لم يشفع المرض للطفل أحمد شبير (17 عاماً) أمام قوات الاحتلال الإسرائيلي من مغادرة قطاع غزة عبر حاجز (بيت حانون/ إيرز)، لاستكمال رحلة علاجه في مستشفيات القدس المحتلة.
والطفل شبير كان يعاني من عيوب خلقية في القلب، وخضع لعدة عمليات منذ ولادته، في المستشفيات الإسرائيلية والفلسطينية، إلى أن أعلن عن وفاته منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي بعد منعه من قبل سلطات الاحتلال مغادرة قطاع غزة لاستكمال رحلة علاجه.
وتقول أمل شبير والدة أحمد، إن نجلها “كان يعاني من عيوب خلقية وكان قلبه في منتصف الصدر، وليس جهة اليسار، وكانت هناك فتحة في غرف القلب، ومشاكل في الممرّات والشرايين والصمّامات”.
وأوضحت، أن نجلها أجرى عدة عمليات “قلب مفتوح” على مراحل في المستشفيات الإسرائيلية والفلسطينية”.
وأضافت، في شهر مارس العام الماضي تمكّنّا من الحصول على تصريح لاستكمال العلاج في مستشفى تل هشومير الإسرائيلي، وأثناء المرور عبر معبر (بيت حانون/ إيرز)، فوجئنا بأنهم يستدعوننا لمقابلة جهاز الأمن العام الإسرائيليّ.
وتابعت، “أدخلوني إلى غرفة وخاطبني ضابط قائلاً: نحن نعرف وضع ابنك، نحن على استعداد لمساعدة ابنك ولكننا نطلب معلومات عن غزة وأسماء الجيران”، الأمر الذي رفضته، وردّت “لا أتدخل في السياسة، وإنني أقضي كلّ حياتي في معالجة ابني، منذ 17 عامًا، ولا أشكّل أيّ خطر”.
وأردفت “طلب منّي أن أفكر في عرضه، وقال لي إنه سيسمح لي بالوصول إلى المستشفى وأنه سيتحدث مع المستشفى للاعتناء أكثر بابني، وذهبتُ مع ابني أحمد إلى المستشفى وأجريت له الفحوصات، وعدنا في اليوم التالي”.
وقالت، “وصلت مرّة أخرى إلى مستشفى تل هشومير، كمرافقة لأحمد، من أجل إجراء فحوصات طبية تمهيدًا لعملية القلب المفتوح التي كان من المفترض أن يجريها في سبتمبر/أيلول عام 2016، ولكن عندما حان وقت العملية لم نحصل على تصريح للسفر”.
وأضافت، “في شهر نوفمبر الماضي أبلغونا أن أحمد مستدعىً إلى (الشاباك) الإسرائيلي وسافر معه والده إلى معبر (إيرز) وجرى تحقيق لمدة ساعات طويلة مع أحمد وعرضوا عليه التعاون”، موضحة أنه رفض ذلك.
وواصلت شبير محاولاتها من أجل تمكينها من السفر إلى المستشفيات الإسرائيلية لاستكمال علاج نجلها أحمد، في ظل تدهور حالته الصحية.
وقالت: “لم يكن في مقدورنا أن نفعل شيئًا، كنا نأمل أنّه الإسرائيليين سوف يسمحون لأحمد بالوصول إلى المستشفى نظرًا إلى تدهور حالته الصحية”.
وتابعت: “تدهورت حالة أحمد وبقينا دائمًا إلى جانبه، وشعرنا بحزن عميق وبقلّة الحيلة، وبكينا كل الوقت، إلى أن توفّي منتصف يناير الماضي”.
واصلت الحديث: “لقد فقدنا ابننا في الوقت الذي كنّا ننتظر فيه الحصول على تصريح لمعالجته في مستشفى تل هشومير، تأخير العلاج قصف عمره وسرقه منّا ومن أصدقائه”.
وتستذكر شبير نجلها قائلة: “كان طالبًا متميّزًا وكان لديه أمل بأن يُشفى، وأن يعيشَ بدون ألم وأن يكمل دراسته. وبسبب معاناته أراد أن يدرس الطب ويتخصّص في جراحة القلب، ليسهّل على مرضى قلب آخرين، حتى لا يعانوا ما عاناه هو”.
وحاجز (بيت حانون/ إيرز) الإسرائيلي هو المنفذ الوحيد المؤدي إلى الضفة الغربية وإسرائيل والقدس، وتتنوع فئات المسافرين عبره ما بين مرضى ومرافقين لهم وموظفي المنظمات الدولية، والسلك الدبلوماسي، وصحفيين أجانب، ورجال الأعمال وتجار وغيرهم.
ويشتكي الفلسطينيون من إجراءات التفتيش والفحص الأمني المتبعة على الحاجز الإسرائيلي، ومحاولة ابتزازهم ومساومتهم، إضافة إلى اعتقالهم والتحقيق معهم.
من جانبه، يقول محمد بسيسو محامي المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إنهم يعملون في المركز على مدار اليوم والأسبوع من أجل مساعدة المرضى والحالات الانسانة بعد تأخير طلباتهم وحصولهم على الرفض من الجانب الإسرائيلي لأسباب ومبررات غير منطقية.
ويطلب المركز الفلسطيني من مديرية التنسيق والارتباط في حاجز (بيت حانون/ إيرز) بإعادة النظر في كثير من التصاريح التي يتم رفضها للمرضى، بحسب ما صرح بسيسو لـ”الغد”.
ويضيف “في بعض الأحيان يتم حل موضوع العالقين من المرضى والحالات الإنسانية وفي حالات أخرى يتم الرفض، ما يدفعنا إلى اللجوء للنيابة والقضاء الإسرائيلي وهنا في بعض الحالات يتم حل المشكلة في النيابة فقط أو نواصل التوجه للقضاء”.
ويتابع “الآن لدينا ملفات مفتوحة مع النيابة الإسرائيلية والمحكمة المركزية في بئر السبع فيما يتعلق بالمرضى المحتاجين للعلاج والسفر”.
وفي حالة أحمد شبير، يقول بسيسو: “سبق أن تم الطلب من الجانب الإسرائيلي بعد تأخير سفره وعدم إصدار تصريحه الذي أدى إلى وفاته”، مشيراً إلى أنه جرى التوجه إلى مكتب المستشار القضائي في مديرية التنسيق والارتباط لدى حاجز (إيرز) لتشكيل لجنة تحقيق في ظروف وفاة شبير.
ويُشير بسيسو إلى أن معاناة المرضى على حاجز (بيت حانون/ إيرز) الإسرائيلي زادت منذ شهر فبراير/تشرين الثاني الماضي، وذلك بعد تغير معاير سفر المرضى ومرافقيهم “كرفع سن الفحص الأمني بالإضافة إلى بعض الحجج والاسباب غير المنطقية”.
