إميل أمين يكتب: إسرائيل والعرب.. زمن الفرص الضائعة

لماذا تصرّ إسرائيل على السير عكس التيار الإنساني والوجداني؟.. لماذا تمضي في طريق منافي ومجافي للسلام، رغم الفرص المتعددة التي لاحت لها في الأفق العربي والشرق أوسطي، طوال العقود الأربعة الماضية؟.

التساؤل المتقدم منطلقه العلاقة الواضحة بين المونديال الكروي الأخير في قطر، وبين قبول أو رفض شعوب عديدة،  للإسرائيليين، والعجيب والغريب، أن من بينهم من ليسوا بعرب أول الأمر وآخره.

يمكن للمرء أن يتفهم الحماس والتعاطف الكبيرين من الشعوب العربية مع الأندية  واللاعبين من أصول شقيقة، كما حدث في مباراة السعودية  مع الأرجنتين، والفرحة التي عمت أرجاء الوطن العربي، من أدناه إلى أقصاه، الأمر الذي قطع بأن فكرة العروبة  لم تمت، وأن حبال الود العربي – العربي، لم تهترئ، وأن الشعوب العربية قابضة على جمر الود الموصول، مهما جرت في مياه النهر العربي من نوازل، أو حدثت خلافات، يمكن القفزعليها، وتجاوزها، ومن ثم البناء الأخوي على مداميك عربية أصيلة تجذرت في الأرض العربية.

بدا لافتا للنظر وبقوة أن هناك من غير جنس العرب، من شعوب آسيوية ولاتينية، عطفا على العربية، من رفض التحدث مع المراسلين والإعلاميين الإسرائيليين، الذين ذهبوا لتأدية عملهم في تغطية أعمال المونديال.

هنا نحن لسنا دعاة كراهية، ونعرف جيدا كيفية التمييز بين حدث رياضي، وبين رواسب سياسية، وعليه فإننا  نسعى في طريق تشريح المشهد من وجهة نظر سيسيولوجية، لا عنصرية.

ما حدث مع الصحافي الإسرائيلي، راز شيشنيك،  والذي درج على أن يقدم نفسه بوصفه من الأكوادور، يستحق التفكيك والتحليل، لا سيما بعد قوله: “أعترف أنني أخطأت عندما قررت  أن أمثل نفسي كصحفي من الأكوادور، لكن ذلك  كان فقط  لكي أتحدث إلى الناس، لم أرغب سوى في تصريح منهم عن المباراة، لكن المكان الذي أتيت منه لم يتناسب معهم”.

صحافي آخر رفض ذكر أسمه لموقع “ذا أتلتيك” البريطاني، أحد أشهر المواقع الرياضية الإخبارية  العالمية.

يقر صاحبنا أن تجربته في قطر أضعفت آماله في تحسن العلاقات العربية – الإسرائيلية، ويضيف: “كنت أعتقد أن الناس في الشوارع يريدون السلام والهدوء، لكن منذ أن وصلت إلى قطر، تغير رأيي، والآن أدركت  الحقيقة، لقد أخبرونا  أننا لسنا بشرا، أشعر بالحزن،  لقد أنهى هذا أي أمل في تحسين العلاقات”.

أما الإعلامية الإسرائيلية، ميخال أهروني، فقد عنونت مقالها في مقالها بصحيفة “يسرائيل هيوم” بعبارة “الفلسطينيون كلهم في قطر، الواقع محرج”.

وفي رسالة بعثت بها  للمجتمع الإسرائيلي، كتبت أهروني تقول: “ها نحن نكتشف أن هناك شعبا فلسطينيا ينبض بالحياة، ولكي ندرك ذلك، فإنه كان يتعين على وسائل الإعلام الإسرائيلية أن تطير إلى قطر لتتذكر هذه الحقيقة”.

وعلى الرغم أنه لم يمض سوى أسبوعين فقط من فعاليات كأس العالم، الإ أن الصحافة الإسرائيلية قد أخذت في مهاجمة استضافة  قطر للمونديال،  فكتب أحدهم: “مرحبا بكم في مونديال العار”، وقال أخر: “قبل إنطلاق المبارايات في الدوحة: الجانب المظلم لإحتفالات كرة القدم في قطر”.

