القوائم القرآنية (26): أسرار ليلة القدر
يلتقي قراء موقع قناة الغد، يوميًا، طوال شهر رمضان، مع حلقاتٍ مسلسلة تتضمن تفاصيلَ حول القوائم القرآنية، يعدّها الإعلامي والباحث في فقه الحركات الإسلامية محمد أحمد عابدين.
ويواصل الباحث هذه الحلقات بأرقام ومعلومات مهمة للمسلمين الذين يزداد إقبالهم على المصحف وتلاوة القرآن في هذا الشهر الكريم
أسرار ليلة القدر
من حكمة الله عز وجل أن أخفى رضاه في طاعته ليستزيد أصحاب الطاعات، وأخفى غضبه في معصيته لينـزجر أصحاب السيئات عن أعمالهم، ولذلك اقتضت حكمة الله تعالى أن يخفى ليلة القدر في رمضان ليجتهد الصائم والقائم فيها، كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أملا في أن توافقه ليلة القدر.
ليلة القدر هل هي «أول ليلة في رمضان، أو ليلة 17 رمضان، أو ليلة 21 رمضان، أم ليلة 23 رمضان، أو ليلة 27 رمضان، أم أنها واحدة من ليالي العشر الأواخر من الشهر الفضيل»؟.
الظاهرة الملموسة في كل عام عند الكلام عن ليلة القدر هي الانصراف إلى تحديد الموعد في أي ليلة تكون من شهر رمضان
والمطلع على التراث الإسلامي يجد تعددًا واسعًا جدا في الآراء حول تحديد موعد ليلة القدر ولكن دعونا نبدأ البداية الصحيحة من وجهة نظري البحثية
ما هو القَدْر؟
القدر هو الشرف والمكانة، ولكن لا بد من التنبه إلى أن كلمة «قدر» تأتي دائمًا مضافة مع كلمة أخرى، لكن الله سبحانه وتعالى وضع الكلمة معرفة بالألف واللام فقال ليلة القدر، ما يعني ابتداء وانتهاء أنه القدر الأعظم الذي لا يعلوه قدر آخر، وقد جاء ذكر هذه الليلة في سورة منفردة وهي سورة القدر «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ».
ثم نجدها أيضا في مطلع سورة الدخان باسم الليلة المباركة «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ» الدخان: 3.
انشغل العلماء والعامة بتحديد موعد ليلة القدر، وتعددت الآراء في تحديد موعدها والأشهَر بين العامة والخاصة من العلماء أنها ليله السابع والعشرين والحسابات وتقول إن سورة القدر هي سورة مكونة من 30 كلمة بعدد أيام شهر رمضان وعدد الحروف 114 عدد سور القرآن وأن كلمة «هي» الكلمة في الترتيب داخل السورة رقم 27، بعد كل هذه التوافقات، هناك من أجرى حسابات أخرى أوصلته ايضا إلى رقم 27، حيث إن «ليلة» مكونة من 4 أحرف، و«القدر» من5 أحرف، وجمعهما 9، مضروبًا في 3 وهو عدد مرات تكرار كلمتي «ليلة القدر» في السورة، نجد أن حاصل ضرب 3 في 9 هو 27.
هذا اجتهاد عدد من الباحثين، وهناك آخرون قالوا غير ذلك، فإذا رجعنا مثلًا إلى موسوعة الفقه الإسلامي بالكويت سنجد أن هناك من قال إنها في الليلة الأولى لأنها الليلة الأولى في الشهر وهناك من يقول إنها ليلة 17 حيث أن صبيحتها كان يوافق يوم غزوة بدر وغزوة الفرقان والله يقول «فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» الدخان: 4، فكان هذا فرق بين الإيمان والكفر وهناك من العلماء من يرى أنها في العشر الأواخر لحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم التمسوها في العشر الأواخر وهناك من يرى أنها في ليلة 21 رمضان ومن يرى انها ليلة 23.
