وحيد حامد يكتب: تبرعوا لإهانة مصر!

يوجه الكاتب وحيد حامد، دعوة لمن يهمه الأمر، باتخاذ وقفة جادة وحاسمة، في وجه موجة «إعلانات التسول» في رمضان، والتي تعرض صورة مصر كدولة عليلة بها كل أمراض الدنيا، وصارت الموطن الأصلي لسرطان الكبار والصغار، وأهلها جميعا يحملون فيروس «سي» داخل أجسادهم النحيلة والمهزومة، كما تظهرهم الإعلانات الوضيعة، بالإضافة إلى كل أمراض الكبد والقلب والكلى والأذن والصدر وكل ما يخطر بالبال.

ويؤكد الكاتب، أنه لا أحد على الإطلاق ضد فعل الخير أو ينكر وجود هذه الأمراض المتفشية في عمق المجتمع المصري، والتي تتطلب فعلا المساندة والمساعدة والدعم بكل أشكاله، ولكن عندما يتحول الأمر إلى التجارة بالأمراض والتهويل في أمرها بقصد جمع المال، فهذا أمر لا يجوز ولا يحتمل ولا يتفق مع أبسط المبادئ الإنسانية، فضلا عن أن مسألة الاستحواذ على أموال التبرعات واحتكارها، سواء بالإعلان المكثف أو الغواية أو الادعاء والمبالغة، أمر يخالف شرع الله.

ويطالب وحيد حامد، في مقاله المنشور اليوم الثلاثاء، بصحيفة المصري اليوم، بعدم استغلال المرض في كافة أنواع التسول احتراما لإنسانية المريض وعدم ابتزازه، وأن تعلن المؤسسات الخيرية بكل أنواعها عن حجم التبرعات التي تأتيها سنويا أو شهريا، وكذلك حجم الأموال التي يتم إنفاقها على هذه الإعلانات المصدرة للكآبة وزرع جذور اليأس والإحباط، حيث إن الأمم المريضة لا تنهض، والكيانات القائمة على التسول سرعان ما يصيبها الانهيار، مع العلم بأن الجمعيات الخيرية في كل بلاد الدنيا تقدم خدماتها في جميع المجالات بحكمة وإخلاص وعناية فائقة دون هذا الضجيج الذي أفسد الهواء الذي نتنفسه.

نص المقال:

بسبب الحرب الإعلانية الشرسة القائمة بين مؤسسات الخير في مصر، سواء كانت أهلية أو حكومية للاستحواذ على تبرعات وهبات وزكاة المحسنين في هذا الشهر الفضيل، أصبحت مصر التي كانت مصرا بحق وصدق،  دولة عليلة بها كل أمراض الدنيا، وصارت الموطن الأصلي لسرطان الكبار والصغار، وأهلها جميعا يحملون فيروس «سي» داخل أجسادهم النحيلة والمهزومة، كما تظهرهم الإعلانات الوضيعة، بالإضافة إلى كل أمراض الكبد والقلب والكلى والأذن والصدر وكل ما يخطر بالبال.

ومن كثرة وكثافة البث صار المرض على موائد الصائمين في إفطارهم وسحورهم، وحتى في أوقات العبادة، أو حتى الترفيه، بحيث تفسد وتدمر وتجعل الدنيا سوداء في عيون الكبار والصغار، رغم أن الدنيا بالنسبة لنا سوداء فعلا.

وهنا لا بد أن يكون لنا وقفة جادة وحاسمة، فلا أحد على الإطلاق ضد فعل الخير أو يتنطع وينكر وجود هذه الأمراض المتفشية في عمق المجتمع المصري والتي تتطلب فعلاً المساندة والمساعدة والدعم بكل أشكاله، ولكن عندما يتحول الأمر إلى التجارة بالأمراض والتهويل في أمرها بقصد جمع المال، فهذا أمر لا يجوز ولا يحتمل ولا يتفق مع أبسط المبادئ الإنسانية.

فإذا انتقلنا إلى جمعيات الخير المعنية بأمر الفقراء والمساكين والغارمين والغارمات، فإن الأمر يكون أكثر سوءاً وعدوانية بعرض إعلانات قبيحة ومتدنية لبشر حالتهم مزرية من شدة الفقر والعوز.. وليس معنى ذلك أن مثل هذه النماذج غير موجودة.. نعم عندنا فقراء وجوعى منذ أيام المماليك وحتى الآن.. ولكن المبالغة في تصوير مأساتهم وانكسارهم تخالف الحقيقة، وأصبحت الإهانة تسبق المساعدة والقضاء على ما تبقى من كبرياء وكرامة كانا يغلفان الشخصية المصرية.. وعليه أصبح هدف هذه الجمعيات هو الجباية وتحصيل الأموال بالتجارة القذرة القائمة على أوجاع البشر.. من هنا كان لابد أن يكون لنا وقفة مع هذه الكيانات التي توحشت وفجرت.. ولأن الظاهر غير الباطن فإن الكثير من الذئاب قد ارتدى ثوب الحملان فعلاً.

