المشهد الإسرائيلي.. خلافات ظاهرية متعددة وهدف واحد مشترك

مع مرور الوقت دون تحقيق أي من الأهداف المعلنة للعدوان على قطاع غزة، تتزايد الضغوط على رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الذي فشل في تحقيق أي إنجاز بعد خمسة أشهر من العدوان العسكري الإسرائيلي على القطاع.

ومع بداية العدوان، أعلن نتنياهو ثلاثة أهداف للحرب، أولها إعادة المحتجزين، وتدمير حماس، وعدم جعل غزة مصدرًا لتهديد إسرائيل، ولكن بعد 150 يومًا من العملية العسكرية على القطاع، لم ينجح جيش الاحتلال إلا في إعادة محتجزين فقط في عملية وصفها الجيش بالنوعية، كذلك لا يستطع تفكيك حركة حماس بشهادة خبراء ومسؤولين إسرائيليين، كما أن الأمن لم يتحقق، إذ يتواصل قصف المقاومة الفلسطينية صوب الأراضي الإسرائيلية حتى من المناطق التي توغل فيها جيش الاحتلال.

وكذلك تدفع الفاتورة الكبيرة في قتلى ومصابي جيش الاحتلال بضغوط أكبر على نتنياهو، الذي يواجه حاليا ضغوطا من جانب حلفائه في الحكومة من الأحزاب الدينية التي ترفض التعديلات في قانون التجنيد، الذي سيلزم أتباعها من المتدينين من الالتحاق بالخدمة العسكرية، وهو المطلب الذي تنادي به سائر الأحزاب والقيادات، وآخرهم وزير الجيش، يوآف غالانت، وعضو مجلس الحرب، بيني غانتس.

هل الداخل ممزق؟

رغم ما تنشره وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية والعربية كذلك عن الاحتجاجات داخل إسرائيل، والدعوات لإنهاء الحرب، فإنهم يجمعون أن تلك الاحتجاجات لا تماثل تلك خرجت ضد التعديلات في قانون السلطة القضائية الذي طرحه الائتلاف الحكومي، وكانت مظاهرات غير مسبوقة تشهدها إسرائيل.

ورصدت العديد من الأنباء ومقاطع الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي تلك الاحتجاجات مناطق مختلفة، والتي تطالب بإنهاء الحرب، ولكن الأمر ليس متعلقًا بالسلام بقدر ارتباطه بإطلاق سراح المحتجزين من قطاع غزة، لذا يقود أهالي المحتجزين العديد من الفعاليات المطالبة بوقف الحرب وإعادة ذويهم.

إلا أن تلك المسيرات كثيرا ما تواجهها مسيرات أخرى من اليمين الإسرائيلي، والذي يؤيد استمرار العدوان على غزة، وفي كثير من الأحياء تقع مصادمات مع عناصر الشرطة وأهالي المحتجزين.

 

أيضًا الاعتصامات التي تخرج وتعيق حركة شاحنات المساعدات الإنسانية المتوجهة إلى قطاع غزة أمام معابر كرم أبو سالم والعوجة (نتسانا)، رغم مشاركة العشرات فقط بها، إلا أن هذا لا يعكس قلة أعداد المطالبين بعدم إدخال المساعدات إلى القطاع، فغالبية الإسرائيليين، وفقًا لاستطلاعات الرأي تشير إلى أن عدم إدخال المساعدات إلا بعد الإفراج عن المحتجزين.

محتجون إسرائيليون يغلقون معبر العوجة لمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة

 

وفي استطلاع نشرته صحيفة «ماكور ريشون» الاستيطانية، نُشر تحت عنوان: «تأييد جارف للاستيلاء الإسرائيلي على كامل قطاع غزة»، أظهر أن 92% من الإسرائيليين يؤيدون مواصلة القتال في غزة حتى «تدمير حركة حماس»، ولفتت الصحيفة إلى استطلاع آخر أجري في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أظهر أن 87% من المشاركين يؤيدون القضاء على حماس واستمرار الحرب حتى السيطرة على قطاع غزة بشكل كامل.

ولعل هذا الاستطلاع يظهر الإجماع الإسرائيلي على فكرة مواصلة الحرب في غزة، ورغم أن الهدف المعلن هو تدمير حماس، فإنهم يريدون تدمير غزة.

وهذا الأمر ليس بين الجمهور فقط، ولكن لسان حال السياسيين والمسؤولين أيضًا، وهناك العديد من الأمثلة، ولعل أبرزها تصريحات وزير التراث الإسرائيلي، عميحاي إلياهو، الذي تحدث عن احتمالية اللجوء إلى الخيار النووي في مواجهة شعب أعزل.

