أزمة جديدة تواجهها الحكومة العراقية، تتصل بوحدة أراضي بلاد الرافدين وسيادتها، بعد أن كشفت القوى السياسية والشعبية ما رصدته أيضا الأجهزة الأمنية السيادية في بغداد، عن قيام السلطات الكردية بحفر خندق بعمق مترين، وعرضه ثلاثة أمتار، على مدى ألف كيلومتر، يبدأ من حدود منطقة ربيعة، وصولا إلى قضاء طوزخورماتو، والعبور الى مناطق ديالى، وصولا إلى حدود قضاء خانقين في محافظة ديالى، تمهيدا لتقسيم العراق، لأنه يحدد الخرائط الجيوسياسية على الأرض.
«خندق الأكراد» فجر هواجس وطنية داخل الدوائر السياسية والشعبية في العراق، والتي طالبت الحكومة بسرعة التحرك لإعلان موقفها من حفر الخندق، المخالف للمواثيق الدولية ويتجاوز المكونات التي تعيش داخل المناطق التي أقيم فيها، ويدشن خريطة تقسيم العراق، وينفذ بدعم واستشارة خبراء دوليين في ترسيم الحدود.
وحذر سياسيون وعسكريون عراقيون، من فرض سياسة الأمر الواقع، لأن هذا الخندق يقطع الشك باليقين بأن هناك مشروعا لفصل مساحات عراقية عن مساحات أخرى، وفق مخطط أمريكي معلن منذ سنوات ما بعد 2003.
وكشف تقرير صادر اليوم، الثلاثاء، عن مركز الأبحاث الجيوسياسية في بغداد، عن تفاصيل خندق تقسيم شمال العراق، الممتد بطول ألف كيلومترا، وأن أعمال الحفر مستمرة حول مدينة كركوك الغنية بالنفط، وبلدة جلولاء في شمال محافظة ديالى قرب الحدود الإيرانية، والمناطق التي تدخل ضمن هذه الحدود تعادل ما يقارب 70 إلى 80 % من المناطق التركمانية، ويحيط الخندق بكل من تلعفر، وكركوك، وطوزخرماتو، ويرسم الخندق حدودا جديدة يتحصن خلفها انفصال إقليم كردستان العراق.
.
وفي مواجهة الهواجس الأمنية والوطنية التي تثير القلق داخل العراق، يؤكد المسؤولون الأكراد، أنه لا دوافع سياسية وراء هذا العمل، إنما هو إجراء دفاعي يهدف إلى منع الهجمات الانتحارية بسيارات مفخخة التي ينفذها تنظيم «داعش»، وأن الغرض من الخندق تأمين مواضع دفاعية ضد التنظيم الإرهابي، وهي تبريرات غير منطقية يرفضها «التركمان»، أكبر الأقليات في العراق وينتشرون في مناطق متنازع عليها بين بغداد وأربيل خارج حدود الإقليم الكردي، وتطالب السلطات الكردية بضمها.
واتهم النائب التركماني، جاسم محمد جعفر، الأكراد باستخدام شعار الحرب على تنظيم داعش لغرض التوسع والسيطرة على الأراضي، وترسيم «حدود انفصالية» خاصة بهم، بعد أن استولت قوات البيشمركة الكردية على مناطق واسعة في شمال العراق عقب الهجوم الذي شنه داعش في شهر يونيو/ حزيران 2014، ساعدها في ذلك، انهيار القطاعات العسكرية التابعة للحكومة المركزية.
القضية أكبر من مجرد حفر الخندق الكردي، لأنها قضية سيادة وطن على كامل أراضيه، وهي قضية وطنية تمس كل مواطن عراقي، وسوف تفجر تداعيات خطيرة مالم تتدخل الحكومة العراقية بأقصى سرعة، قبل أن يرسّخ الخندق مخطط تقسيم العراق، بحسب تعبير النائبة العراقية، عالية نصيف، العضو في ائتلاف دولة القانون الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة حيدر العبادي.
وقالت لوكالة فارس الإيرانية، إذا كان رئيس كردستان العراق، مسعود البارزاني، يبرر حفر الخنادق في المناطق المتنازع عليها بأنها ستساهم في صد هجمات إرهابيي داعش، فهذه الطريقة غير منطقية، لأن الخنادق في هذه الحالة ينبغي حفرها على الحدود العراقية الخارجية وليس في الداخل، إذ لا فائدة من حماية منطقة من خطر الإرهاب وترك المنطقة التي هي خلف الخنادق تكتوي بنار الإرهاب رغم كونها منطقة عراقية أيضا.
