكرون الذي زار بيروت عقب الانفجار التقى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد مرتين، ودعا خلال لقائه رؤساء الأحزاب في قصر الصنوبر إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، أي تضم ممثلين لحزب الله».

يواصل وثائقي قناة «الغد» الذي يستعرض مسار الانهيار في لبنان، تحت عنوان «النهاية»، من إعداد الصحفي جورج بكاسيني تفنيد ما شهدته الساحة اللبنانية منذ اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري.

وخلال الحلقة الرابعة من الوثائقي، سلط غطاس خوري، مستشار الرئيس سعد الحريري الضوء على كواليس دعم الحريري المقدم لسليمان فرنجية ليكون رئيسا للبنان.

وأشار خوري إلى أن مناسبة أليمة في باريس تتمثل في وفاة نجل رجل الأعمال اللبناني جيلبير شاغوري كانت وراء لقاء جمعه بالوزير سليمان فرنجية بعد فترة من الانقطاع عن الاتصال بينهما.

وأضاف: «أبدى فرنجية الود وتناسى كل ما نتج عن الاتهامات التي طالته 14 فبراير/ شباط، وفتحنا موضوعا سياسيا عاما، لكنني فوجئت بأنه يطلب مني البقاء يوما إضافيا في باريس لترتيب لقاء آخر بيننا».

وقال إن فرنجية تحدث عن عدم إمكانية انتخاب سمير جعجع رئيسا للجمهورية، كما أن انتخاب العماد ميشال عون أصبح من المستحيل.

وتابع: «كان واضحا أن فرنجية لن يتخلى عن السوريين، لكن إذا أصبح رئيسا للجمهورية سيتصرف كما تقضي الأصول الدستورية، ولن يجبر رئيس الحكومة على أن يكون له علاقات مع النظام السوري».

وأضاف: «توقعت رد فعل غاضب من سعد الحريري على تفاصيل تلك المقابلة التي قصصتها عليه، لم ألق منه رفضا نهائيا، لكنه سألني عن رأيي، فأجبته بأن ما يميز فرنجية صدقه».

وتابع: «مرت 3 أشهر قبل أن يتصل بي سعد الحريري، وطلب مني معاودة التواصل مع فرنجية، ثم ذهبت إلى مأدبة غداء في منزله، وبدأت أوجه أسئلة، وسمعت نفس الإجابات السابقة، وعقب اللقاء طلب الحريري تنظيم لقاء مع الوزير فرنجية».

وعلى الرغم من فشل إقرار «القانون الأرثوذكسي» في مجلس النواب اللبناني، في 2014، إلا أن مؤيديه ظهروا في ملامح الاستحقاق الرئاسي، حيث عقدت سلسلة اجتماعات في بكركي، كانت حصيلتها أن الموارنة يختارون رئيس الجمهورية الماروني، وأن من يفترض انتخابه يجب أن يكون قويا.

ورأت رئيسة تحرير جريدة النهار، نايلة تويني، أن القانون الأرثوذكسي كان من أسوأ القوانين التي طرأت أو تم تقديمها، قائلة: «هو قانون يُفرّق أكثر مما يجمّع»، وأنه يختلف نهائيا عن الفكر الأرثوذكسي المعتمد على التجمع والوحدة.

وأوضح رئيس تيار المردة، سليمان فرنجية، أنه كان هناك رأي بضرورة اختيار «المسيحي الأقوى».

ورأى مدير المخابرات الأسبق في الجيش اللبناني، جوني عبده، أن كلا من المرشحين الأربعة آنذاك كان لديهم إصرار بأن يكون رئيس الجمهورية شخصية قوية، وقتها ترشح سمير جعجع للمرة الأولى.

وفي هذا التوقيت، حاول رئيس تيار المستقبل، سعد الحريري، تجنب الدخول في الفراغ الرئاسي، فأوفد مدير مكتبه، نادر الحريري، ومستشاره، غطاس خوري، إلى ميشيل عون في 22 مايو/ أيار 2014.

وكان مفاد الرسالة التي حملها الموفدين، رسالة من وزيري خارجية فرنسا والسعودية، تضمنت تعهدا فرنسياً سعودياً بدعم وصول عون إلى قصر الرئاسة اللبنانية بعد عام في حالة موافقته على التمديد سنة واحدة للرئيس ميشيل سليمان.

إلا أن الجنرال عون، الذي طلب مهلة 24 ساعة للرد على المقترح، أجاب بأن رئيس مجلس النواب، نبيه بري، رفض هذا العرض.

وقال المعاون السياسي لنبيه بري، على حسن خليل، إن فكرة التمديد لسليمان لم تُعرض بشكل مباشر، لكن كان هناك موقف مبدئي برفض التمديد والتشجيع للوصول إلى تفاهم لانتخاب رئيس جديد للبلاد.

