تحذيرات عدة أطلقها عسكريون أمريكيون وعراقيون من تصدعات كبرى في سد الموصل شمال العراق تنذر بكارثة محققة إن لم يتداركها المسؤولون، وبحسب حكومة كردستان العراق فإن ترميمه والإصلاحات تتكلف أكثر من ملياري دولار أمريكي لتستغرق نحو 4 سنوات.
وبسبب الخلافات القائمة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق اندلعت أزمة مالية حادة في الإقليم إلى الحد الذي أوقف تمويل مشروعات صغيرة في حين لم تصرف رواتب موظفيه.
وافتتح سد الموصل عام 1984 على بعد 50 كيلومترا شمال مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، وأظهرت دراسات وقتها أن السد قائم على تربة غير قادرة على التحمل، وإبان غزو العراق عام 2003 أظهرت دراسات هندسية وجيولوجية أمريكية احتمالات انهياره حال عدم انتظام حقن الخرسانة الحاملة له.
وكان يسمى «سد صدام» قبيل انهيار نظامه الديكتاتوري بالغزو الأمريكي، ويعد أكبر سدود العراق ورابع أكبر سدود الشرق الأوسط، يبلغ طوله 3.2
كيلومترا وارتفاعه 131 مترا، بينما تغطي بحيرته مساحات شاسعة شمال البلاد تحتجز نحو 8 مليارات متر مكعب من المياه، وبحسب بيانات حكومة كردستان العراق فإنه المنسوب التشغيلي للسد هو 330 مترا بحجم خزان يصل إلى 11.11 مليار متر مكعب بمساحة 380 كيلومترا مربعا.
وتكررت التحذيرات الأمريكية من احتمالية انهيار السد خلال السنوات الماضية، وفي أغسطس/آب 2014، حذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما في اتصال هاتفي برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من احتمالات انهياره التي قد تؤدي لمقتل الآلاف، وعدم قدرة الحكومة على توفير خدمات أساسية.
وتعود الأزمة المالية إلى ديسمبر/كانون الأول الماضي، حيث احتج كردستان العراق في البرلمان على منح حكومة حيدر العبادي لـ17% فقط كمخصصات للإقليم في موازنة 2016، إلا أن البرلمان رفض مطالب الإقليم وأقر موازنة البلاد الجديدة، ما وضع العلاقة بين بغداد وأربيل على المحك.
وقال اللفتنانت جنرال شون ماكفرلاند قائد قوات التحالف الدولي ضد «داعش» الذي يعتبر أكبر قائد عسكري أميريكي في العراق، اليوم، الخميس، إن الجيش الأمريكي لديه خطة طارئة لمواجهة احتمال انهيار سد الموصل، مشيرا إلى أن السلطات العراقية أدركت احتمال انهياره.
وأضاف ماكفرلاند إلى أن السد بحاجة إلى «حقن أساساته لضمان سلامة هيكله، واحتمال انهيار السد شيء نحاول حسمه الآن، وكل ما نعرفه أنه إذا انهار فسينهار بسرعة وهذا أمر سيئ للغاية».
وبسبب الأزمة التي حالت دون استكمال كثير من المشروعات في كردستان العراق ومنها إصلاحات سد الموصل وغيره، قال رئيس الإقليم مسعود بارزاني أمس الأول، الثلاثاء، إن استفتاء الانفصال عن العراق بات أمرا وشيكا.
اقرأ أيضا: «داعش» والانفصال.. حجج مسعود بارزاني لمواصلة حكم كردستان
ويحذر مراقبون من أن السد في حال انهياره من مقتل الآلاف بينما ستغرق منطقة شمال العراق بالمياه، مشيرين إلى احتمالية تغطية الموصل وسامراء وتكريت بشكل كامل بالمياه التي يحتجزها السد في الوقت الحالي، خاصة في ظل زيادة الضغوط عليه.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية حذرت الجمعة الماضية، من مخاوف انهيار السد، قائلة إن تعطل محاولات إصلاحه لغياب الموارد المالية المطلوبة قد يتسبب بانهياره وكارثة مائية كبيرة، لافتة إلى أن سكان أكبر مدن شمال العراق الذين سيتضررون جراء تلك الكارثة يقدرون بمئات الآلاف وسيصبحون بلا مأوى.
ووسط المخاوف من انهيار السد قبيل إدراك بغداد لهذه الخطورة، نزح كثير من سكان القرى والمدن المحيطة مما زاد من عبء هذه القضية بعدما سجل العراق أكبر موجة نزوح عالمية بلغت أكثر من 3 ملايين ونصف المليون نازح خلال 2015، بحسب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق.
اقرأ أيضا: العراق يودع عامه الدامي بـ3.5 مليون لاجئ وآمال عريضة لإنهاء “داعش”
وفي أغسطس/آب 2014 تمكنت قوات البيشمركة التابعة لإقليم كردستان العراق بعد معارك ضارية، من استرداد السيطرة على السد عقب وقوعه في قبضة تنظيم «داعش» لأقل من اسبوعين فقط.
