بعد أسبوع صارع خلاله المرض، إثر تعرضه لجلطة دماغية، ودعت أوزبكستان، رئيسها إسلام كريموف، والذي دفن اليوم، يمسقط رأسه في سمرقند .. وشكّل إعلان الوفاة صدمة في أوزبكستان التي لم تعرف زعيماً غير “كريموف” منذ نهاية تسعينات القرن العشرين.. لتُطوى بذلك حقبة مهمة في التاريخ الحديث للجمهورية السوفياتية السابقة.
كان الغموض قد خيم بأجواء من البلبلة، على العاصمة “طشقند” ، مع تضارب الأنباء والمعلومات المسربة خارج قصر الرئاسة، حتى أكدت مصادر ديبلوماسية أمس، وفاة الرئيس “كريموف”، الذي حكم أوزبكستان بيد من حديد لأكثر من ربع قرن، وتوفي عن عمر 78 عاما بعد إصابته بجلطة في المخ .. ويحذر خبراء غربيون من انفلات الصراع على السلطة في أوزبكستان ، مما يهدد باشتعال الوضع الداخلي بين نفوذ القوى المتصارعة من المتنافسين على كرسي الرئاسة!
ولد الرئيس الاوزبكستاني في 30 يناير/ كانون الثاني 1938 ونشأ في دار للأيتام، ثم ترقى في كل مناصب الحزب الشيوعي في زمن امبراطورية الاتحاد السوفياتي، حتى تسلم رئاسة جمهورية أوزبكستان السوفياتية. وعندما حصلت البلاد على استقلالها في 1991، تمكن من البقاء في السلطة وحرص على القضاء على جميع معارضية.. مما يثير التساؤلات حول من سيخلف “كريموف” الذي لم يعين نائبا له، بل وألغى الحياة السياسية والحزبية في البلاد.
من سيخلفه؟
هواجس القلق بدأت تضرب “أوزبكستان” مبكرا بعد لحظات من وفاة رئيسها ، وفي دولة إسلامية تتميز بموقعها الإستراتيجي الهامة وسط آسيا، وتعد المصدر العالمي الثاني للقطن، والسادسة في الذهب، والمتاخمة للوضع المتفجر في أفغانستان.. وأصبح التساؤل الوحيد، من سيخلف الرئيس الراحل ” كريموف” ؟
ابنته الكبرى “جولنارا” التي كانت الأوفر حظا لخلافته، فقدت فرصتها فجأة بعدما شبهت والدها بستالين. ووضعت في الاقامة الجبرية .. ويؤكد الخبير الإستراتيجي سكوت رادنيتز ، بمعهد دراسات جامعة واشنطن، أن وفاته قد تؤدي الى فتح الصراع على السلطة لدى النخبة السياسية، نظرا الى عدم وجود خطة لخلافته، وتساءل “سكوت” حتى لو كانت خطة خلافته موجودة، فهل سيتقيد بها الطامحون؟
القضية، أن أوزبكستان تواجه وضعا غير مسبوق خلال 25 عاما بعد الاستقلال، لا يعرف أحد ما اذا كان الناس سيتقيدون بالقواعد، حيث ينص الدستور على أن يتولى رئيس مجلس الشيوخ الرئاسة بالوكالة اذا ما تعذر على الرئيس الحكم، أو في حال وفاته، لكن الخبراء يعتبرونه مجرد منفذ للأوامر!! والطامحون لخلافة اسلام كريموف هم :
رئيس وزرائه شوكت ميرزيوئيف .. ونائب رئيس الوزراء روستام عظيموف. ويعتبر هذان الرجلان متنافسين.. والطامح الآخر الى الحكم، والأوفر حظا، هو رئيس الجهاز الأمني القوي، روستام اينوياتوف (72 عاما)، الذي يعتبر احد المسؤولين عن مقتل ما بين 300 الى 500 متظاهر خلال تظاهرة في انديجان (شرق) في 2005 والتي قمعتها قوات الامن.. ويقف أيضا رجل المال، رستم عظيموف، بين المرشحين لشغل كرسي الرئاسة، ويعتبره بعضهم قادراً بسبب توجّهاته الليبرالية على قيادة مرحلة ما بعد رحيل كريموف.
وبعد رئيس هيئة الأمن الوطني “الاستخبارات” رستم إينوياتوف، الشخصية الأقوى والأوفر حظاً. وكان ضابطاً بارزاً في جهاز «كي جي بي» قبل تفكيك الدولة السوفياتية، وشغل منصبه منذ نحو عشرين عاماً، وظل قريباً من كريموف على مدى سنوات حكمه.. وفي مؤشر الى تعاظم سلطاته، لعب اينوياتوف الذي لم يظهر إلا نادراً على شاشات التلفزة، دوراً بارزاً في إقصاء الابنة الكبرى للرئيس كريموف، جلنارا كريموفا، ومصادرة أعمالها وحبس المقربين منها، بعدما وجّهت انتقادات إلى والدها وأساليبه في إدارة السلطة.. ولا يستبعد كثيرون أن تدخل الإبنة الصغرى لكريموف، “لاولا كريموفا”، حلبة التنافس للفوز بكرسي والدها، وهي الآن تمثّل بلادها لدى منظمة «يونيسكو».
الخبير السياسي الأوزبكستاني، كامل الدين ربيموف، المقيم في باريس، أكد أن الصراع في كواليس الحكم، قد بدأ مبكرا جدا، قبل أسبوع من رحيل “كريموف”، وأن الممسكين بمقاليد الحكم على وشك أن يتغيروا ، في بلد يواجه حاليا تنامي الاسلام المتطرف، وسبق أن انطلقت منها “الحركة الاسلامية في أوزبكستان” القريبة من تنظيم القاعدة، ونشطت مطلع الألفية الثالثة.، مع القلق الأمني من العودة المحتملة للمقاتلين من سوريا والعراق، ويقدر عددهم بأكثر من 2000 أوزبكستاني، يقاتلون في صفوف الجهاديين، كما تقول أجهزة الأمن الروسية.
