تبقى فاتن حمامة النموذج الإبداعي الثري بالتغيرات، بالرغم من ظهور أجيال جديدة من الفنانات.
لم تكن فقط صاحبة موهبة متميزة في مجالها، بل أثرت على المجتمع بما قدمته من أعمال.
اليوم نحتفي بذكرى ميلادها الـ85، بالمرور على حياتها الغنية بالتجارب، والعقبات، والنجاحات.
“الملاك” اسم حركي أطلقه الموساد على أشرف مروان، واسم فيلم بثته شبكة نتفليكس، يجدد أسئلة معلقة حول شخصية أحيطت قصتها بألغاز، هو زوج ابنة الرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر واتهم بأنه عميل مزدوج ما بين المخابرات المصرية والإسرائيلية. عرض خدماته على إسرائيل وأمدها بمعلومات لا تقدر بثمن.
فيلم يحتاج إلى الكثير كي يكون أهلا للمشاهدة، رغم أنه ينطوي على وصفة مضمونة لا تخيب وهي الجاسوسية، يتسم بطابع مرتبك يفتقد التشويق مثلما يجب أن تكون أفلام الجاسوسية، والطريقة الوحيدة للبحث عن معنى لهذا الفيلم هو اعتباره كوميديا لا يراد له أن يكون هكذا، خاصة بمشاهده الأولى في اجتماع عبد الناصر بالسفارة المصرية في لندن، بينما ناصر لم تطأ قدمه العاصمة البريطانية في الحقيقة.
الفيلم مثقل بمن يتحدثون المصرية بلهجة غلب عليها الطابع المغاربي تنطق جمل حوارية على نحو متكلف لصياغتها بشكل مزعج للغاية، ومشاهد حميمية غير مثيرة على الإطلاق، فضلا عن مشاهد أخرى مستعارة من أفلام عتيقة بالية تتخلل الأحداث هنا وهناك، يصل هذا النهج إلى ذروته في مشهد الجواري في بلاط قصر القذافي.
الفيلم ينطوي على الكثير من المواقف الهزلية؛ كأن يظهر رجل يعمل في مكتب رئاسي؛ يفاجأ بحماه الرئيس ذي الشخصية القوية -ويدعى عبد الناصر- (كما يصوره الفيلم خالي من الكاريزما وهذا يكفي لكشف نوايا الفيلم) يعامله باحتقار، فرأى أن الحل الوحيد لمشاكله في أن يصبح “جاسوسًا”، فنظر نظرة في المرآة وجد نفسه أمام عميلا؛ فماذا عسانا أن نفعل؟
كل الأحداث هنا رهن المصادفة: اللقاءات، الأماكن، الأحداث. الافتعال سيد الفيلم. نرى مصريا يشغل منصباً رفيع المستوى (يجسد شخصيته مروان كنزاري ممثل هولندي من أصل تونسي)، وهو يعدو إلى كابينة تليفون يرفع السماعة ليفضح هويته هو نفسه، آلو.. الموساد. ليُعاد محملا بالخزي والعار، وبعد عمله في المكتب الرئاسي في عهد السادات سرعان ما يهاتفه الموساد ليعرض خدماته ويكشف أسرار القاهرة من خلال موقعه الرفيع دون أن يدري به أحد، وفجأة نجده يحمل لدى الموساد اسما حركيا هو “الملاك”.
عرض خالي من القواعد الفنية، سيناريو كتبه ديفيد آراتا في منتهى السوء والركاكة، يعتمد على رواية ألفها آخر يدعى يوري بار جوزيف، قصة لا تكفي لإقناعنا بأن هناك ما يكفي لإشعال شرارة الحقد داخلنا للرد المحموم عليه فنيا أودبلوماسيا، ويجب ألا نتبنى موقفا سجاليا مغايرا من أشرف مروان.
قليل من القدرات الفنية للأبطال، ميساء عبد الهادي، وهي من عرب إسرائيل، دور منى عبد الناصر، بينما يلعب دور عبد ناصر الممثل الأمريكي من أصل فلسطيني وليد زعيتر، دوره قصير نسبيا بدلا من أن يكون طاغيا على حضور سائر الطاقم كما في الحقيقة، فيما أخفق الممثل الإسرائيلي من أصل عراقي ساسون غاباي في لعب دور السادات.
فيلم ينطوي على الكثير من الاستفزاز، كأنه يكاشف أشياء كثيرة في هذا العالم، أبرزها الفكرة العجيبة في الفيلم بزعم أن مروان تجسس لحساب إسرائيل ودوره في حرب أكتوبر 1973، واضطلاعه بأدوار تجسسية بطولية داخل أروقة الحكومة، ثم لا يعلن أي موقف من مروان واضعا أيانا في منطقة التباس مصورا مروان بالجاسوس الرافض لحرب يروح ضحيتها الأبرياء.
على أي حال، فمن العسير تصور أنه في عصر يحكم فيه مصر رئيس معروف بدهائه مثل السادات، وينسب إلى مكتبه أنشطة مثل الجاسوسية، ويغفل بهذا الشكل الحقيقة الخالدة “لا تكشف عميلا سابقا”، وطالما كشفته فـمروان ليس كذلك.