 يفوز بنصيب الأسد من حصيلة تبرعات أهل الخير مستشفى «57357» بسبب حملاته الإعلانية المكثفة والتي يبثها عبر القنوات المصرية وغير المصرية، وهى حملة تطارد المشاهد مطاردة الثعلب للدجاجة حيث تكون النتيجة محسومة لصالح الثعلب، وإعلانات هذا المستشفى كأنها الذباب الذى لا يمكن هشه أو نشه، وهى ثقيلة على النفس مزعجة ومقبضة تحاول الهرب منها بالانتقال إلى قناة أخرى فتجدها قائمة على تطوير ثقافة التسول وتجميلها إلا أنها تفشل فشلاً ذريعاً لأن التسول له خصائص ثابتة من الصعب أن تتغير أو تتبدل..

أولاها إظهار الضعف والهوان والانكسار لجلب الشفقة، وعصابات التسول التي تسيطر على الشوارع تستغل أصحاب العاهات والأمراض الخلقية وفى غالب الأحيان تصنع هذه العاهات بنفسها.. الأمر الثاني الإلحاح.. ثم الإلحاح.. ثم الإلحاح.. وهذا ما تفعله كافة مستشفيات السرطان وعلى رأسها مستشفى «57357» التي تعرض لنا صور الأطفال المرضى في استجداء رخيص ومزر.. رغم علم القائمين عليه بأن هذا يخالف أبسط حقوق الطفل المريض حتى لو كان الأمر بموافقة منه أو من أهله.. وهنا لا يصبح العلاج بالمجان.. لقد دفع الطفل ثمن علاجه بأن أصبح مادة إعلانية دون احترام لإنسانيته أو خصوصيته.. ورغم علم المستشفى بوجود قوانين تمنع ذلك فإنه يتبجح ويخالف لأنه يعلم تمام العلم أنه لا يوجد من يردعه أو يحاسبه هو أو غيره.. لأن الطفل المريض أصبح ملكاً للمستشفى طالما تفضل وتكرم وسمح بقبوله.. ومن الثابت أنه لا يقبل إلا حالات المرض وهى في بدايتها والتي يسهل علاجها..

ولأن حجم وكثافة وتكرار إعلانات هذا المستشفى يدفعنا إلى السؤال المهم عن تكلفة هذه الحملة المسعورة.. والسؤال يوجه أيضاً إلى زكية وبهية وسعدية و«500 و600 و700» وكل من يرفع راية السرطان في مصر المحروسة.. ومن العجيب والمدهش حقاً أن جمعيات حقوق الإنسان في مصر التزمت الصمت تجاه التجاوزات التي تحدث في حق الأطفال وعائلاتهم من الناحية الإنسانية وخرق القانون في  وقاحة، وهم الذين يقفون على أظافرهم انتظاراً لأى حادث يعتدى فيه أمين شرطة على متهم فتقوم الدنيا ولا تقعد.. وعليه.. ولأن الساكت عن الحق شيطان أخرس.. ولم أكن يوماً بالساكت عن الحق.. ولست بالشيطان الأخرس.. وأعلم أن هذا المقال سيجلب على شخصي الكثير من المتاعب.. ولكنى لا أستطيع أن أختزن الحزن في داخلي أو أكتم رأياً أنا على قناعة به.. ودون توجيه أي اتهام لأحد أطالب بوضع حد لهذه الفوضى والحفاظ على حق المواطن المريض والمواطن خالي المرض فأنا أطالب بالآتي:

1ـ  عدم استغلال المرض في كافة أنواع التسول احتراما لإنسانية المريض وعدم ابتزازه.. وإعمالاً للقوانين الصادرة محلياً ودولياً فى هذا الشأن.

2- على هذه المؤسسات الخيرية بكل أنواعها أن تعلن صراحة عن حجم التبرعات التي تأتيها سنوياً أو شهرياً.. وكذلك حجم الأموال التي يتم إنفاقها على هذه الإعلانات المصدرة للكآبة وزرع جذور اليأس والإحباط.. حيث إن الأمم المريضة لا تنهض.. والكيانات القائمة على التسول سرعان ما يصيبها الانهيار.

3- على هذه المؤسسات أن تكشف عن كيفية إنفاق هذه التبرعات وعدد المرضى الذين تم علاجهم.. وهل الأطباء يعملون بأجر أم هم من المتبرعين..؟ وما أجورهم وأجور جميع العاملين.. وهل هي عادية أم مبالغ فيها؟!

4- مسألة الاستحواذ على أموال التبرعات واحتكارها سواء بالإعلان المكثف أو الغواية أو الادعاء والمبالغة أمر يخالف شرع الله.. وإنفاق أموال التبرعات لابد أن يكون في الغرض الذى تم جمعها من أجله ولا شىء غيره.

