الخبراء يحذرون من ارتفاع ديون مصر الخارجية 

حالة من القلق تسيطر على الشارع المصري عقب إعلان الحكومة المصرية نيتها الحصول على قرض كبير من صندوق النقد الدولي لتمويل خطتها لمواجهة الوضع الاقتصادي المتدهور، وزادت المخاوف من اضطرابات اجتماعية بسبب الإجراءات التي قد يفرضها الصندوق وقرارات زيادة الضرائب التي ستطبق قريباً إضافة إلى تراجع قيمة الجنيه، بحسب ما رصد خبراء اقتصاديين.

وقال مصدر حكومي، رفض ذكر اسمه، أن هناك تقريرا أمنيا تم رفعه للرئيس السيسي قبيل اجتماعه أمس مع المجموعة الاقتصادي بشأن تخوف المواطنين وخبراء الاقتصادي من أن تؤدي الإجراءات الحكومية إلى «مفاقمة أوضاع الفقراء، ما قد تتبعه اضطرابات اجتماعية سيقع على عاتق رجال الأمن مواجهتها».

وشدد السيسي خلال اجتماعه أمس مع وزراء المجموعة الاقتصادية في الحكومة على ضرورة «اعتماد مقاربات توازن بين الإجراءات الإصلاحية والتوسع في برنامج الحماية والمساندة الاجتماعية».

وتزامن إصدار هذا التقرير الأمني مع قيام الحكومة المصرية باتخاذ خطوات سريعة للحصول على 21 مليار دولار من المؤسسات الأجنبية على مدار 3 سنوات.

وتتضمن خطة الحكومة الحصول سنويا على 4 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، و2 إلى 3 مليارات دولار عبر إصدار سندات دولارية في الأسواق الخارجية، و3 مليارات دولار على شريحتين من البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية لدعم الميزانية.

وبالإضافة إلى ذلك، سيتم طرح 5 إلى 6 شركات حكومية في البورصة المصرية، والتي من الممكن أن تجذب استثمارات المحافظ الأجنبية.

وشهدت الديون الخارجية لمصر ارتفاعا كبيرا منذ بداية العام المالي الجاري 2015/2016، إذ ارتفعت بنحو 53.4 مليار دولار فى ستة أشهر فقط، علاوة على الدين المحلى المتصاعد نتيجة لرفع نسب الفائدة والذى تجاوز الـ2 مليار جنيه، وأصبح في الوقت الحالي يهدد خطط التنمية وتمويل القطاعات الاستراتيجية في الدولة مثل الصحة والتعليم والبحث العلمى وباقى الخدمات الأخرى.

ودفع ذلك مجلس النواب المصري إلى فتح ملف القروض الخارجية خلال جلساته التى جاءت عقب عيد الفطر المبارك، وبعد إقرار مشروع الموازنة المالية الجديدة للعام المالى ٢٠١٦/٢٠١٧، خاصة بعد أن أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى تعليمات مشددة لوزيرة التعاون الدولى بضرورة مراجعة سياسة الاقتراض الخارجى وعدم توقيع أى قروض جديدة إلا لأغراض إنتاجية ولمشروعات قادرة على سداد أعباء هذه القروض.

مراجعة سياسة الاقتراض ضرورة

وفي هذا السياق، قالت الدكتورة سلوى العنتري لـ«الغد»، «تعد خطوة مراجعة سياسة الاقتراض الخارجي من أهم الخطوات التي كان لابد من مراجعتها ودراستها في الفترة المقبلة، حيث تمثل الديون الخارجية لمصر، بغض النظر عن الجهة المقترضة، التزاما يتعين سداده من موارد مصر من النقد الأجنبي، ونظرا إلى أن تلك الموارد محدودة وغير مستقرة فإن خدمة القروض الخارجية تمثل عبئا على حصيلة مصر من النقد الأجنبي، وضغطا على سعر صرف الجنيه».

