البرلمان الليبي منتقدًا حكومة السراج: جريمة «غريان» تجرد من القيم الإنسانية

أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، اليوم الإثنين، إجراء انتخابات برلمانية بعموم البلاد في شهر يونيو المقبل.

وقال الدبيبة خلال مشاركته في احتفالات مدينة غريان بذكرى ثورة فبراير، إنه لن يترك الشعب إلا بحكومة منتخبة.

وأضاف “اليوم أو غدًا سأعلن عن خريطة طريق جديدة وأقول لليبيين لا تتركوا الميادين حتى تحصلوا على حقوقكم ولن نترك الحبل على الغارب وسنخرج ببرلمان ودستور جديدان فنحن من دمرنا بلادنا بسبب مؤامراتهم”.

وشدد رئيس حكومة الوحدة الوطنية على أنه سيعلن عن خريطة طريق جديدة، كما وعد بإجراء انتخابات برلمانية في شهر يونيو.

وطالب عبد الحميد الدبيبة مجلسي النواب والدولة بضرورة الاستماع لصوت لشعب المطالب بالانتخابات والدستور. على حد قوله.

تسلمت الحكومة الليبية الجديدة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، السلطة من حكومة الوفاق، برئاسة فايز السراج، خلال مراسم أجريت في طرابلس.

وتعهد الدبيبة، خلال مراسم التسليم، تعهد الإصلاحات التي تعهد بها أمام البرلمان.

ولعل أبرزها إقرار الأمن، وإخراج المرتزقة الأجانب، وتوحيد المؤسسات، والتحضير لإجراء الانتخابات في ديسمبر المقبل.

كما أن حكومة الدبيبة ستكون أمام تحد آخر بعد الدعوات للتحقيق في شبهات فساد تلاحق أعضاء حكومة الوفاق السابقة.

وتأتي هذه الخطوة في ظل دعوات لحكومة الدبيبة للتحقيق في شبهات فساد تلاحق أعضاء الحكومة السابقة .

وبتسلم الحكومة الجديدة تكون ليبيا قد خطت خطوة كبيرة نحو استعادة الدولة والأمن والاستقرار فيها.

الرهان يبدو كبيراً على حكومة الدبيبة، في أن تكون في مستوى التحديات المفروضة عليها والمسؤوليات الملقاة على عاتقها خاصة بعد نيلها ثقة البرلمان.

وبعد أن نجح الدبيبة في تشكيل حكومة تمثل الأطراف السياسية المختلفة، ستكون مهمته التالية هي البدء في تنفيذ الأولويات التي طرحها في خطاب التكليف والتي كان أبرزها إقرار الأمن وتصحيح الأوضاع الاقتصادية المتردية والتجهيز للانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في ديسمبر المقبل وكذلك مكافحة الفساد المالي والإداري.

وتأتي تلك الخطوة في وقت تعلو الأصوات والدعوات للتحقيق مع حكومة الوفاق بشأن مسؤوليتها في شبهات الفساد التي تلاحقها بعد أن تولت حكم البلاد لـ6 سنوات ماضية.

ويطالب البعض بمنع مسؤولي الوفاق من السفر، خصوصاً بعد أن أصدر ديوان المحاسبة في ليبيا تقريراً وثق من خلاله تورط مؤسسات الوفاق في نهب وإهدار المال العام.

واستبق الدبيبة هذه المطالب بإصدار قراره الأول الذي طالب فيه المؤسسات المالية والصناديق الاستثمارية والشركات العامة بإيقاف حركة حساباتها، ليمنع بذلك احتمالات مسؤولي حكومة الوفاق الذين سيغادرون الحكم، التصرف في أموال الدولة.

وسيقع على عاتق الحكومة الجديدة استكمال معالجة هذا الملف بمحاسبة كل من يثبت تورطه في ارتكاب تجاوزات أو إنفاق أموال في غير محلها أو بشكل غير قانوني، لا سيما أنّ التجاوزات طالت معظم القطاعات، بحسب التقرير.

وقال عضو مجلس النواب الليبي، جبريل أوحيدة، إن الليبيين يستبشرون الآن بالسلطة الجديدة، معرباً عن أمله في ألا تسلك الحكومة الجديدة ذات الطريق الذي سلكته سابقتها، لا سيما أن الجميع ينتظر منها الكثير.

وأشار إلى أن حكومة السراج صرفت أكثر من 340 مليار دولار دون أن يرى منها الليبيون شيء، موضحاً أن الحكومة الجديدة يراقبها الليبيون ومجلس النواب.

