السراج: الحديث عن استمرار مفاوضات السلام الليبية تجاوزته الأحداث

تعهد المجلس الرئاسي الليبي بتسليم السلطة بعد إجراء الانتخابات الشهر المقبل، وأكد في المقابل استمراره في عمله إلى حين إتمامها، مطالباً السلطة التشريعية والجهات المعنية بالتوافق لإصلاح «مكامن الخلل» خلال الاستحقاق المرتقب.

في غضون ذلك، يستمر التوتر الأمني في العاصمة طرابلس، إذ أظهرت لقطات مصورة تحرك «لواء المحجوب»، مساء أمس الأول في اتجاه طرابلس، قادماً من مدينة مصراتة (غرب).

وقالت مصادر أمنية إن هذا التحرك جاء استجابة لطلب عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، بصفته وزير الدفاع.

خريطة طريق جديدة

وعقدت لجنة خريطة الطريق المشكلة من قبل البرلمان الليبي اجتماعها الثاني في مدينة طرابلس.

وأعلنت اللجنة أنها ستعقد لقاءات مع جميع الأطراف الليبية السياسية والعسكرية والأمنية وغيرها من الجهات المعنية بالعملية السياسية، قبل وضع خريطة طريق ما بعد تأجيل الانتخابات.

فترة فائز السراج

وقال الدكتور خالد الترجمان، الباحث السياسي، إن تعهد المجلس الرئاسي الليبي بتسليم السلطة بعد إجراء الانتخابات الشهر المقبل، يذكرنا بفترة فائز السراج، مؤكدا أنه جثم على صدر الليبيين لسنوات طوال.

وأضاف الترجمان في برنامج (وراء الحدث) عبر شاشة قناة الغد أن السلطات الليبية والمجتمع الدولي لم يحترموا الشعب الليبي في ممارسة حقه الانتخابي.

كما أكد الترجمان أن هناك نشاطا ملحوظا للميليشيات في طرابلس، متهما عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الانتقالية بالاتفاق عليها.

السلاح آلية الضغط السياسي

من جانبه، قال الدكتور فوزي الحداد الكاتب والباحث السياسي، إن كل الليبيين يعلمون أن هناك الكثير من السلاح المتفلت في الدولة الليبية، خصوصا في طرابلس وما حولها.

وأضاف الحداد أن التنظيمات المسلحة تابعة لأمراء حرب في أثواب سياسيين، والكل يستخدمهم للسيطرة على المشهد السياسي لتحقيق مصالحهم، موضحا أن بعض الميليشيات خرجت عن طوع بعض السياسيين في فترة من الفترات وأصبحت تتصرف بمفردها.

كما أكد الحداد أن الكل يستخدم السلاح إلى الولوج إلى الانتخابات الرئاسية والخروج منها فائزا، حتى لو استخدم الترهيب كما فعل الدبيبة حينما استقبل بعض المجموعات المسلحة.

وتابع: “الحقيقة أن السلاح يستخدم للضغط السياسي في اتجاه عقد الانتخابات أو تأجيلها إلى ما لا نهاية، وللأسف مجلس النواب هو الآخر يلعب هذا الدور المخزي ومن ثم الدخول في خارطة طريق جديدة، والاستخفاف بعقول الليبيين”.

وتواصل لجنة خارطة الطريق المشكلة من قبل البرلمان الليبي، مشاوراتها السياسية لرسم خارطة طريق جديدة للمرحلة المقبلة في ليبيا.

وقالت اللجنة الليبية، في بيان لها، أمس السبت، إنها عقدت اجتماعها الثاني في مدينة طرابلس، لوضع برنامج عمل اللجنة والجهات المستهدف التواصل معها.

وأعلنت اللجنة أنها ستباشر في لقاءاتها مع جميع الأطراف الليبية “السياسية والعسكرية والأمنية وغيرها من الجهات المعنية بالعملية السياسية، قبل وضع خارطة طريق ما بعد تأجيل الانتخابات.

قال رئيس الحكومة الليبية المؤقتة السابقة عبد الله الثني إن مراسم تسليم المسؤولية لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ستكون على مراحل يومي الأربعاء والخميس.

وأضاف الثني عقب لقائه نائب رئيس الحكومة وعددا من الوزراء أنه سيتم الانتهاء من تسليم جميع الوزارات والهيئات التابعة للحكومة المؤقتة السابقة لحكومة الوحدة الوطنية الأحد المقبل.