وأضافت العنتري، أن «أي جهة مقترضة في مصر ستلجأ إلى الجهاز المصرفى لتدبير السيولة الدولارية اللازمة حين يحل موعد سداد الفوائد والأقساط، وبما أن موارد البنوك لا تسمح بسداد هذه المبالغ ستلجأ الجهات المقترضة إلى السوق السوداء لتغطية احتياجاتها، مما سيعمل على زيادة الطلب على العملة الخضراء في مقابل قلة المعروض، ومن ثم ارتفاع سعر الدولار في مقابل تراجع قيمة الجنيه المصري».

وأضافت «هذا التضخم المتزايد في قيمة القروض الخارجية يعني أن الاقتصاد الوطني في أشد الحاجة إلى أفكار من خارج الصندوق مما يأتي بمردود إيجابي على تطويره ودعمه خلال السنوات القادمة».

تخوفات من غياب بدائل القروض وإدارة المخاطر

من جانبه يرى الدكتور فخري الفقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، لـ«الغد»، أن «هناك ناقوس خطر يدق محذرا من خطر تراكم الديون التى يتحمل أعباؤها الأجيال القادمة، فالقيمة الإجمالية للقروض التي حصلت عليها مصر خلال السنة الماضية فقط وصلت إلى 19 مليار جنيه أي ما يعادل 2.164 مليار دولار، كما بلغت قيمة أقساط القروض المستحقة عن العام 2016/2017 نحو 256.3 مليار جنيه، ليتخطى بذلك إجمالي العجز الحقيقي في الموازنة المالية المصرية لعام 2016/2017 نحو 576 مليار جنيه سيتم الوفاء بها في صورة قروض، علي الرغم من أن بند خدمة الدين تبلغ قيمته 292.5 مليار جنيه فقط بنسبة 31.2% من حجم المصروفات وهو ما يعادل ثلث الموازنة».

وأضاف الفقي، «من ناحية أخرى، انخفض الاحتياطى من النقد الأجنبى لدى «المركزى المصرى» من 36 مليار دولار بعد منذ تولي السيسي، ليصل إلى 17 مليار دولار، وهو ما يكفى فقط لتوفير واردات مصر الاستراتيجية لمدة 3 أشهر».

وأوضح الفقي، أن «المساعدات والودائع الخليجية ستساعد فى الوفاء بسداد الاستحقاقات القادمة، إلا أن هناك أزمة دولار وهو أمر يحتاج إلى تدابير وإجراءات استثنائية فيما يخص سياسة الاقتراض».

وأشار الفقي، إلا أن المشكلة لا تكمن فى الاقتراض رغم خطورته، لكن تكمن فى عدم دراسة بدائل القروض وإدارة المخاطر قبل وقوع الأزمات وكيفية سدادها دون أن تتراكم خلال السنوات القادمة لتمثل عبئا على كاهل الحكومات والأجيال في المستقبل».

موارد مصر تسمح بالتوسع في الاقتراض

وأوضحت سارة عيد، مساعد أول رئيس وحدة السياسات الكلية بوزارة المالية، لـ«الغد»، «رغم أن قيمة فوائد خدمة الدين بالموازنة الجديدة بلغت نحو 292 مليار جنيه بنسبة 31.2% من حجم المصروفات، ووصل حجم الدين الخارجي إلي 53.4 مليار دولار، مقابل دين داخلي يبلغ نحو 2.4 تريليون جنيه، فإن الدين الخارجى لمصر يقع فى حدود آمنة، مما يتيح لمصر مجالا أكبر للتوسع فى الاقتراض من الخارج».

وأضافت عيد، «يختص بتسديد الدين الخارجى لمصر جهات عديدة منها البنك المركزى المصرى والبنوك وغيرها من قطاعات الدولة الأخرى، فيما يبلغ نصيب الحكومة من إجمالى الدين الخارجى أقل من 46%، كما يمثل نحو 7.6% فقط من الناتج المحلى الإجمالي، مما يعني أنه لا يوجد مبرر للقلق».

وأوضحت عيد، أن «التوجه الذى تعكسه الموازنة العامة للدولة على مدى عامي حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي هو تخفيض تكلفة القروض الحكومية من خلال تنويع مصادر التمويل، بما فى ذلك الاقتراض من الخارج، باعتبار أن أسعار الفائدة على النقد الأجنبى أقل بكثير من سعر الفائدة على الجنيه المصري».

