إميل أمين يكتب: الاقتصاد العالمي.. إلى أين؟

إميل أمين

 بات التساؤل الذي يشغل العالم في الوقت الحاضر، وبعد أربعة أسابيع من العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، موصولا  بالأوضاع الاقتصادية العالمية، لا سيما في ضوء العقوبات المكثفة وغير المسبوقة، المفروضة من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على روسيا.

إلى أين يمضي الإقتصاد العالمي؟.. وهل الأسوأ ومن أسف لم يأت بعد؟.

لا يبدو الجواب يسيرا، لكنه متوقع في كل الأحوال، فقد تسببت الحرب في أوكرانيا والعقوبات الهائلة على روسيا في انكماش التجارة الدولية، ورفعت بشدة أسعار الغذاء والطاقة، وبالضرورة سوف تجبر صندوق النقد الدولي على خفض توقعاته للنمو العالمي الشهر المقبل.

مؤخرا.. أفردت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية الشهيرة، عدة حلقات لاستقراء توجهات العولمة في الأعوام القادمة، وكم كانت المفاجأة كارثية حين توصلت في تحليلاتها إلى أن العولمة التي عرفها العالم خلال العقود الثلاثة الماضية، ربما تتوارى، كما أن التجارة العالمية ستتراجع، ولن تضحى هناك سلاسل توريد عالمية من كل البقاع إلى جميع الأصقاع، بل ستتركز الحركة مع الشركاء فقط، ليعود العالم إلى عالم المجموعات الإقليمية والجغرافية، وربما يتقلص المشهد أكثر، ليصل إلى الانغلاق على القوميات والأعراق، ومن دون الرؤية الواسعة الخلاقة في التعاطي كما كان المأمول في زمن القرية الكونية.

هل الاقتصاد الروسي له دور فاعل على المستوى العالمي؟..  الشاهد أن روسيا تنتج نحو عشرة في المائة من النفط العالمي، كما أنها تزود أوروبا بأربعين في المائة من الغاز، كما أنها مصدر للحبوب والأسمدة في العالم، وأكبر منتج للبلاديوم والنيكل، وثالث أكبر مصدر للفحم والصلب، وخامس أكبر مصدر للأخشاب.. ما الذي يعنيه ذلك؟.

الرد عند جنيفرهيلمان، المحاكية التجارية والخبيرة القانونية  في النظام القضائي لمنظمة التجارة العالمية، وهو أن نظام التجارة كما عرفناه مع وجود منظمة التجارة العالمية في جوهره ومع مجموعة أساسية من القواعد التي يتداول الجميع بموجبها، ينهار.

ولعله من المؤكد أن العقوبات الاقتصادية الغربية لمعاقبة روسيا على غزوها لأوكرانيا، تكدس مجموعة جديدة من العوامل المجهولة على الاقتصاد العالمي الذي تضرر بالفعل بسبب جائحة فيروس كورونا وعشر سنوات من القروض منخفضة الفائدة.

والشاهد أن روسيا بدورها لم تقف مكتوفة الأيدي أمام العقوبات الأمريكية والأوروبية، فقد بادرت إلى اتخاذ بعض الإجراءات التي تعد أولية ومخففة، ولم تلجأ بعد إلى ما يطلق عليه “اليد المميتة”، أي الورقة الخاصة بالغاز والنفط المصدرين إلى  أوروبا.

لقد جاء توجيه الرئيس الروسي بوتين بضرورة فرض حظر وقيود على استيراد وتصدير المنتجات والمواد الخام من البلاد، ليكبل الاقتصاد العالمي بالمزيد من القيود، وليجعل الأحوال الاقتصادية تتردى في قارات الأرض الست وليس في آسيا فحسب.

توفر روسيا نحو 14% من صادرات العالم من النيكل، و21% من البلاديوم، كما تصدر روسيا وأوكرانيا معا، ما يقرب من ثلث صادرات القمح العالمية، وحصة كبيرة من الذرة  وغيرها من المنتجات.

