ترصد الدوائر السياسية في بغداد، مؤشرات الانتخابات البرلمانية التي ستجرى بعد شهرين تقريبا ـ 12 مايو / آيار المقبل ـ وتراقب تحركات القوى السياسية في ظل مناخ ساخن من التنسيق بين التحالفات الانتخابية المتعددة، ومع التكهنات داخل الشارع العراقي بشأن من سيتولى رئاسة الحكومة الجديدة لأربع سنوات قادمة، والتي تتحمل مسؤوليات المرحلة الجديدة في العراق، ما بعد هزيمة «تنظيم داعش» الإرهابي، وتولي مهام مكافحة الفساد المالي والإداري.
وترى الدوائر السياسية في بغداد، أن رئيس الوزراء الحالي، حيدر العبادي، هو الأوفر حظا لرئاسة الحكومة العراقية الجديدة، من خلال قائمة النصر التي يترأسها، رغم ما يواجهه من منافسة شرسة من حلفائه داخل الأغلبية الشيعة، وفي المقدمة نوري المالكي ، الذي ترأس الحكومة (2006 ـ 2014 )، وكل منهما ينتمي إلى حزب الدعوة الإسلامية، وكل منهما يخوض الانتخابات في قائمة منفصلة.. إلا أن انجازات العبادي تدعم ترشحه، خاصة أنه استعاد ثلث مساحة العراق التي كان يسيطر عليها تنظيم «داعش» الإرهابي، منذ صيف 2014 ، وبدأ خطوات جادة على طريق مكافحة الفساد والمفسدين.
«العبادي هو الأوفر حظا لشغل منصب رئيس الحكومة لفترة ثانية من خلال قائمة النصر التي يترأسها»، بحسب توقعات جاسم محمد جعفر (تركماني) والقيادي في حزب الدعوة.. مؤكدا «الأولوية حتما للعبادي، والجو العام يرشحه أن يأخذ ولاية ثانية لأسباب كثيرة منها أداؤه وإنجازاته وهدوءه والمقبولية التي يتمتع بها داخليا وخارجيا».
ويطرح «جعفر»، القيادي في حزب الدعوة الإسلامية أربعة سيناريوهات بشأن الحكومة المقبلة في العراق: السيناريو الأول هو تشكيل حكومة توافقية برئاسة العبادي .. والثاني هو تشكيل حكومة أغلبية سياسية برئاسة نوري المالكي .. أما السيناريو الأخير فيتمثل في وصول شخصية شيعية إلى الحكم مقربة من السعودية والولايات المتحدة.. والسيناريو الرابع يرتبط بأسماء أخرى لديها حظوظ بنسب متفاوتة للوصول إلى رئاسة الحكومة العراقية.
واللافت أن «العبادي» يحاول تذكير الناخبين بأنه قاد العراق لتحقيق النصر على تنظيم «داعش» الإرهابي، عبر حملات عسكرية دامت ثلاث سنوات بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
ومع عدم منافسة السنة والأكراد، على منصب رئاسة الحكومة، وفقا للمحاصصة الطائفية التي أفرزتها العملية السياسيية في العراق، دون وجود نص دستوري، بأن يكون رئيس الجمهورية كرديا، ورئيس الحكومة شيعيا، ورئيس البرلمان سنيا.. فإن كل من السنة والأكراد يتطلعان إلى أن تشغل منصب رئيس الحكومة، شخصية معتدلة، ولديه رؤية وطنية، ويعزز ويرسخ الإنجازات التي حصلت خلال هذه الفترة ويمكّن مؤسسات الدولة من دورها بشكل أوسع، وهو ما يتوافق مع شخصية «العبادي»، رغم ما يؤخذ عليه أنه لم يحقيق مطالب السنة والأكراد.. وتمثل العلاقات بين بغداد وأربيل أحد أبرز الملفات الشائكة أمام رئيس الوزراء العراقي القادم، حيث تدهورت بشدة منذ إجراء الإقليم في سبتمبر/أيلول الماضي استفتاء للانفصال وصفته بغداد بأنه غير دستوري وردت عليه الحكومة الاتحادية بـ «إجراءات عقابية».
وبحسب الدوائر السياسية في بغداد، فقد جرت العادة أن يحظى مرشح رئاسة الحكومة العراقية بمباركة إيران المقربة من الحكام الشيعة في بغداد وكذلك مباركة الولايات المتحدة التي أسقطت نظام صدام واحتلت العراق حتى أواخر عام 2011.. ولكن الخبير السياسي العراقي، أحمد الأبيض، يرى أن التأثير الأمريكي سيكون أكبر هذه المرة في الانتخابات العراقية وتسمية رئيس الوزراء، حاصة وأن هناك تراجعا ملحوظا لدور إيران لا سيما وأنها كانت تعول على التحالف الوطني الشيعي ككتلة مهيمنة، لكن الأخيرة لم تعد كذلك لأن تحالف سائرون الذي يدعمه التيار الصدري (بزعامة رجل الدين القوي مقتدى الصدر)، وتحالف العبادي، ابتعدا كثيرا عن المزاج الإيراني وبالتالي لم تعد طهران متفردة بالقرار.