وقتها، اختارت قوى «14 آذار»، وفي مقدمتها الحريري، دعم سمير جعجع في البداية، على الرغم من عدم التوافق مسبقا على هذا الترشيح، لكنه لم ينل العدد الكافي من الأصوات.

يواصل وثائقي “النهاية”، الذي يعرض على شاشة قناة الغد، تقديم الكثير من التفاصيل حول مسار الانهيار السياسي في لبنان، وكواليس تكشف للمرة الأولى.

تعرض هذه الحلقة التطورات السياسية داخل لبنان، بعد أن وقع الاختيار على تمام سلام لتشكيل الحكومة اللبنانية في عام 2013، إذ زار الحريري في منزله بالرياض، ثم انتقل إلى بيت الوسط حيث استقبلته قيادات تحالف 14 آذار، حيث تكلف بتشكيل الحكومة، في رحلة دامت 10 أشهر ونصف، لم يترك فيها سلام وسيلة إلا ولجأ إليها لإحداث خرق في جدار التأليف دون جدوى.
وكان آخر سيناريو مع ميشال سليمان في أواخر عام 2013 هو تشكيل حكومة تكنوقراط من 14 وزيرا إلا أن هذا الاقتراح سقط تزامنا مع سقوط محمد شطح شهيدا على بعد أمتار من بيت الوسط.
يقول تمام سلام: “كنت أنا والرئيس ميشال سليمان نتجه نحو تشكيل حكومة تكنوقراط، إلى أن جاءت إلينا تحذيرات أو سمها تهديدات من حزب الله مفادها: إياكم أن تذهبوا لخيار حكومة تكنوقراط لأن ذلك سيكون انعكاسه سلبيا على الجميع”.
وسط هذه العقبات، حدث تطور في يناير/ كانون الثاني عام 2014 سهل تشكيل الحكومة، بلقاء بعيد عن أعين الإعلام عقد في باريس بين سعد الحريري، وميشال عون بعد اتصال أجراه مساعد الجنرال بغطاس خوري.
غطاس خوري مساعد سعد الحريري، قال:  “كان العماد ميشال عون يريد فتح حوار معنا ويريد أن يراني شخصيا، فاتفقت معه بعد مراجعة سعد الحريري، وقمت بزيارته فوجدت أنه منفتح جدا ويريد بداية جديدة مع الحريري كما يريد أن يكون هناك نتيجة مرجوة من هذا التواصل وأعلن استعداده لقاء الحريري الذي كان وقتها في باريس”.
ويتابع غطاس، الجنرال قال “لا مانع من عقد اللقاء خارج بيروت، ووجدنا أنه من الأفضل والأنسب أن يعقد اللقاء في روما وحضر عون لروما غير أننا فوجئنا أن الخبر خرج للعلن وأذيع على وسائل الإعلام في لبنان بأن هناك لقاء مرتقبا بين عون والحريري في روما. عند ذلك قرر الحريري إلغاء اللقاء لأنه تم كشفه، كنا متفقين أن يكون اللقاء في السر لأنه إفشاؤه يضر الحريري أمنيا وسياسيا وتم الاتفاق أن يكون اللقاء في باريس”.

وضع الحريري طائرته الخاصة في تصرف الجنرال وأقلته ومعه غطاس خوري إلى باريس، قبل أن تعيده إلى روما فور انتهاء اللقاء الذي عقد في منزل سعد الحريري في العاصمة الفرنسية، وجرى الاتفاق خلال الاجتماع العمل على تسهيل تشكيل حكومة سلام دون أن يتدخل الرجلان في الشأن الرئاسي.

التطور الثاني الذي عبَّد الطريق أمام تشكيل الحكومة هو ما أعلنه الحريري تحت مسمى ربط نزاع مع حزب الله في 16 يناير/كانون الثاني 2014، من أمام محكمة لاهاي.

وقد سبق ذلك حوار أجراه ميشال سليمان مع نظيره الأمريكي باراك أوباما، 24 سبتمبر/أيلول 2013، في نيويورك ضمن به عدم اعتراض واشنطن على تمثيل حزب الله في الحكومة.

كما التقى سليمان برئيس مجلس الشورى الإيراني على لاريجاني في تونس في 17 فبراير/شباط 2014، للتحدث في الشأن ذاته لتسهيل ولادة الحكومة.

وأخيرا أبصرت الحكومة النور فتنفس تمام سلام ومعه اللبنانيون الصعداء.

تجدر الإشارة إلى أن وثائقي “النهاية”، أعده الصحفي جورج بكاسيني، ويحكي ويسرد قصصا وأسرار مرحلة مفصلية في لبنان معروفة باسم“ أحداث السابع من أيار ” وهي أحداث جرت في العاصمة اللبنانية بيروت وبعض مناطق جبل لبنان بين المعارضة والموالاة. كما تعتبر ميدانيا الأكثر خطورة وعنفا منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990.