فيما دعت  قناة 13 الإسرائيلية إلى الإمتناع عن السفر إلى  المونديال عبر تقريرعنونته بـ”أربعة  أسباب لعدم السفر إلى  مونديال قطر”.

يبدو مونديال الدوحة وللمرة الأول، غالب الأمر، في تاريخ مسابقات كأس العالم، محملا بأعباء سياسية، وبإرث من الحزازات التاريخية، وهو ما فرّغ متعة المشاهدة الرياضية  المجردة من مذاقها.

لكن الأمر يقتضي قراءة أكثر عمقا من الجانب الإسرائيلي، حال أرادوا معرفة  المرض وليس العرض، والأخير هو ما أتضح على هامش مبارايات الدوحة.

المرض الحقيقي هناك عند القيادة الإسرائيلية، تلك التي فتح لها العالم العربي أبواب السلام، منذ معاهدة كامب ديفيد عام 1979، وصولا إلى إتفاقيات السلام الإبراهيمي، وفي المنتصف كانت مبادرة السلام العربية التي قدمتها المملكة العربية السعودية عام 2002 في القمة العربية في بيروت.

عاش اليهود في العالم العربي قرونا طويلة من غير تمايز ولا محاصصة، لم يفرق بينهم وبين العرب أحد، مارسوا طقوسهم وعباداتهم، الأمر الذي تشهد عليه معابدهم في العديد من العواصم العربية حتى الساعة.

غيرأن فكرة الإستيلاء على الأرض في فلسطين، والتمادي في الغواية، ورفض روح السلام، وبث مشاعر الخصام، والإساءة للفلسطينيين في موطنهم، والقتل الذي يمارس بدم بارد صباح مساء كل يوم، وآخر تلك الحوادث ما جرى في مدخل بلدة حوارة جنوب مدينة نابلس، من سفك دم  للشاب الفلسطيني، عمار حمدي مفلح، من المسافة صفر، وبدون ذنب سوى الإعتراض على  إمتهان كرامته.

ربما توجب على الإعلام الإسرائيلي أن يتساءل عن سر الرفض العربي لتواجد إسرائيليين في الدوحة، من منطلق الإزدراء الحادث والإنتهاك المستمر للمقدسات الدينية في الأرض المحتلة، وآخرها المحاولات الجارية من أنصار التيارات اليمينية للأقصى، ومحاولة  تغيير الأوضاع الثابتة منذ عقود وقرون الخاصة بحق المسلمين وحدهم في الصلاة هناك، والسعي لإقامة صلاة يهودية  في مواعيد بعينها، بإعتبار المكان جزء من جبل الهيكل، حسب الرواية الإسرائيلية.

لا يفوت الإسرائيليون أن التلاعب بالمقدسات أمر كارثي،  يقود إلى  صراع المطلقات، حيث يمكن أن تجري المقادير بقسمة الغرماء، بل بتصفية حدية بين المتصارعين.

في مقال أخير له بصحيفة ،معاريف الإسرائيلية، وصف  الكاتب الإسرائيلي، إفرايم غانور، دولة إسرائيل بأنها أصبحت واحدة من تلك الدول التي لا يُسعد العيش فيها، ولا السيرفي شوارعها أو القيادة على طرقها”.

غانور يرجع الأمر إلى الكراهية الداخلية التي تتعاظم، وتدفع  للقلق ولا يعرف كيفية إيقافها، ولا يُتخذ أي إجراء حقيقي للحد من العنف والكراهية اللذين يتفشيان منذ الصغر في أنظمة تعليمها.

فرصة  إسرائيل تضيع كل يوم وكل ساعة، تغلق فيها أبوابها، وتسد آذانها، أمام السلام العادل والشامل، إن أرادات البقاء طويلا وبمودة وقبول في وسط العالم العربي.

العيش على حد السيف إلى الأبد لا يفيد.. قالها ليفي اشكول صباح الخامس من يونيو 1967.. لكن آفة الحارة الإسرائيلية النسيان.

 

 

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]