د. أيمن سمير يكتب: أردوغان والوطن الأزرق

د.أيمن سمير

غضب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشدة بعد إعلان مصر واليونان توصلهما لاتفاق حول ترسيم الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهم ، وأعلن أنه سيستأنف البحث عن النفط والغاز في شرق المتوسط بعد أن قالت أنقرة أنها ستؤجل الخطوة لشهر كامل لإفساح المجال لوساطة تقوم بها المستشارة أنجيلا ميركل بين اليونان وتركيا، وزعم أردوغان أن الاتفاقية اليونانية المصرية غير قانونية وأنه لن يعترف بها، فلماذا كل هذا الغضب العثماني من اتفاقية تلتزم بكل المعايير والقوانين الدولية؟.. وما هي الآثار المترتبة على تركيا نتيجة لهذه الاتفاقية؟.. وكيف قطع هذا الاتفاق الوهم التركي بالسيطرة على غاز ونفط الشعب الليبي؟.

معيار العثمانلي

أولاً: لا بد لأي دولة قبل أن تبدأ البحث عن النفط والغاز وثروات البحار أن تحدد “الجرف القاري” الخاص بها طبقاً لاتفاقية الأمم المتحدة عام 1902، والتي تقول إنه يحظر على أي دولة البدء في التنقيب عن ثروات البحار والمحيطات قبل تحديد الجرف القاري الخاص بها، حتى لا تحدث نزاعات بعد استكشاف الثروات، وظلت دول العالم تتفاوض حول تحديد المساحة البحرية لكل دولة، فكان لكل دولة 6 أميال بحرية من الشاطئ ، وكانت هذه المسافة في البداية هي المسافة التي تستطيع المدافع الوصول إليها، لكن بعد تطوير مدى المدفعية زادت “المياه الإقليمية” لكل دولة من 6 أميال بحرية حتى 12 ميلًا ، ووفق اتفاقية الأمم المتحدة لتقيسم البحار عام 1982، والتي دخلت حيز التنفيذ في عام 1993 أصبحت المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل دولة 200 ميل بحري

كل ذلك يوضح حجم الأخطاء والأطماع التركية، لأن تركيا وإسرائيل هما الدولتان الوحيدتان في العالم اللتان لم تودعا حدودهما البحرية في الأمم المتحدة، وهذا يؤكد نهج الطمع في أملاك الآخرين لدى هاتين الدولتين، كما أن تركيا حتى اليوم لم توقع على اتفاقية الأمم المتحدة لتقسيم البحار عام 1982، يضاف لكل ذلك أن تركيا بدأت التنقيب عن الغاز والنفط دون أن تحدد جرفها القاري، لأن حدودها البحرية غير واضحة وغير معروفة، وهنا قصد تركي من عدم الوضوح في الحدود البحرية حتى تستطيع أن تتغول على أملاك الدول الأخرى في شرق المتوسط، وهنا السؤال: إذا كانت دولة لم تحدد حدودها البحرية حتى اليوم ، وإذا كانت ترفض الانضمام للاتفاقيات الدولية الخاصة بترسيم الحدود البحرية، فعلى أي أساس أو مقياس أو معيار تدعي أنقرة أن اتفاقية ترسيم الحدود المصرية اليونانية غير قانونية وباطلة؟

الوطن الأزرق

لدى أردوغان وشريكه في الحكم الحزب القومي المتطرف بزعامة دولت بهجلي أوهام ما يسمى “بالوطن الأزرق” وهو أن كل ما يحيط بالأراضي التركية من مياه في البحر يصبح ضمن الوطن العثماني، كما كان الحال في عهد الإمبراطورية العثمانية في القرنين السابع والثامن عشر، أي منذ ما يقرب من 300 عام، ويدعي أردوغان أنه عام 2023 سيلغي إتفاقية منترو التي وقعت عليها تركيا عام 1936، والتي تحدد دور تركيا في مضايق الدردنيل والبسفور، وبالتالي يسيطرون على كل مياه شرق المتوسط، ويتحول مضيقا الدردنيل والبسفور من ممرات عالمية إلى مضايق داخلية تركية، بالإضافة للسيطرة على البحر الأسود وصولاً لشبه جزيرة القرم، لأن الخرائط التي وزعها أردوغان وكشفتها المخابرات الفرنسية فيما تسميه أنقرة “مسجد تولوز” تقول أن خريطة أطماع أردوغان تبدأ من الصومال وإريتريا جنوباً وحتى القرم وبلاد التتار “تتارستان الروسية” شمالاً، ومن الخليج العربي شرقاً وحتى المغرب غرباً، وإذا واصلت تركيا هذا النهج العدائي ضد كل هذه الدول سيخلق لها ذلك جبهة واسعة من الأعداء.

قطع الطريق

وفق الاتفاقية الموقعة بين اليونان وإيطاليا لترسيم الحدود البحرية في 8 يونيو الماضي فإن لجزيرة كريت اليونانية مياه إقليمية بـ12 ميلًا بحريًا، وبهذا تصبح الحدود البحرية لتركيا شرق جزيرة كريت وليس جنوب الجزيرة اليونانية، وهذا معناه أن الدولة المتشاطئة لليبيا على الجانب الأوروبي هي اليونان وليست تركيا، وهو ما ينهي عملياً الاتفاق الموقع بين أردوغان والسراج في نوفمبر الماضي، وجاء الاتفاق المصري اليوناني ليؤكد هذه المعنى وفق كل الاتفاقيات الدولية، وربما إدراك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش لعدم قانونية إتفاق السراج أردوغان حول تعيين الحدود البحرية هو الذي دفعه لعدم إدراج اتفاقية السراج أردوغان ضمن الاتفاقيات الثنائية المعترف بها من جانب الأمم المتحدة، وكل هذا سيقطع الطريق على الوهم الأردوغاني بالسيطرة على غاز ونفط الشعب الليبي، حيث قال أردوغان إن الاتفاقية مع السراج سوف توفر 50 مليار دولار تشترى بموجبها تركيا غازًا ونفطًا سنوياً ، هذه المعطيات كلها تؤكد انهيار وهم “الوطن الأزرق” في المتوسط ، والمؤكد أنه سيفشل في البحر الأسود لأنه سيصطدم بدول كبيرة مثل روسيا الاتحادية وبلغاريا ورومانيا وأكرانيا.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]