يبدو أن هناك تربصا بالهدنة المؤقتة في سوريا، لفتح بوابة التدخل البري «عسكريا»، بحسب تعبير خبراء سياسيين وعسكريين، ورغم أن الاختراقات المحدودة لاتفاقية «وقف العمليات القتالية» ليست مؤثرة ولا تهدد الهدنة، إلا أن «الخطة» قائمة ومؤشراتها واضحة، لبدء تنفيذ الخطة البديلة، التي أعلن عنها صراحة وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، بأن هناك «خطة ب»، إذا اتضح أنه لا توجد جديّة لدى النظام السوري، في التقيد باتفاقية وقف القتال، وهي اتفاقية تحمل ثغرات عديدة، وبنودا مطاطية، تتيح القول في لحظة باختراق الجيش السوري للهدنة.
مبررات الحل البديل في سوريا
يرى الخبير العسكري المصري، اللواء محمود عبد اللطيف، أن وضع «خطة بديلة» مسبقا، وقبل الإعلان عن اتفاقية وقف العمليات القتالية، يكشف النوايا بزعم التوجه لـ«الحل البديل»، وهو ما أشار إليه وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، بأنه ستكون هناك خطة بديلة إذا اتضح أن الحكومة السورية وحلفاءها غير جادين بشأن الهدنة، لكنه لم يذكر تفاصيل بالطبع، ولكنه أكد أن هناك خيارات أخرى.
وقال الخبير العسكري لـ«الغد»، إن موقف التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لم يتغير، باعتبار أن الحل يشمل سوريا دون بشار الأسد، لا يوجد خلاف أو مساومة على هذا، ولكن هل يخرج بموجب حل سلمي، أو بموجب حل عسكري؟ وكما نرى فإن الحل السلمي تعترضه شروط المعارضة السورية المدعومة أمريكيا وخليجيا، كما أن الهدنة باتت محاصرة باتهامات المعارضة والتي تصرح بأنها لن تستمر وستفشل، وهي خطوات مرسومة لخلق مبررات التدخل البري في سوريا.
وأوضح الخبير العسكري، العميد علوي فهمي، أن التحالف الدولي بقيادة أمريكا يبحث التوغل البري في سوريا، وسبق أن بحث وزراء دفاع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش»، قبل أسبوعين، إمكانية التوغل بريا في سوريا، لكنهم لم يتخذوا قرارا حتى الآن، فقد نوقش القرار على المستوى السياسي، بحسب تصريحات كبار المسؤولين في الولايات المتحدة، وبقي مناقشته كـ«مهمة عسكرية».
«الهدنة المؤقتة» عقدة التدخل البري
وقال فهمي لـ«الغد»، نحن أمام خطة وليست مجرد نوايا، والخطة رهن المناقشات حول جوانبها العسكرية، من حيث القدرات العسكرية، ونوعية التسليح المناسب للتدخل البري في سوريا، ومن أين تصل القوات إلى سوريا، أي منافذ الدخول والقطاعات العسكرية، التي ستشهد المواجهات المحتملة بعد دخول القوات.
وأضاف الخبير العسكري، العقدة الآن في «الهدنة المؤقتة»، ولذلك من المتوقع أن تدعو الدول الغربية إلى اجتماع طارئ لبحث انتهاكات الهدنة في سوريا، وسوف يعلن حلف الأطلسي عن «قلقه» من الحشد العسكري الروسي في سوريا، وهي خطوات نسبق تطبيق الخطة البديلة في سوريا.
التربص بالهدنة وسوريا
ويشير الخبير السياسي المصري، الدكتور مخمد السعيد إدريس، رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، إلى أن هناك نقاشا كبيرا يدور الآن حول خطة بديلة في حال انهارت الهدنة في سوريا، ولم تستبعد مصادر دبلوماسية إمكانية التدخل العسكرى الأمريكي المباشر، كما هدد وزير الخارجية الأمريكي، بأنه من الصعب أن تبقى سوريا موحدة إذا استغرق إنهاء القتال فترة أطول.
ويرى إدريس، أيا كانت جدية هذه التهديدات من عدمها، فالأمر الذي بات مؤكداً هو أن التربص باتفاق وقف الأعمال العدائية يكشف عن أن هذا التربص يتجاوز الاتفاق إلى التربص بسوريا ومستقبلها بقدر ما يؤكد أيضا أن خيار تقسيم سوريا سيبقى دائما الخيار الأمريكي البديل، الذي يفضح كل مخططات التدخل في سوريا والتآمر عليها.
