محمد حجازي يكتب: خيارات الفلسطينيين في مواجهة «صفقة القرن»

محمد حجازي

لم تشهد الحالة الفلسطينية وضعا مأساويا في تاريخها كما اليوم. صفقة العصر التي بانت نتائجها من خلال سلسلة من الإجراءات التي بدأتها إدارة الرئيس ترامب، من نقل للسفارة الأمريكية، إلى الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مدينة القدس الكبرى، إلى الموقف الشاذ من الاستيطان، إلى قطع المساعدات الأمريكية عن السلطة الفلسطينية والأونروا، لتثبيت وقائع على الأرض لصالح اسرائيل، ولإزاحة قضايا “الحل النهائي” مثل اللاجئين والقدس والاستيطان عن أية مفاوضات محتملة قد تحدث في المستقبل.

من خلال هذه الإجراءات لم تترك إدارة ترامب أي خيار للفلسطينيين، إما القبول والاستسلام، أو الحصار ومزيد من العقوبات من خلال الضغط على ممولي السلطة الفلسطينية من العرب ودول الاتحاد الأوروبي.

تراجع القضية الفلسطينية لم يأت فقط من تراجع اهتمام العرب والعالم بالقضية الفلسطينية، أو من خلال التفوق الكبير للحركة الصهيونية والإخلال بموازين القوى، بل من داخل الحالة الفلسطينية نفسها، حيث فشل الفلسطينيون في إدارة أنفسهم وتقوية التمثيل السياسي لمنظمة التحرير، الانقسام خلق واقعًا مس القيم والمبادئ التي تميز بها الفلسطينيون عبر تاريخهم. سيطرة حركة حماس ذات الانتماء الإخواني شكلت ذروة المأساة الفلسطينية، وحرفت النضال الوطني التحرري لصالح الصراع على السلطة، ووصل الأمر إلى أن سال الدم الفلسطيني، حيث أنشأت حماس كيانًا خاصًا بها في قطاع غزة، له مؤسساته السياسية والأمنية والإدارية والمالية، وهي تحاول الآن تثبيت حكمها من خلال عقد تهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي، يضمن لها تدفق الأموال القطرية والمساعدات وإنشاء منطقتين صناعيتين وعمالة فيما وراء الخط الاخضر… الخ. نتنياهو بنفسه قال أكثر من مرة: “إنني أرسل الأموال القطرية لحماس كي أمنع إنشاء دولة فلسطينية وتعزيز الانقسام الفلسطيني”.. وطيلة الفترة الماضية سعت إسرائيل إلى إضعاف السلطة وسحب الكثير من صلاحياتها وتغيير وظيفتها من سلطة وطنية كان من المفترض أن تنشئ مؤسسات وطنية قوية تفضي إلى دولة مستقلة، إلى مجرد إدارة محلية تدير شؤون السكان الفلسطينيين.

اليوم أو يوم غد الثلاثاء 27 يناير سيطرح الرئيس ترامب “خطة العصر” بحضور رئيس الحكومة الإسرائيلية وخصمه السياسي بني غانس رئيس تكتل أبيض أزرق، في خطوة وصفت بأنها لتعزيز مكانة نتياهو الانتخابية في مواجهة خصومة السياسيين في الانتخابات القادمة في مارس القادم. توقيت الإعلان عن الصفقة له دلالاته.. أولا: تعزيز حظوظ نتنياهو الانتخابية وإظهاره كبطل قومي ورجل دولة هزم العرب والفلسطينيين كما يحلو له أن يصف نفسه مرارًا وتكرارًا.. وثانيا: محاولة إخراج ترامب نفسه من ورطة قضايا الفساد في أمريكا باعتباره منقذًا لإسرائيل وحليفها القوي. بالطبع استفاد ترامب من ضعف الفلسطينيين والعرب وتراجع إهتمام العرب بالقضية الفلسطينية لحساب الصراع الإيراني العربي أساس مذهبي.

ولكن السؤال: ماذا سيفعل الفلسطينيون في اليوم التالي للإعلان عن صفقة العصر؟

بالتأكيد لم يتحقق إنهاء للانقسام، لأن قضايا الخلاف كبيرة، خاصة أن حركة حماس كانت قد حسمت أمرها في شعار “غزة أولا”، ذلك الشعار الذي رفضه الراحل ياسر عرفات أثناء مفاوضات أوسلو، وليس بوارد أن تتخذ المنظمة أو السلطة الفلسطينية خطوات سياسية حاسمة، متعلقة بسحب الاعتراف بإسرائيل، أو بوقف التنسيق الأمني، أو حتى بحل السلطة، كما يحلو للبعض المطالبة به.. (أنا  ضد هذا الخيار لحسابات كثيرة.. حيث ميزان الخسارة أكبر من ميزان الربح).. كل هذه القضايا أعتقد أنها غير واردة، وهذا له أسبابه منها أن السلطة وقيادة المنظمة تسعى للحفاظ على السلطة الفلسطينية حتى بشكلها الحالي قدر الإمكان، يبدو هذا الأمر منطقيا عند البعض، بمعنى أن يتم اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل بدون ترجمة ذلك  على الأرض خوفا من ردود فعل إسرائيلية.. أي المشي على حبل رفيع بما هو أكبر من إمكانياتها، وفي المقابل الإحباط الذي يحدث كل يوم للفلسطينيين جعل الأحداث الكبرى تمر دون رد فعل جدي يوازي الحدث. الإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها لم يقابله رد فعل فلسطيني رسمي وفصائلي أوحتى شعبي يوازي الجريمة، ذلك لأسباب كثيرة لسنا بوارد شرحها. إذن ماذا يستطيع الفلسطينيون أن يفعلوا بهذه المرحلة لمواجهة تصفية القضية الفلسطينية؟.. أي ما هو النشاط المتاح الذي من الممكن أن يؤثر على العالم ويعيد القضية الفلسطينية على أجندة العالم كما بالسابق؟

يعيش حوالي خمسة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية ومدينة القدس وقطاع غزة وحوالي مليون ونصف مليون فلسطيني في الأراضي الفلسطينية التي احتلت في عام 48، هذا الوجود الفلسطيني وحده قادر على هزيمة صفقة العصر، لأنه وجود مادي على أرض فلسطين التاريخية، لا أحد يستطيع انتزاعهم من أرضهم، وبالتالي ماذا لو ذهب الفلسطينيون جميعا لتأسيس انتفاضة شعبية عارمة غير مسلحة ضد المستوطنين وجنود الاحتلال في كل شارع وزقاق في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة،  كما حدث في الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 78 التي جعلت العالم يقف على قدم واحدة، ولا ننسى ما قاله شمعون بيرس في كتابه “شرق أوسط جديد”: (لقد واجهنا الفلسطينيون بأقوى سلاح لديهم وهو الانتفاضة الشعبية التي جعلت الجندي الإسرائيلي عاجزًا عن التصدي لجموع الفلسطينيين).. بالطبع تأسيس انتفاضة شعبية يتطلب الكثير من الفلسطينيين، فالتحضير لها يحتاج من مختلف الفصائل الفلسطيني أن تنحي خلافاتها وخاصة حركتي فتح وحماس، وإن بدت الفكرة بعيدة لكنها لن تكون مستحيلة على الشباب الفلسطيني الذي يجب أن يأخذ بنفسه زمام المبادرة، مثلما حدث في الانتفاضة الأولى.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]