وتعالوا بنا نلقى نظرة على هذا الموضوع من زاوية أخرى.. بعض هذه الإعلانات لا يكتفى بالتسول وإنما يلجأ إلى الترهيب وتطل علينا السيدة الفنانة منى زكى في إعلان عن مستشفى بهية قائلة من بين كل ثلاث سيدات في مصر سيدة معرضة للإصابة بسرطان الثدي .. وتخيلوا أيها السادة حال أي سيدة عندما تسمع ذلك؟؟.. والخوف من المرض يأتي بالمرض.. وإعلان آخر لأحد مستشفيات الكبد حيث يطل علينا شخص وهو يرتدى البالطو الأبيض ويحدثنا قائلاً: فيه ناس عايزة تطلع ولادها دكاترة ومهندسين ولعيبة كرة وتكون الصورة على أناس آخر أبهة.. ثم تتحول الصورة إلى أناس في غاية الشقاء والبؤس والرجل يقول وفيه ناس عايزة ولادها تتعالج..!! إعلان تحريضي يبث الفرقة ويزرع الكراهية بين الطبقات..!! ولكنها حرب الاستحواذ القائمة بين مؤسسات الخير جعلتهم لا يفرقون بين ما هو مفيد وما هو ضار..!!

أيضاً الكل يتحدث عن المرض وعلاج المرضى.. ولا أحد يحدثنا عن أن الوقاية أعم وأشمل مما يدل على أن المرض في مصر أصبح بضاعة وتجارة وكذلك الفقر والعشوائيات بسبب نفر من الناس باعوا ضمائرهم وتفرغوا لجمع المال بوحشية أضرت بالسليم والمريض معاً..

الجمعيات الخيرية في كل بلاد الدنيا تقدم خدماتها في جميع المجالات بحكمة وإخلاص وعناية فائقة دون هذا الضجيج الذى أفسد الهواء الذى نتنفسه.. وعشرات.. بل مئات المستشفيات في كل الدنيا تعالج جميع الأمراض التي تصيب كل البشر دون إهانة المريض.. قساة القلوب هؤلاء يبتزون المجتمع الإنساني ويستغلون الفطرة الطيبة والصافية والمشبعة بحالة دينية وروحية تكمن في أعماق الإنسان أسوأ استغلال، زرعوا الكآبة في النفوس وأسسوا ثقافة التسول ونشروا آفات اليأس والإحباط.

وحتى أقطع الطريق على كل منافق مخادع يزعم أو يدعى بالباطل أنني رجل قاسى القلب لا أعرف الرحمة بالمريض أو الفقير أقول لا يعرف ذل المرض إلا من يعايش المرض وأنا رجل مريض قلب وفى حقيبة أوراقي حقيبة أخرى للأدوية وعشت محنة المرض في الغربة حيث يصبح عذاب المريض عذابين وثلاثة.. فأنا مع المريض والفقير ولكنى ضد التجارة في أجسادهما..

والحق يقال إن غالبية الجمعيات الخيرية والإنسانية في مصر كانت تقوم بدورها الإنساني على أكمل وجه في خدمة المجتمع.. إلا أن بعض رجال الأعمال الماكرين أسسوا جمعيات خيرية بقصد ظاهر هو الوجاهة الاجتماعية وقصد خفى هو التهرب من دفع الضرائب حيث تخصم قيمة التبرعات من الوعاء الضريبي.. ومع الخير الوفير الذى تأتى به التبرعات تفرغ رجال الأعمال هؤلاء لإدارة الجمعيات وتركوا أعمالهم الأصلية.

ومن المؤسف حقاً أن تدخل الدولة في هذا المجال الشائك وتنشئ كيانات خاصة بها لقبول التبرعات.. وأيضاً الأزهر الشريف.. والكل عينه ليس على أموال الصدقات وأموال الزكاة فقط.. بل امتد الأمر إلى طلب ثمن هدية عيد الأم.. وتكاليف عيد الميلاد.. وحتى النقود الموجودة فى «حصالات» الأطفال، وبعد يوم أو اثنين سيطلبون منك التبرع بكعك العيد.. وفى عيد الأضحى عليك أن تدفع ثمن الأضحية.. وعليك أن تورد ملابسك القديمة.. وبقايا طعامك.. و.. و…

أقسم بالله أنكم قوم ظالمون..!! أصابتكم حالة سعار ونهم وجشع وسودتم عيشة خلق الله ولم تتقوا الله في هذا البلد العليل.. دمرتم مورد رزق كان يعيش عليه عدة ملايين وهو السياحة.. من سيأتي إلى بلد شعبه جائع ومشرد وتحتله جميع الأمراض الخبيثة وغير الخبيثة.. مصر الجميلة.. أو التي كانت جميلة يقتلها عمداً نفر من أهلها.. وإني في دهشة شديدة من الإعلانات الكثيفة عن الفيلات والقصور والحدائق وملاعب الجولف.. والبحر الذى أصبح تحت قدميك.. إنه التناقض الشديد.. في بلد عشوائي  فيه كل إنسان يفعل ما يريد ودون حساب أو حتى عتاب.. وأقول قولd هذا وأستغفر الله لي  ولكم وأختم مقالي الحزين هذا بدعاء أسأل المولى عز وجل أن يستجيب له.. “ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا”.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]