بعد سلسلة الانتصارات المتوالية التي حققتها وحدات حماية الشعب الكردية السورية، المدعومة عسكريًا من أمريكا ضد تنظيم داعش في سوريا، ولاتخفي تركيا قلقها من الطموح الكردي السوري، خاصة مع سيطرة الأكراد السوريون على شريط متصل طوله 400 كيلومترًا، على الحدود السورية التركية من الحدود العراقية حتى نهر الفرات، كما يسيطرون أيضًا على قطاع منفصل على الحدود الشمالية الغربية في منطقة عفرين.
وبحسب تقرير نشر بالنيويورك تايمز الأمريكية، فإن أنقرة تنظر ﻷكراد سوريا، كخطر محدق على الأمن القومي التركي، بسبب علاقات الأكراد القومية في الداخل والخارج التركي.
وتقول الصحيفة، أن تقدم الأكراد جنوبًا، إلي تل أبيض باتجاه الرقة العراقية، عاصمة تنظيم داعش، تتسبب في توتر العلاقات الأمريكية التركية، خاصة مع سلسلة انتصارات الأكراد المتوالية، بعد توسع الدعم الأمريكي، لمليشياتهم.
ورغم أن الأتراك حليف مهم للولايات المتحدة، وعضوا بحلف الأطلسي، آلا أن نقطة الخلاف الدائم بين الأمريكان والأتراك، هو القلق من مستوى دعم الولايات المتحدة للمليشيات الكردية السورية، التي تقاتل تنظيم الدولة.
ومؤخرًا أبدت تركيا، غير مرة، استعدادها فرض إقامة منطقة عازلة داخل سوريا، لتحد من طموحات الأكراد.
وبحسب رويترز، يستعد أكراد سوريا للإعلان غدًا الخميس، عن نظام اتحادي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم في شمال سوريا، في خطوة من المرجح أن تزيد من تعقيد مباحثات السلام، التي تجري في جنيف، بهدف إنهاء القتال المستمر منذ أكثر من 5 سنوات.
وفيما يبدو أن الأكراد يتجهون لإدارة شؤونهم بأنفسهم، بعد استبعادهم من مباحثات جنيف، التي بدأت الاثنين الماضي، وقرروا ضم 3 مناطق يسيطرون عليها، تتمتع بإدارة ذاتية فيما أطلقوا عليه «النظام الاتحادي الديمقراطي لروج آفا- شمال سوريا»، فيما لم تتضح بعد ملامح النظام الجديد، ولم يشمل أي إشارة للانفصال عن سوريا.
لكن أيًا كان القرار الكردي، الذى يتم الإعلان عنه غدًا في مدينة رميلان، التي يسيطرون عليها، بعد تحريرها من قبضة داعش، إلا أن القرار بلا شك، يثير حفيظة دول مثل تركيا، التي تخشى أن يؤدي النفوذ المتنامي للأكراد في سوريا، إلى إثارة مشاعر انفصالية بين الأقلية الكردية الموجودة على أراضيها.
وهو ما دفع الولايات المتحدة لسرعة الإعلان عن موقفها من الوضع الجديد، على لسان المتحدث باسم الخارجية الذي صرح بمؤتمر صحفي عاجل، بأن أمريكا لن تعترف بأي منطقة شبه مستقلة أو حكم ذاتي في سوريا.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية التركية «الوحدة الوطنية لسوريا وسلامة أراضيها أمر جوهري بالنسبة لنا، أي شيء بخلاف ذلك سيعد قرارات أحادية لا تتمتع بالشرعية».
ويأتي التحرك الكردي المفاجئ، بعد ثان أيام سحب روسيا المزيد من طائراتها الحربية من سوريا، حيث أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على نحو مفاجئ، انتهاء العملية الروسية، بعدما قلب وجودها موازين القوى لصالح قوات الرئيس بشار الأسد، إلا أن الأمل في تحقيق انفراجة خلال مباحثات السلام مازال ضئيلًا.
وكانت وزارة الدفاع الروسية، قد رصدت الأربعاء، 10 انتهاكات جديدة للهدنة التي تم إلزام جميع أطراف الصراع السوري بها، على أمل إنجاح مباحثات السلام التي تجري في جنيف منذ الإثنين الماضي، إلا أن اﻷكراد وبعد استبعادهم من مائدة التفاوض السوري/السوري، قرروا إدارة شؤونهم بأنفسهم، وهو ما تعتبره أنقرة عمل معادي، قد يفشل مباحثات السلام السوري.
