رغم نفي واشنطن، رسميًا، أي خطط للمصالحة مع إيران، وكذلك أي تغيير في تحالفاتها في الشرق الأوسط، إلا أن الدوائر السياسية الأمريكية، أشارت إلى أن ادارة الرئيس باراك أوباما، تأمل في إقامة توازن بين الخصمين التقليديين، الرياض وطهران، سعيا لوضع حد للحروب التي تهز المنطقة مثل الحرب المدمرة في سوريا، وهي معادلة تبدو مستعصية، وأن الولايات المتحدة قامت بـ«مجازفة محسوبة» بتقاربها مع طهران.
وتساءل معهد السياسات الدولية في واشنطن: كيف يمكن إعادة الدفء إلى العلاقات مع إيران دون إثارة الحليف السعودي؟.
ويرى خبراء سياسيون أمريكيون، أن تقارب الولايات المتحدة مع إيران لن يحقق التوازن الذي تريده واشنطن في الشرق الأوسط، بل هو بمثابة «مجازفة استراتيجية محسوبة لكنها مستعصية» على تهدئة القلق لدى دول المنطقة ومن بينها السعودية.
وأكد الخبراء، لصحيفة واشنطن بوست، أن الولايات المتحدة راهنت على اعتماد سياسة انفراج مع عدوها اللدود إيران بعد 35 عاما من القطيعة، مجازفة بعلاقاتها مع السعودية، وأن الإدارة الأمريكية في بحثها عن التوازن تبنت استراتيجية الركنين الأساسيين التي اعتمدها الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون، في سبعينيات القرن الماضي، وتستند في آن واحد إلى الرياض وطهران لضمان الأمن في الخليج.
ويؤكد الباحث في مؤسسة كارنيجي للأبحاث، فريدريك ويري، أن رؤية أوباما بالنسبة للخليج تقوم على التوازن، وأن توصل الرياض وطهران إلى تفاهم، سوف يسهل انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، لتتوجه إلى آسيا، أي تطبيق سياسة «إعادة التموضع» الأمريكية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ التي يسعى أوباما لانتهاجها منذ 2009.
وبينما اعتبر الباحث المتخصص في شؤون إيران لدى كارنيجي، كريم سجادبور، أن هذا الحياد الذي أبدته الولايات المتحدة تجاه التوتر بين السعودية وإيران، والمرونة وعدم التشدد في الموقف الأمريكي تجاه السياسة الإيرانية، يطرح مشكلة «ميل إلى الفرس» فهناك في الخليج العربي، من يطرح هذه المشكلة باعتبار أن أوباما يبدي ميلا إلى الحضارة الفارسية، وأنه ليس لديه الميل نفسه إلى الحضارة العربية.
ويستعرض تقرير مركز الدراسات الدولية في موسكو، القلق الخليجي من التقارب الأمريكي الإيراني، المثير للتساؤلات داخل الدوائر السياسية العربية، الرسمية وشبه الرسمية، حسب تعبير التقرير السياسي الروسي، خاصة وأن الولايات المتحدة لم تصطف بوضوح إلى جانب المملكة السعودية، أثناء الأزمة الإيرانية السعودية، رغم أنها كانت على الدوام في الماضي يدا بيد مع السعودية، ما أثار غضب الرياض، وفي حين أبدت واشنطن، بحسب التقرير، ليونة كبيرة في التعامل مع إيران، حيث لم يقتصر الأمر على رفع العقوبات الاقتصادية، ولكن أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أمس، الأحد، أن واشنطن وطهران توصلتا إلى تسوية لدعوى أقيمت قبل فترة طويلة في لاهاي أُفرج بموجبها عن 400 مليون دولار لإيران كانت مجمدة منذ عام 1981، بالإضافة إلى 1.3 مليار دولار كفوائد للمبلغ.
لقد توج هذا التقارب الأمريكي الإيراني، حسب تعبير الدبلوماسي الفرنسي في نيويورك، فرانسيس ويلي، لصحيفة يو إس تودي الأمريكية، في اللحظة الأخيرة حين قرر المسؤولون في الإدارة الاميركية تأجيل تطبيق مجموعة من العقوبات المحدودة ومحددة الأهداف كان الغرض منها معاقبة ايران على حوادث إطلاق الصواريخ الأخيرة القادرة على حمل رأس نوويةن وأن التأجيل والمرونة الأمريكية تجاه إيران أثارت تساؤلات بشأن تعامل إدارة أوباما مع الجمهورية الإسلامية، وقدرتها على مواصلة العمل لتنفيذ تعهدها بالتشدد فيما يتعلق بالعقوبات السارية خارج إطار العقوبات المفروضة على برنامج ايران النووي.