أيضًا وزيرة المساواة الاجتماعية الإسرائيلية، ماي غولان، التي خرجت في فبراير/ شباط الماضي، لتقول صراحة وهي بالكنيست: «أنا شخصيا فخورة بتدمير غزة»، وذلك خلال جلسة لبحث سحب الثقة عن أحد النواب الرافضين للإبادة الجماعية في غزة.

 

وقالت غولان: «نحن لا نخجل من القول إننا نريد رؤية جنودنا الأبطال والمقدسين يمسكون السنوار وسائر المخربين من آذانهم ويجرونهم في شوارع القطاع وصولًا إلى قباب مصلحة السجون التابعة لبن غفير.. أو بأفضل حال وضعهم في تابوت».

وتابعت الوزيرة في حكومة نتنياهو: «إن كل طفل (في غزة) ولو بعد 80 عامًا يجب أن يخبر أحفاده بما فعله اليهود.. لا حمامة ولا غصن زيتون، فقط سيف لقطع رأس السنوار.. هذا فقط ما سيحصل عليه منا».

ولا يجب أن يغيب عن الحملة التي تقودها العديد من الجهات، أن ما يصفونه بـ«الاستسلام للإحباط وإملاءات حماس سيعرض أمن البلاد ومكانتها الإقليمية للخطر»، مثل الدراسة التي قدمها اللواء متقاعد عيران ليرمان في معهد القدس للاستراتيجية والأمن، وهي الأمور التي تضع المواطن الإسرائيلي في مواجهة خيار استمرار العدوان والتدمير في غزة أو القبول بالإملاءات والتهديدات من حماس وحزب الله، وهي المزاعم التي طالما روّج لها اليمن وشركاؤه.

المشهد السياسي والارتباك 

على الصعيد السياسي تكمن الإشكالية، فوسط العملية العسكرية على قطاع غزة، أكثر ما يخشاه نتنياهو هو الدعوة إلى انتخابات مبكرة، فرغم الدعوات المبكرة في أعقاب «طوفان الأقصى» من زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، بضرورة إجراء انتخابات مبكرة واستقالة حكومة نتنياهو، إلا أنها كانت محدودة في بداية الأمر، ولكن مع مرور الوقت دون نتائج فقد يتغير الوضع.

والسبت الماضي، تظاهر الآلاف في تل أبيب للمطالبة باستقالة حكومة نتنياهو، في ظل فشله المتواصل، ولكنها تظل أيضًا مظاهرات محدودة ضد «سيد الأمن»، وهو الوصف الذي حرص نتنياهو على تقديم نفسه به على أنه القادر على توفير الأمن للمواطن الإسرائيلي، ولكن وفقًا لـ«الفاينانشال تايمز» فإن طوفان الأقصى شوّهت هذا الوصف.

مظاهرات ضخمة مناهضة للحكومة الإسرائيلية.. ونتنياهو يتعهد بالهجوم على رفح

 

ويبدو أن هناك من داخل المطبخ السياسي، انضم إلى صف لابيد، وهو زعيم حزب «إسرائيل بيتنا»، اليميني أفيغدور ليبرمان، والذي رغم الخلافات الأيديولوجية مع لابيد، فإنه بات يرى ضرورة إجراء انتخابات مبكرة بإسرائيل والإطاحة بنتنياهو، حيث قال ليبرمان إن «الحكومة استنفدت نفسها وانتهت»، مؤكدًا أنها غير قادرة على قيادة البلاد، مطالبًا بالذهاب تجاه الانتخابات المبكرة، بحسب «والاه».

وعلق ليبرمان قائلًا: «عندما لا يتمكن ثلاثة من أعضاء الحكومة من الاجتماع معًا برسالة واحدة، وهذه هي نهاية طريقها»، في إشارة إلى الخلافات بين نتنياهو وغانتس وغالانت.

 

إلا أن تلك الدعوات لا تزال بعيدة –حتى الآن– عن تحقيق تغيير جذري في توجهات الحكومة أو أن تدفعها إلى الاستقالة، خاصة في ظل الدعم الذي يحظى به نتنياهو من شركائه في اليمين المتطرف، وعلى رأسهم وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، والمالية، بتسلئيل سموتريتش.

ورغم التهديدات المستمرة من بن غفير بالانسحاب من الحكومة حالة وقف الحرب على غزة، فإنها قد تبدو تهديدات جوفاء، في ظل تنامي حالة الغضب منه ومن سائر الحكومة التي يراها الإسرائيليون مسؤولة عن أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقد لا يستطيع تحقيق هذه النسب مجددًا من المقاعد في انتخابات مقبلة قريبة، إلا أنه يراهن فيما يبدو على زيادة شعبيته بين جموع المستوطنين لدعمه إياهم، خاصة بعد توزيع الأسلحة عليهم لقتل الفلسطينيين.

