د. حسام الدجني يكتب: يائير لابيد يكذب
ألقى رئيس وزراء دولة الاحتلال الصهيوني يائير لابيد كلمته في أعمال الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة أهم ما جاء فيها: “أنه يدعم حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية، مشترطاً أن تكون سلمية ولا تتحول لمصدر إرهاب يهدد أمن كيانه”. ووجه رسالة لأهالي قطاع غزة قائلاً: نحن مستعدون لمساعدتكم في بناء اقتصاد وحياة أفضل. وقد قدمنا خطة شاملة للمساعدة في إعادة بناء غزة. ومن أجل تنفيذ تلك الخطة ليس لدينا سوى شرط واحد: وقف إطلاق الصواريخ والقذائف على أطفالنا.
وأضاف لابيد إن إسرائيل انسحبت من قطاع غزة وقامت بتفكيك المستوطنات منذ 17 عاماً، ولكن حركة حماس تقصف المدنيين والمستشفيات والمدارس.
السؤال المطروح يتمثل في دوافع تصريحات يائير لابيد…؟ وحجم الكذب والتضليل والتدليس على الأسرة الدولية…؟ وأين أصاب الرئيس محمود عباس في كلمته…؟
أولاً: دوافع تصريحات يائير لابيد
المتابع لحجم ردود الفعل الإسرائيلية على خطاب يائير لابيد يعلم أن هناك دوافع دفعت يائير لابيد لأن يتحدث بهذه اللغة رغم أنها تندرج ضمن اللغة الدبلوماسية التي ينطرب على سماعها المجتمع الغربي، بينما يرفضها المكون السياسي الإسرائيلي وهو ما انعكس في تصريحات أحد مكونات الائتلاف الحاكم في إسرائيل ولعل تصريحات وزيرة الداخلية شاكيد خير دليل، وتصريحات زعيم المعارضة بنيامين نتانياهو تعكس حقيقة المزاج العام الصهيوني، والتي بدأت تترجم عبر استطلاعات الرأي في إسرائيل والتي منحت معسكر اليمين تفوقاً واضحاً في حال جرت الانتخابات اليوم.
وعليه فإن أهم دوافع يائير لابيد في الحديث عن حل الدولتين ما يلي:
- الرفض الصهيوني المتكرر لحل الدولتين الذي يمنح إسرائيل 78% من مساحة فلسطين دفع الأسرة الدولية من تحذير إسرائيل المتكرر بمخاطر هذا الرفض على صورة إسرائيل دولياً، وأن البديل عن حل الدولتين أحد الخيارات التالية: (الدولة الواحدة بأشكالها المتعددة – الفوضى).
- ربما علم لابيد مسبقاً بنية الرئيس محمود عباس رفع السقف السياسي في خطابه من قرار 242 إلى قرار 181 وإصراره على المطالبة بتطبيق القرار الأممي 194.
- مناورة سياسية موجهة للعالم الخارجي لاسيما الدول العربية التي يريد لابيد من تصريحاته دفع قطار التطبيع إلى الأمام وإنجاح المشاريع القومية المتعلقة بإمداد الغاز المسروق من فلسطين نحو أوروبا كبديل عن الغاز الروسي، ومحاولة منه لاستقطاب اليسار الإسرائيلي وأصوات الوسط العربي الذي يواجه تحدي كبير بعد فشل الحفاظ على القائمة المشتركة ككتلة انتخابية موحدة، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن هذا التصريح قد يساهم في تراجع تصويت اليمين الصهيوني له.
- محاولة منه لجلب السلطة الفلسطينية لمربع المفاوضات ما سيساهم من وأد الحراك الشعبي في الضفة الغربية.
ثانياً: لابيد يكذب
بكل موضوعية أستطيع أن أقول أن يائير لابيد يكذب في كل ما قاله، هو طرح حل الدولتين ووضع شرطاً لنسفها عبر حديثه عن المقاومة الفلسطينية.
تحدث أنه انسحب من قطاع غزة قبل 17 عاماً ولم يقل للأسرة الدولية أن انسحابه بمثابة إعادة انتشار، بحيث لا يسمح للغزيين دخول ميل بحري واحد دون موافقة قوات الاحتلال، أو تشييد مطار أو ميناء، أو حتى إدخال كيس أسمنت دون موافقة الاحتلال، وعليه قطاع غزة محتل، وموارده تسرق عبر قرصنة صهيونية في المياه الإقليمية الفلسطينية بموجبها وفي وضح النهار تسرق إسرائيل الغاز بينها يعيش قطاع غزة في ظلام دامس نتيجة انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، وفقر مدقع نتيجة غياب التنمية المستدامة، وغيرها من الأزمات.
لابيد يكذب عندما قال إنه مستعد لرفع القيود والحصار عن قطاع غزة وهنا يناقض نفسه بأنه انسحب من القطاع ويضع شرطاً بعدم إطلاق القذائف المصنعة محلياً، وتناسى يائير لابيد ومعه الأسرة الدولية أننا شعب تحت الاحتلال ومن حقه أن يقاوم الاحتلال وفقاً للقانون الدولي، ثم أن التهدئة بين إسرائيل وقطاع غزة قائمة فماذا فعلت إسرائيل سوى بعض الخطوات البسيطة مثل إدخال بضع آلاف من العمال للعمل داخل الخط الأخضر، في الوقت نفسه نسبة البطالة وصلت 50%.
إن كلمة الرئيس محمود عباس والتي جاءت في جزء منها للرد على يائير لابيد وكذبه الدبلوماسي على الأسرة الدولية، إلا أن أهم ما جاء بها والمتمثل في تذكير الأسرة الدولية بشروط قبول إسرائيل كدولة عضو في الأمم المتحدة تطبيق قراري 181 – 194 وإعلانه بضرورة تطبيق القرار 181 وعليه يفهم سياسياً من الخطوة أن حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران والذي أنهته إسرائيل أعلن اليوم الرئيس محمود عباس انتهاءه رسمياً ومن منبر الأمم المتحدة وأن أي حل للدولتين ينبغي أن يكون وفقاً لقرار 181، وهذا الحديث بحاجة إلى برنامج عمل واستراتيجية وطنية جوهرها المصالحة الفلسطينية وانجاح جهود الجزائر، وبرنامج نضالي متوافق عليه لإجبار الأسرة الدولية على التحرك ضد الغطرسة والإرهاب الصهيوني.
الخلاصة:
يائير لابيد يكذب، ومن يريد رفع القيود عن قطاع غزة ينبغي أن يبدأ من خطوة وقف سرقة غاز غزة والسماح للحكومة الفلسطينية بالتنقيب عن الغاز، والاستفادة من حقول الغاز لمشاريع تنموية تنعكس إيجاباً على الواقع الاقتصادي والإنساني في القطاع، وبما أن لابيد هو رئيس المستعمرة، وعليه فإن اقتلاع المستعمرة لا يتم إلا بالمقاومة والقوة.