ولفت أوحيدة إلى أن يجب أن يكون للحكومة الجديدة برنامجا واضحا لصرف الميزانية، وألا تخرج عن أمور محددة، محذراً من أن يسلك وزراء الحكومة نهج من سبقوهم في صرف الميزانية في “أمور إشكالية”، مؤكداً أن هناك ملفات واضحة أمام الحكومة من الأمن ومواجهة كورونا ودعم مفوضية الانتخابات وغيرها من الملفات المهمة.

فيما قال الباحث في العلوم السياسية والاستراتيجية، محمود الرملي، إنه يجب فتح العديد من التحقيقات من شبهات الفساد وإهدار المال العام التي جرت خلال فترة حكومة الوفاق، برئاسة السراج، مشدداً على ضرورة وجود شفافية في التحقيقات.

وأِشار إلى أن الدبيبة اتخذ خطوتين تدلان على مساعي مواجهة المشكلات، الأول إجراء موجّه إلى كافة الشركات والصناديق السيادية والاستثمارية بالحفاظ على رواتب الموظفين ولمنع التلاعب بالأرصدة كذلك، أيضا حل اللجنة المختصة بمكافحة كورونا في ظل عدم تحقيق أي انجاز يذكر في الحصول على اللقاحات.

بعد الانتهاء من مهمة الحصول على ثقة البرلمان الليبي، حكومة عبد الحميد الدبيبة لا تستطيع أن تفتح صفحة جديدة في تاريخ ليبيا دون تصحيح أخطاء بالجملة في صفحات عشر سنوات من الحرب والفوضى.

كثيرة هي الملفات التي تنتظر الدبيبة، لكن إصدار ديوان المحاسبة الليبي تقريره بعد 24 ساعة على الحصول على الثقة يعيد ضبط إيقاع عمل الحكومة الجديدة، فما تضمنه من حقائق عن تسيير الشأن الليبي، يظهر الفوضى التي تعيشها البلاد. وفسادا ينخر جميع مؤسسات الدولة دون استثناء.

أول استنتاجات التقرير الذي يتألف من أكثر من 900 صفحة هو غياب الأرادة السياسية في مكافحة الفساد من خلال قبوع ليبيا في مراكز متأخرة في مؤشر النزاهة خلال العشر سنوات الماضية رغم تعاقب الحكومات.

ويعتبر الفساد المالي أكبر التحديات التي تواجه الدبيبة فمن خلال البيان يظهر التقرير أن أربعة وخمسين في المئة من ميزانية الدولة تذهب إلى دفع مرتبات الموظفين.

غير أن ديوان المحاسبة وقف على ظاهرة تضخم الكادر الوظيفي منذ 2017 لاسيما منذ إمساك المجلس الرئاسي برئاسة فايز السراج  البلاد، حيث تعدت قيمة الرواتب العشرين مليار دينار ليبي حيث انتقد التقرير عشوائية التوظيف وضعف مستوى الموظفين بسبب المحسوبيات والولاءات.

غياب الحوكمة تسبب في ترهل أداء مؤسسات الدولة وسمح بحالة من التسيب حيث رصد التقرير طفرة في حجم الواردات مابين 2009 و2019 حيث هذا الارتفاع لا يعكس استهلاك الداخل وإنما صفقات صورية لتهريب الأموال التي قدرت بمئة وأربعين مليار دينار ليبي بين 2016 و2017.

المعلومات المعروضة تظهر أن الفساد يبدأ من رأس هرم السلطة.. ففي الجزء المخصص لرئاسة الوزراء والمجلس الرئاسي أظهر التقرير أن فايز السراج استأثر بجميع الصلاحيات، وتضمن التقرير مصطلحات السحب والانفراد والالغاء وذلك بمخالفة جميع القوانين الداخلية أو تلك الممنوحة بمقتضى الاتفاق الذي أتى بالسراج إلى الحكم.

وبقية الوزرارات السيادية ينطبق عليها ما ينطبق على رئاسة الوزراء والمجلس ففي وزارة الخارجية الفوضى عارمة والاختلالات المالية بالجملة وغياب الرؤية والتخطيط السليم في إدارة الوزارة.

أما وزارة الداخلية فورد وجود مليار وثلاثمئة مليون دينار ليبي إضافية في ميزانية الوزارة دون المصادقة عليها أو التحقق من صحتها.

بقية القطاعات الأخرى ليست أحسن حالا وليس للحرب علاقة باختلالاتها وإنما الكادر الإداري الذي يدير هذه المؤسسات وفق تقرير ديوان المحاسبة.

إذا أراد رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة مكانا للبدء منه، فتقرير ديوان المحاسبة الليبي يقدم له كل ما يحتاجه لأداء مهمته على أساس علمي وعملي، فإصلاح النخبة السياسية قادر على أن يساعد في إصلاح أحوال الشعب الذي ينتظر منذ سنوات طويلة قطار تنمية أصبح متهالكا لغياب المسؤولية والمحاسبة.