ووصل نائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة حسين القطراني، رفقة عدد من الوزراء إلى مدينة بنغازي؛ لإتمام إجراءات تسليم وتسلم السلطة مع الحكومة المؤقتة.

وضم وفد الحكومة الوطنية وزراء الداخلية والتخطيط والمالية والشباب والتربية والتعليم والتعليم العالي والتعليم التقني والإسكان والتعمير والزراعة.

يبدو أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية السابق فايز السراج سيواجهان ملاحقات قضائية قد تنتهي بمثولهما أمام المحكمة الجنائية الدولية، إذ قدمت المنظمة الليبية لضحايا الإرهاب والتطرف، بالتعاون مع المركز الأفروآسيوي للدراسات والاستشارات، شكوى إلى مكتب المدعي العام في الجنائية الدولية تحت اسم «العدوان التركي على ليبيا».

الدعوى التي قبلتها المحكمة اختصمت أردوغان وعددا من قياداته العسكرية، وفايز السراج وعددا من أركان حكومته، إضافة لعدد من قادة الميليشيات، مفيدة بأن هؤلاء تعاونوا في ارتكاب 20 جريمة من جرائم الحرب في الأراضي الليبية والتي يعاقب عليها القانون الدولي، وتعد من الجرائم المصنفة بجرائم ضد الإنسانية.

ووفقا للشكوى أيضا، ارتكب المدعى عليهم انتهاكات صارخة للمواثيق الدولية، وذلك استنادا إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وخصوصا قرار مجلس الأمن رقم ” 1970 ” القاضي بحظر بيع وتصدير السلاح إلى ليبيا وما تلاه من قرارات تصب في ذات المحتوى تجاوز عددها 33 قرارا ملزما..

وأرفقت المنظمة الليبية مع الشكوى حافظة مستندات احتوت على ما وصفته بأدلة قاطعة وبراهين على ارتكاب أردوغان والسراج والتابعين لهما جرائم ضد الإنسانية.

ويرى مراقبون أن قبول الجنائية الدولية هذه الدعوى خطوة أولى، تثبت أن ما قُدّم يتضمن أدلة على ارتكاب جرائم حرب، متوقعين أن ترسل المحكمة خلال الفترة القليلة المقبلة فريق محققين إلى ليبيا، للتحقيق في تلك الجرائم والتثبت من الدلائل التي تم تقديمها.

وفي حال ثبوت ارتكاب جرائم، ستُصدر المحكمة مذكرات توقيف بحق المتهمين ليجري تعميمها دولياً.

في هذا السياق أفاد الدكتور محمد الزبيدي رئيس المنظمة الليبية لمكافحة الإرهاب والتطرف من بنغازي أنهم في انتظار وصول المحققين الدوليين مؤكدا أن التقرير المقدم للمحكمة الجنائية واف وفيه كل الإجابات التي يمكن أن تثار حول ارتكاب جرائم حرب.

وذكر أن الاتفاقية الأمنية التي تم توقيعها بين الرئيس التركي أردوغان ورئيس حكومة الوفاق فائز السراج باطلة بكل الأشكال القانونية، حتى إنه لو تم التسليم بصحتها جدلا، لا يبرر ذلك ارتكاب جرائم حرب، مؤكدا أن ليبيا تعرضت لعدوان تركي كامل.

من جانبه يرى إبراهيم بلقاسم الكاتب والمحلل السياسي أن ملف حقوق الإنسان في ليبيا مثقل وأن هناك جرائم كبيرة ارتكبت في حقوق الليبيين، لافتا إلى أن اختزال الجرائم في شخص ما قد تكون عملية مسيسة.

ويبقى السؤال مطروحا حول انعكاسات هذه الخطوة على عملية الانتقال السياسي التي تمر بها ليبيا حاليا في ضوء نفوذ السراج ورجاله وعلاقتهم بالجماعات المسلحة المدعومة من تركيا التي لا تزال حكومة الدبيبة تبحث سبل التعامل معها وإخراج الميليشيات المسلحة من ليبيا، وباتت تركة السراج متمثلة في الفساد والمرتزقة فكيف سستعامل السلطة الانتقالية مع ذلك؟