ومع أن روسيا تمثل 1.2 فقط من واردات الولايات المتحدة  الأمريكية من النفط، إلا أن حصة روسيا من المنتجات النفطية  تبلغ حوالي ربع الواردات الأمريكية.

لكن الأهم من ذلك هو أن روسيا توفر 40% من استهلاك الغاز في أوروبا، وحصة روسيا من واردات أوروبا النفطية  30%، ومن المنتجات النفطية 40%.

حتى الثلث الأول من شهر مارس آذار الجاري، وقبل أن تجري موسكو إجراءات عقابية مقابلة على ما هو مفروض عليها، ارتفع السعر العالمي للنيكل بنسبة 67%، كما ارتفع سعر الغاز في أوروبا إلى 4000 دولار لكل ألف متر مكعب (سعر الغاز في روسيا 70 دولار لكل ألف متر مكعب)، وبشكل عام فقد كان ارتفاع أسعار المواد الخادم قياسيا وغير مسبوق منذ بداية العقوبات.

يعن القارئ التساؤل: “هل كانت الولايات المتحدة الأمريكية بدورها بعيدة عن الارتدادات السلبية لأوضاع الاقتصاد العالمي المتردية؟.

بالقطع يمكن للمرء متابعة ما يجري في الداخل الأمريكي، والذي كان يعاني من تبعات التضخم الاقتصادي قبل أزمة غزو أوكرانيا، لا سيما وأن عامين من تفشي جائحة كوفيد-19 المستجد تركا بصمة سيئة في الداخل الأمريكي، تضاف إلى ارتفاع في نسبة البطالة، غير مسبوق في الأربعين سنة الماضية.

تجاوزت نسبة التضخم في فبراير الماضي في الداخل الأمريكي نسبة 8%، ومع الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات، حيث بلغ غالون البنزين على  سبيل المثال في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية تسعة دولارات، فقد ارتفعت أسعار السلع والخدمات بصورة هائلة، ما يهدد بقلاقل مجتمعية، حكما سوف تنعكس على صورة إدارة الرئيس بايدن الحالية والمقبلة على انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر تشرين الثاني المقبل.

الارتدادات الاقتصادية على أوروبا كارثية بدورها، لا سيما وأنه من المنتظر أن تنخفض احتياطيات الغاز في المخازن إلى 10% بنهاية مارس آذار الجاري، ولعل زيادة أسعار السلع والخدمات في القارة العجوز أدى إلى خروج تظاهرات عريضة في العديد من المدن الأوربية رفضا للسياسات التي أدت إلى هذا الغلاء.

يدرك الذين لديهم دالة على علم الاقتصاد أن ارتفاع مستويات التضخم في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، أمر له تبعات كارثية على الاقتصاد العالمي برمته، وليس في الداخل الأوروبي والأمريكي فحسب.

وصول التضخم إلى نسبة 20% في ظل الظروف الراهنة  يعني موت الاقتصاد الغربي، ثم الاقتصاد العالمي، ومع هذا  التضخم، فإن أسعار الفائدة القريبة من الصفر تعني أن رأس المال ومدخراتك الخاصة سوف تتبخر بنفس معدل التضخم، أي بمعدل 20% سنويا.

ما هو متوقع يتمثل في أن رأس المال سيبدأ على الفور في الانتقال من الأصول الملموسة، إلى الذهب والنفط والحبوب وكل ما يمكن أن تمسكه الأيدي، سترتفع أسعار هذه السلع أكثر وأكثر، وسيتحول هذا التضخم إلى تضخم مفرط، ما يعني توقف حركة التجارة العالمية في منطقتي الدولار واليورو على الأقل لبعض الوقت.

هل العقوبات الاقتصادية الغربية هي عقاب أو وسيلة ردع لروسيا؟

غالب الظن أنها أداة عقابية للعالم برمته وليس للروس فقط، وهذه هي الكارثة وليست الحادثة.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]