وأشارت، إلى أن «السيسي أصدر توجيهات بشأن أهمية إعداد دراسات جدوي جيدة للتأكد من أن الوزارات الخدمية التي تحصل علي قروض قادرة علي تسديدها، حيث تحصل الوزارة علي قروض بهدف سد عجز الموازنة وضخها في مشروعات تنموية وأعمال البنية التحتية التي تحتاج إلي سد فجوتها التمويلية».

مصر قادرة على السداد

من جانبها ترى الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة الاقتصادية وعضو مجلس النواب، لـ«الغد»، أنه «رغم زيادة قروض مصر الخارجية خلال الفترة الماضية فإن سداد مصر آخر قسط من الودائع المستحقة عليها لقطر، والبالغ قيمته مليار دولار، يعني أن مصر قادرة على تنفيذ التزاماتها».

وأضافت فهمي أن «مصر التزمت بدفع هذا المبلغ رغم أن قطر لم تطلب الوديعة، وكان من الممكن تأخير دفعها مع تحمل تكاليف الفوائد، لكن مصر اختارت سدادها في موعدها المستحق، على الرغم من الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها مصر في الوقت الحالي».

وأشارت فهمي إلى أنه «لا يجب التخوف من زيادة قمية القروض الخارجية، طالما أننا قادرون على سدادها، حيث أصدر الرئيس السيسي أوامر مؤخرا بعدم التوقيع علي القروض بدون التأكد من إمكان سدادها، مما دفع البنك الدولي إلى إبداء استعداده لمنح مصر قروضا تصل إلي 6 مليارات دولار».

يذكر أن السيسي قد اجتمع أمس مع رئيس حكومته شريف إسماعيل وأعضاء المجموعة الوزارية الاقتصادية التي تضم محافظ البنك المركزي ووزراء التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، والتموين والتجارة الداخلية، والكهرباء والطاقة المتجددة، والتعاون الدولي، والبترول والثروة المعدنية، والتجارة والصناعة، والمال، وقطاع الأعمال العام، والاستثمار، عرضت خلاله المجموعة «التطورات الأخيرة في أسواق النقد والأوضاع الاقتصادية والمالية، كما تمت مناقشة المؤشرات الاقتصادية المستقبلية وأرقام الموازنة العامة».

وأوضح بيان رئاسي أن رئيس الحكومة عرض نتائج مناقشات اللجنة الوزارية الاقتصادية لتوفير التمويل اللازم لاستعادة الاستقرار في الأسواق المالية والنقدية.

وأشار البيان إلى أن «الاجتماع عرض نتائج المحادثات مع صندوق النقد الدولي في شأن دعم الصندوق لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تبنته الحكومة المصرية ويجري تنفيذه، وذلك من خلال برنامج مالي على مدى السنوات الثلاث المقبلة. وتم الاتفاق على استمرار كل من محافظ البنك المركزي ووزير المال في هذه المحادثات وإنهاء المفاوضات مع بعثة الصندوق التي ستصل إلى القاهرة السبت».

وشدد السيسي على «ضرورة أن يأتي التعاون مع صندوق النقد الدولي بهدف تعزيز الثقة الدولية في الاقتصاد وجذب الاستثمارات الخارجية، وضرورة تحقيق التوازن المطلوب بين الإجراءات الترشيدية للبرنامج الإصلاحي، والاحتواء الكامل لآثاره على محدودي الدخل من خلال التوسع في برنامج الحماية والمساندة الاجتماعية المتكاملة، مع الحفاظ على أسعار السلع الغذائية الرئيسة التي تهم محدودي الدخل».

وأضاف أن «الاجتماع خلص إلى أهمية مواصلة الحكومة تنفيذ برنامجها الإصلاحي بكل حسم وإصرار لمواجهة المشكلات الهيكلية التي عانى منها الاقتصاد خلال السنوات الماضية والتي أثرت سلباً في معدلات التنمية والاستثمار».

ومن المقرر عرض تفاصيل الاتفاق مع صندوق النقد على البرلمان، والذي يتوقع معه حصول شد وجذب بين النواب وممثلي الحكومة. لكن غياب كتلة موحدة للمعارضة سيؤدي في النهاية إلى الموافقة على خطة الحكومة والقرض.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]