فيديو| «بن غفير» يوزع الأسلحة على المستوطنين

 

كما أن الوزراء حتى الآن لا يزالون يدعمون استمرار الحكومة في مهامها، على الأقل حتى نهاية الحرب، إذ يرون أنه من السابق لأوانه الحديث عن الانتخابات في ظل الحرب على القطاع.

وهو الموقف الذي سبق أن أعلنه نتنياهو، إذ قال إن الانتخابات المبكرة تعني هزيمة إسرائيل في الحرب، ليربط بذلك بين بقاء حكومته والانتصار على حركة حماس، بحد زعمه.

نتنياهو الذي يحاول أن يسوق لنفسه بأن أحد قادة دولة الاحتلال أمثال جولدا مائير واسحاق شامير وبن جوريون، يتفاخر دوما برفضه أية ضغوط على إسرائيل لوقف العدوان على غزة، حتى من الحليف الأميركي، في محاولة للتأكيد على أنه «سيد الأمن».

الجيش أمل وحدة الإسرائيليين

قبل «طوفان الأقصى» حاول نتنياهو إلقاء اللوم على قادة الجيش في ما يتعلق بدعم الاحتجاجات الرافضة لتعديل قانون السلطة القضائية، الأمر الذي أثار غضبا جارفا ضده خاصة بعد محاولته إقالة وزير الجيش غالانت، إلا أن إجماع الإسرائيليين كان مع ضرورة إبعاد جيشهم عن الخلافات السياسية، ما دفع رئيس الحكومة إلى التراجع عن تلك الخطوة، ولكنه حاول مجددًا استخدام هذه الورقة في محاولة لإبعاد تهم التقصير عنه.

فبعد أحداث 7 أكتوبر، وفي خضم العدوان على غزة، خرج نتنياهو ليلقي اللوم على قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية في التقصير في صد عملية طوفان الأقصى، إلا أنه عاد وحذف منشور له بهذا الشأن بعد انتقادات كبيرة وجهت إليه.

كما أن نتنياهو هو المسؤول الأمني الإسرائيلي الوحيد الذي لم يعلن بعد تحمله مسؤولية التقصير في هجوم 7 أكتوبر، إذ اعترف بهذا وزير الجيش ورؤساء الأركان والشاباك والأمان.

ورغم هذا فإن هناك شقاقًا من نوع آخر بدأ، خاصة مع رفض البعض الالتحاق بالخدمة بصفوف الجيش رفضا للعدوان على قطاع غزة، كان أبرزهم الجندي تال ميتنك، 18 عامًا، الذي حُكم عليه بالسجن لمدة 100 يوم، وهو أول جندي إسرائيلي يرفض أداء الخدمة العسكرية، حيث سجل اعتراضه على ما يحدث في غزة ليعلن تضامنه مع المدنيين الأبرياء في غزة.

أيضا صوفيا أور (البالغة من العمر 18 عاما)، والتي من المرجح أن تكون فتاة إسرائيلية تدخل السجن لرفضها الخدمة العسكرية بسبب معتقداتها السياسية.

 

وقالت صوفيا في تصريح سابق، قالت صوفيا «في 25 فبراير/ شباط تاريخ تجنيدي، سأرفض التجنيد وسأدخل السجن العسكري بسبب ذلك، فأنا أرفض المشاركة في سياسات القمع والفصل العنصري العنيفة التي فرضتها إسرائيل على الشعب الفلسطيني، وخاصة الآن مع الحرب».

ويضاف إلى هذا رفض المتدينين (الحريديم) أداء الخدمة العسكرية يطرح العديد من التساؤلات حول باقي الجنود عن العدالة والمساواة بين المواطنين في تلك الدولة، إذ يقضي شباب سنوات بالخدمة العسكرية بينما يلهو آخرون في منازلهم.

ورغم هذه الدعوات وما تنشره وسائل الإعلام، فإن الإسرائيليين لا يزالون يؤكدون وقوفهم صفا واحدا وراء جيشه، متغاضين عن أي انتهاكات في القطاع، خاصة أنها تتوافق مع أهوائهم في إبادة الفلسطينيين وإخراجهم من القطاع.

 

وعلى عدة أصعدة، قد تبدو هناك خلافات واضحة، وهو أمر طبيعي، ولكن يظل هناك هدف واحد مشترك وهو عدم قبول الطرف الآخر، فرغم الحديث عن الرغبة في السلام، لم تقبل إسرائيل حتى يومنا هذا فكرة قيام دولة فلسطينية، أو توقف الاستيطان، أو تقدم أي بادرة للتهدئة في المنطقة، وتكتفي فقط بإلقاء اللائمة على الفلسطينيين في التصعيد في حجج واهية وغير منطقية.

________________________

شاهد| البث المباشر لقناة الغد

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]