لفت الكاتب مراد يتكين في صحيفة حرييت التركية لتعديل كبير طرأ على السياسة التركية حيال سوريا، وخصوصاً في موقف حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان من الحرب الأهلية.
واستهل يتكين مقاله بما قالته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في 6 ديسمبر/ كانون الأول الجاري من أن الوضع في حلب يعتبر” عاراً على جبين الغرب”، لافتاً إلى إلى أنه فيما كانت ميركل تلقي بيانها في برلين، كان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في موسكو يصافح نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف قبل لقائه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
ويفيد يتكين أن أنقرة كانت من أشد المؤيدين للقتال ضد الأسد طوال خمس سنوات من عمر النزاع في سوريا. كما كانت نصيراً ثابتاً لقوات المعارضة السورية التي تحارب قوات الأسد، المدعومة روسياً.
مجلس الأمن
ويشير الكاتب إلى تصويت مجلس الأمن في 5 ديسمبر/ كانون الأول على اقتراح لوقف لإطلاق النار لمدة أسبوع من أجل إيصال مساعدات إنسانية لمحاصرين في مدينة حلب، وهو الذي عارضته كل من روسيا والصين. وبتشجيع من الفيتويين، أكدت دمشق أنها لن تقبل بوقف إطلاق النار ما لم ينسحب جميع مقاتلي المعارضة من شرق حلب. وجاءت تصريحات ميركل بعد التصويت.
انتقاد باسم الغرب
وبرأي يتكين، يمكن اعتبار ما قالته ميركل انتقاداً قوياً وحازماً باسم الغرب. وفيما انتهجت تركيا عدداً من السياسات المتناقضة وغير المتسقة بشأن سوريا، يرى الكاتب أنه ما من أحد في الغرب كان ثابتاً في مواقفه تجاه القضية ذاتها. فقد دخلت تركيا في علاقات خطرة مع مجموعات إسلامية في المعارضة السورية، ما قاد لنتائج مروعة، كان أبرزها مواجهتها لموجة كبيرة من الإرهاب. ولكن الولايات المتحدة، وهي حليف في الناتو، دخلت أيضاً في علاقات خطرة مع حزب العمال الكردستاني ( بي كي كي)، المحظور تركياً، وفي محاربتها لداعش في سوريا والعراق.
ستة حروب
من ثم ظهر جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي ليقول إن ستة حروب تدور في سوريا، مشيراً لمشاركة تركيا في ثلاث منها. وبدا، برأي كيري، أن تركيا تمثل المشكلة الأكبر في سوريا، وأنها تمثل خطراً يفوق ما يشكله وجود الحرس الثوري الإيراني، أو حزب الله على الأرض السورية، أو خطر الحرب الدائرة هناك بالوكالة بين العربية السعودية وإيران.
تطبيع
ويقول يتكين إن زيارة يلدريم إلى موسكو قبل يومين، كانت نتيجة لتطبيع علاقات بين أنقرة وموسكو، بدأت بوادرها في الربيع الماضي. ولكنها تزامنت مع التصويت على مشروع قرار حلب وفيتو روسيا والصين في مجلس الأمن، وهما عضوان كبيران في منظمة شنغهاي للتعاون التي يريد الرئيس التركي إردوغان أن تكون تركيا جزءاً منها، مثيراً استياء حلفائه في الغرب.
نقطة انطلاق
ومرة أخرى، يلفت يتكين، للقاء تم في 6 ديسمبر/ كانون الأول بين أكبر عسكريين تركي وأمريكي، الجنرال خلوصي آكار والجنرال جوزيف دنفورد، في قاعدة إنجرليك الاستراتيجية، مما يعد نقطة انطلاق لعمليات ضد داعش في سوريا والعراق.
وقد تباحث القائدان في “العمليات الأخيرة” بما يعني ضمنياً الوضع في حلب، وتقدم الجيش السوري الحر المدعوم من أنقرة، في مدينة الباب التي يسيطر عليها داعش، فضلاً عن مستوى التعاون الأمريكي مع ميليشيا حزب الاتحاد الديموقراطي ( بي واي دي)، الفصيل السوري لبي كي كي، وهي قضية تثير قلق الحكومة التركية.
تحقيق أهداف
ويشير يتكين لمحاولة أنقرة تحقيق أهدافها، والتي تقلصت بشدة. فبيما بدأت تلك الأهداف بالعمل على قلب نظام بشار الأسد، وصلت اليوم للسعي فقط لوقف تقدم بي واي دي، والسيطرة بشكل كامل على حدود تمتد لأطول من 910 كيلومتراً مع سوريا.
وفي ظل أجواء تزداد غموضاً مع اقتراب تسلم إدارة دونالد ترامب دفة الحكم في واشنطن، لم يعد يهم أنقرة سوى تحقيق هدفها أكان بدعم أمريكي أو روسي.
