محمد حجازي يكتب: فشل الهدنة بين حماس وإسرائيل.. تداعياته وأسبابه

 

إن التطور الحاصل في السياسة جعلها تصبح “فن الاختيار من الممكن” كما يقول ماكس فيبر.. ابتعدت حركة حماس كثيرا عن مفهوم “فيبر” للسياسة كعادتها طيلة مسيرتها، وتحديدا منذ سيطرتها على قطاع غزة مستخدمة القوة المفرطة ضد خصومها، وخاصة حركة فتح و أجهزتها الأمنية التي كانت تعمل في قطاع غزة.. وقعت حركة حماس في ورطة حادة جعلتها تفقد الكثير من حيويتها السياسية، عندما ذهبت بعيدا بدون الانتباه لتعقيدات المشهد السياسي، عندما سعت لإبرام اتفاقية هدنة مع العدو الإسرائيلي.

أرادت حركة حماس من عقد هذه التهدئة إعطاء نفسها وقتا قد يمتد لعدة سنوات، تستطيع خلالها تحسين أوراق القوة لديها..  وبلغ الوهم حدا أنها نظرت لحالة الحراك الدولي، وخاصة الصحوة  الأمريكية المفاجئة بشأن الوضع الإنساني في قطاع غزة والاجتماعات الدولية بشأن القطاع، فرصة لتحسين الوضع المعاشي للسكان ولوضعها كقوة حاكمة للقطاع، إلى جانب رهانها على إمكانية حدوث متغير في الإقليم الذي يرفضها الآن، و أنها اعتقدت أيضا ومن خلال بعض التسريبات الخبيثة، أنه من الممكن أن يتم الاعتراف بحركة حماس سياسيا، سواء من قبل بعض الدول الأوروبية وحتى وصل الوهم إلى إدارة ترامب، التي رأت في قطاع غزة الذي تحكمه حماس، المنافس الرئيسي لمنظمة التحرير وللسلطة الفلسطينية، خاصرة رخوة لمحاولة التسلل لتطبيق بعض بنود صفقة القرن.

والسؤال: لماذا فشلت الهدنة بين حركة حماس وإسرائيل؟.. هناك عدة عوامل موضوعية ساهمت بفشل التهدئة، العامل الرئيسي هو الموقف الإسرائيلي الرسمي، نتياهو وجد نفسه في معادلة صعبة وهو على أعتاب انتخابات الكنيست القادمة، في ظل معارضة شديدة بعد التسريبات الهائلة التي خرجت على وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن التهدئة، خاصة بعد تسرب خبر أن التهدئة غير مرتبطة بملف الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، تردد نتنياهو ساهم إلى حد كبير بفشل الهدنة بين الطرفين، وأعتقد أن السبب الرئيسي هو خشية نتنياهو من أن التهدئة ستكون ربحا خالصا لحركة حماس، رغم قناعة نتياهو أن الهدنة ستكرس انقسام الفلسطينيين لفترة طويلة.

العامل الثاني هو موقف السلطة الفلسطينية التي تعيش أزمات متشعبة لا تقل عن أزمات حركة حماس، خاصة بعد سلسلة القرارات التي اتخذتها إدارة ترامب ضد الشعب الفلسطيني، من قرار القدس وحتى قرار وقف الدعم المالي للسلطة، إلى وقف دعم  “الأونروا”، رأت قيادة السلطة الفلسطينية نفسها في معضلة كبيرة.. تحرك أمريكي مفاجئ لدعم القطاع وعقد أكثر من اجتماع لذلك.. تحرك نيقولاي ملادينوف المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة.. نتياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية والذي لديه رؤية سياسية واضحة لضرب مبدأ حل الدولتين، بدأ باللعب بالحديقة الداخلية وليس الخلفية للقضية الفلسطينية.. جانب آخر انتبهت له قيادة السلطة الفلسطينية، وبالطبع الكثير من الفصائل وخاصة الجبهتين الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب الفلسطيني، بأن هذه الهدنة تختلف كثيرا عن سابقاتها، ذلك لأن الحدث يدور عن ترتيب وضع قطاع غزة بمعزل عن السلطة الفلسطينية، و هو حديث سياسي و ليس إغاثيا كما حاولت أن تروج حركة حماس، تلاقي ثلاثة أطراف في المعادلة، وهم إسرائيل وأمريكا وقطر يثير حفيظة الفلسطينيين، وبرزت معضلة كبيرة عن طريقة تحويل الأموال لقطاع غزة وخاصة القطرية منها والذي يجب أن يمر عبر السلطة الفلسطينية، والتي رفضت ذلك بشدة.

العامل الثالث وهو موقف مصر الذي فضل تحقيق المصالحة أولا ومن ثم الذهاب إلى الهدنة بين إسرائيل و قيادة السلطة الفلسطينية، وهو أعتقد كان عاملا حاسما وضربة قوية لحركة حماس التي شعرت أن مصر تقف مع قيادة السلطة الفلسطينية، الموقف المصري له خلفياته السياسية الكثيرة، أهمها أنه لايمكن لمصر وهي دولة محورية هامة أن تسمح لنفسها بتعزيز حكم الإخوان المسلمين في قطاع غزة “حماس”، و أن تفصل القطاع عن سياقه الوطني وعن السلطة الفلسطينية.. خياراتها واضحة وهي وحدة الفلسطينيين السياسية، وهذا هو الهدف الرئيسي في هذه المرحلة الحساسة .

خيارات حماس فعلا باتت معدومة، بعد الاعلان عن فشل الهدنة.. و الحديث عن الذهاب للحرب مع العدو الاسرائيلي ليس خيارا بل هو أقرب للانتحار السياسي، لأن القطاع اليوم يختلف نحو الأسوأ بكثير عما كانت عليه الأوضاع في عام 2014، عندما شنت إسرائيل عدوانا همجيا على القطاع، وكالة الغوث “الأونروا ” عملت من خلال بند الطوارئ على إيواء بضعة مئات الآلاف من الفلسطينيين في مدارسها، وقدمت لهم كافة أوجه الدعم، الآن “الأونروا” تعيش أوضاعا صعبة بعد خيار ترامب بقطع الدعم عنها.

مسيرة العودة أيضا ليست خيارا، بل هي وسيلة نضالية هامة لتسليط الضوء على قضية اللاجئين التي حاولت وماتزال إدارة ترامب إزاحتهامن أي حل للقضية الفلسطينية، فك الحصار عن القطاع المتعب لا يتم إلا بالمصالحة ووحدة مؤسساتنا الوطنية كجماعة سياسية واحدة وفق برنامج سياسي موحد.

 

*كاتب مقيم في فلسطين

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]