لم يعد التساؤل داخل الدوائر السياسية العربية والغربية حول تأثير التوتر بين السعودية وإيران على حل الصراع السوري، ولكن حول حقيقة مواقف الدول الراعية لمباحثات الحل السياسي في سوريا، وهل تكفي وعودها لتيسير العملية السياسية في جولة المحادثات المقبلة في الخامس والعشرين من الشهر الجاري في جنيف.
موفد الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، كشف عن مؤشرات تفاؤل عقب مباحثاته في الرياض وطهران، معتبرا أن الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وإيران لن تؤثر في المفاوضات حول النزاع السوري، فيما يرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن الخلاف بين السعودية وإيران، سيعقد محاولات التوصل إلى حل للصراع السوري.
التحليل الذي عرضه اليوم، الثلاثاء، تقرير المركز الدولي للدراسات السياسية والاستراتيجية في موسكو، يشير إلى أن الوعود ليست كافية لرعاية مباحثات جنيف بين ممثلي النظام السوري والمعارضة، لأن الموقف الذي يحدد النجاح أو الفشل بيد المعارضة السورية المسلحة، وهي التي «تلعب» حاليا بورقة الأزمة السعودية ـ الإيرانية، في محاولة لاستثمار مناخ التوتر بين القوتين الفاعلتين والمؤثرتين على مسار الأزمة السورية، وبدأت تعلن عن شروط جديدة قبل بدء المباحثات!.
ويؤكد خبير إدارة الأزمات والباحث في مركز موسكو الدولي للدراسات، غوربي سيرجانوف، أن الملف السوري سوف يزداد تعقيدا تحت تأثير التوتر متعدد الجوانب بين الرياض وطهران، والتوتر لن ينتهي قريبا، وفي حال تهدئة الأجواء بين البلدين فإن تداعيات الأزمة سوف تستمر طويلا بين البلدين، وتسحب معها الأزمة السورية إلى دوامة تعقيدات جديدة، كشفت عنها مبكرا الشروط التي طرحتها المعارضة المسلحة السورية، وفي مقدمتها وقف القصف الروسي في سوريا حتى تقبل التوجه إلى جنيف.
وفي القاهرة، يرى السياسي والمعارض السوري، سالم السراج، أن التصريحات الرسمية الواردة من السعودية وإيران، بشأن عدم تأثير التوتر بينهما على الحل السياسي للصراع في سوريا، مجرد رسائل دبلوماسية، ولكن الحقيقة شىء آخر.
وقال السراج لـ«الغد»، إن التأثير الفعلي للأزمة السعودية الإيرانية، وقع على تحركات المعارضة السورية المسلحة التي تلقى الدعم من الطرفين، أما نحن كمعارضة سياسية وطنية خارج هذا التأثير، باعتبار أن المصلحة السورية العليا، في التوافق حول الحل السياسي الذي ينقذ شعبنا من ويلات الحرب المستعرة منذ خمس سنوات تقريبا.
وأوضح السراج، أن وفد المعارضة إلى محادثات جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة، يتكون من 15 شخصا بالإضافة إلى 15 آخرين في الاحتياط، يدعمهم 15 من الخبراء والمختصين في القانون الدولي، والتشكيلة تتضمن مجموعة من ممثلي الفصائل المسلحة، وهنا تبرز العقدة الجديدة حيث أبلغت الحكومة السورية، وسيط الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، ضرورة الحصول على قائمة بمجموعات المعارضة التي ستشارك في المفاوضات، خشية انضمام جماعات إرهابية، في حين تصّر المعارضة المسلحة على أن هذه العناصر هي الأقدر على تمثيل المعارضة في ما يتعلق بالأمور الأمنية والعسكرية، وسيكون لهم دورهم في الوفاء بالالتزامات التي يتم التوافق عليها وجعلها واقعا فعليا على الأرض.
ويضيف السياسي والمعارض السوري المقيم بالقاهرة، أن ممثلي المعارضة المسلحة، سوف يتحدثون ويعبرون عن مواقف وتوجهات الدول الداعمة لهم، وهنا سوف يتضح تأثير التوتر الساخن بين السعودية وإيران، ولذلك فإن مباحثات جنيف مهددة بالفشل سواء قبل أو حتى بعد انعقاد جلساتها، وبعيدا عن الوعود الدبلوماسية التي تخفي النوايا الحقيقية للآخرين تجاه الصراع في سوريا.
