إدانة وزير الطاقة الجزائري السابق بالسجن 20 عاما

في الجزائر لا تزال المعركة ضد محاربة الفساد متواصلة، حيث فتحت السلطات القضائية تحقيقا رسميا بشأن اتهامات فساد تتعلق بشركة تعمل في مجال النقل البحري في ميناء مستغانم.

ووجهت المحكمة استدعاءات لمسؤولين حاليين وسابقين، للمثول أمام قاضي التحقيق.

وذكرت تقارير صحفية أن خسائر فاقت 360 مليون دينار جزائري، تكبّدتها الخزينة العمومية، نتيجة منح امتيازات غير مبررة لبعض الشخصيات.

حول هذا الموضوع دارت نقاشات الجزء الثالث من برنامج «حصة مغاربية» الذي يعرض عبر قناة «الغد»، وفيه قال المختص في الشؤون القانونية والدستورية، موحوس صديق، إن هذا التحقيق الحالي هو حلقة من حلقات التصدي للفساد التي انتهجتها الدولة الجزائرية عبر مختلف مؤسساتها، سواء السلطة القضائية أو المؤسسات الأمنية المختلفة.

وأضاف أن العديد من المسؤولين، بل حتى الوزراء الذين هم يقبعون في المؤسسات العقابية، والذين يخضعون للتحقيق حاليا، سواء قبل الحراك الشعبي أو حتى بعده، وهذه القضايا التي تتصدى لها المحاكم الجزائرية في ربوع الوطن بما فيها محكمة مستغانم، وذات المحكمة سبق لها وأن عالجت ملفا لوقائع أخرى حدثت بميناء مستغانم، تتعلق بخروج 311 حاولة تضم أكثر من 11064 سيارة تم استيرادها من كوريا لأحد رجال الأعمال يقبع حاليا في السجن.

وأشار إلى أنه فيما يتعلق بهذا الملف الذي ترجع حيثياته إلى صفقة أو عقد أُبرم في يونيو 2016 بين مؤسسة ميناء الجزائر وشركة أجنبية مختصة بنقل المسافرين، هذه الشركة لديها رأس مال مختلط، استفادت من امتيازات مخالفة للتشريع وأكثر من ذلك أنها أضرت بالخزينة العمومية وميناء مستغانم.

وأوضح أن من بين الامتيازات التي تحصلت عليها الشركة الأجنبية أنها لم تقم بتسديد خدمات الجر والقطر التي كانت تقوم بها ميناء مستغانم، إضافة إلى ذلك لم تسدد رسوم تسددها السفن التي تدخل وتخرج من الميناء في فترة زمنية محددة بين الساعة التاسعة ليلا والخامسة صباحا، كذلك إعفاءات في الرسوم تعدت 35%.

قرر القضاء الجزائري حبس عدد من المسؤولين في شركة النقل البحري، ووضع أكثر من عشرة آخرين تحت قيد الرقابة القضائية.

ويلاحق القضاء الجزائري 17 مسؤولا في الشركة الحكومية للنقل البحري بتهم متعلقة بالفساد وتبديد أموال عمومية بالتواطؤ مع أجانب ما سبب خسائر مادية كبيرة للشركة والخزينة العامة للدولة.

وسبق للرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، التصريح بأن قطاع النقل البحري كان مستهدفا وتعرض لمؤامرة ضد الدولة.

وشهد قطاع النقل البحري في السنوات الأخيرة سلسلة من الإقالات والمتابعات القضائية مست شركات النقل البحري للسلع والمسافرين وكشف القضاء عن حيثيات حاول فيها مسؤولون بالشركة بيع بواخر والتسبب في احتجاز أخرى في موانئ دولية.

وقال المحلل الاقتصادي، عادل بوكروح، إنه خلال الفترة الأخيرة بدأت ثمار التحقيقات تظهر على السطح، مؤكداً أن المتباعات القضائية الأخيرة هي نتاج عمل أشهر، وأفضت إلى وجود إهمام في عدد من الشركات وأخرى متعمدة لتخريبها.

وأضاف أن الأمر لا ينحسر على شركات النقل البحري، بل سيمتد إلى شركات النقل الجوي والبري أيضا.

وأوضح أن الفساد كان ظاهر في شركات النقل البحري، وهو ما جعل الحكومة تتخذ إجراءات صارمة للقضاء على تلك الظاهرة التي تؤكد وجود سوء تسيير في بعض الشركات، والذي بدا متعمد لتدمير تلك الشركات

أعلنت الحكومة الجزائرية استحداث وكالة مختصة مكلفة بتسيير الممتلكات المصادرة خلال قضايا الفساد التي عرضت على العدالة واتهم فيها رجال أعمال ووزراء خلال فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.

وتندرج هذه الوكالة في إطار المساعي الحكومية لتعزيز آليات حجز وتجميد وتحصيل عائدات قضايا الفساد وسد بعض النقائص المسجلة في الإطار التشريعي الحالي.

ويرى مراقبون أن أكبر تحد يواجه الوكالة المستحدثة هو استرجاع الأموال والأملاك الموجودة في الخارج، كما يرون أن من مهام هذه الوكالة إعطاء الصبغة القانونية على عمليات تسيير الدولة للأموال والعقارات والمنقولات التي كانت تابعة لرجال الأعمال والوزراء المسجونين في قضايا الفساد.

وأكد بيان الحكومة أن مجلس الوزراء سيدرس خلال اجتماعه القادم الإطار القانوني المنظم لوكالة تسيير الأموال والممتلكات المصادرة لتجاوز النقائص المسجلة في الإطار التشريعي الحالي.

في هذا السياق، قال المحامي المختص بقضايا مكافحة الفساد، حسان براهيمي، إن استحداث تلك الوكالة يأتي كخطوة ختامية في مسار بدأ في 2019 بمحاربة فساد حقبة بوتفليقة، مؤكداً أن مسألة استرداد الأموال المنهوبة المهربة للخارج هي مشكلة تعرفها معظم دول العالم الثالث.

وأضاف أن أغلب الدول الغربية، التي تعتبر الجنة المالية الضريبة التي تهرّب إليها هذه الأموال، تزعم أن لديهم قوانين داخلية لا تسمح باسترداد تلك الأموال، مثل قانون احترام السر البنكي الذي لا يسمح بالتصريح بوجود تلك الأموال، كذلك هناك اختلافات بين نظام القضاء الجزائري والنظام الموجود في تلك الدول الغربية.

كذلك من بين العراقيل التي تواجه عملية استرداد الأموال المنهوبة، أنها تهرّب عبر شركات وهمية ومعاملات صورية مما يجعل هناك صعوبة في تتبعها.

وأكد أن تلك الوكالة الجديدة جاءت لتنسق المجهود الوطني لاسترداد تلك الأموال المنهوبة.