عاد مجد المسلسلات التاريخية من جديد للوطن العربي على يد الدراما السورية، بعد أن قارب الجمهور العربي على نسيانها.
بدأت الدراما السورية في أوائل الألفية الماضية بجذب جمهور الوطن العربي، خاصة الجمهور المصري، المحصور داخل أعماله الدرامية.
وكانت المسلسلات التاريخية غاية في الإتقان، وعلى درجة كبيرة من الاحترافية، ولفتت نظر الجميع للدراما السورية بجميع فئاتها.
ومع بداية الأزمة السورية حدثت تغيرات كثيرة في الدراما، كنتيجة طبيعية لاضطراب الأحداث داخل سوريا، لكن رغم ذلك لم يتوقف الإنتاج الدرامي، الذي أصابه الوهن بشكل ملحوظ.
الفنانون السوريون مع اختلاف آرائهم نحو أزمة بلادهم، قرر عدد منهم مغادرة الوطن والاستقرار في مجموعة من الدول العربية شملت دبي ومصر وقطر والأردن ولبنان، وبدأت الدراما تقفد عددا من نجومها، ليضاف هذا إلى مجموع الأزمات التي تمر بها.
ورغم كل هذا استمر العمل وأنتجت سوريا في 2011 حوالي 22 مسلسلا، أي نصف ما كان ينتج سابقا، اختفى من بينها المسلسل التاريخي، وشمل المسلسلات الاجتماعية والبيئة الشامية.
ويعد الاستمرار في حد ذاته وسط كل هذه التحديات أمرا عظيما، حيث أنتجت 12 مسلسلا في 2012 مع عودة المسلسلات التاريخية على استحياء، وفي 2013 أنتجت الدراما السورية 23 مسلسلا.
وبعد غيابهم عن الدراما السورية ومشاركتهم في الدراما اللبنانية والمصرية، عاد جزء كبير من الفنانين السوريين إلى أحضان الدراما السورية في 2014، وتم إنتاج 32 عملا دراميا، لكن هذه السنة كانت الأضعف فنيا، خلال العشر سنوات الأخيرة، كما صرح بعض النقاد، ولم تختلف كثيرا نوعية المسلسلات وكم الإنتاج في 2015، حيث شملت الاجتماعي، الكوميدي، والتاريخي الذي لم يرجع كسابق عهده.
بالتوازي بدأت ظاهرة جديدة في الظهور سميت “دراما الجرأة الاجتماعية”، وجد البعض أنها إسفافا أخلاقيا وفكريا، وبدأوا باجترار الفترات الذهبية السابقة للدراما السورية، ورأى البعض الآخر أن هذا تطور طبيعي، وما يحدث داخل المسلسلات من مشاهد تجدها فئة من الناس مبتذلة وخالية من الأخلاق، يقبلون أن يشاهدوها في المسلسلات التركية والأفلام الأجنبية.
كثير من التغيرات حدثت على مستوى الوطن العربي منذ 2011، انعكست على جميع المجالات والمستويات الحياتية، لم يستطع حتى الآن جزء كبير من الشعوب العربية تقبل أو التأقلم مع تلك الانتقالات السريعة والصادمة، الدراما السورية أحد تلك المجالات التي تأثرت، وبطبيعة الحال ستعود مرة أخرى لزهوها، لكن محملة بالكثير من التجارب والتغيرات.
