طلال عوكل يكتب: فتوى لتعميق الانقسام

فتوى لتعميق الانقسام طلال عوكل أيام صاخبة طافحة بفوضى السياسة، وفوضى الأخلاق، وفوضى الأهداف، وانحطاط اللغة، ومزيد من التناقضات والخلافات تعصف بالساحة الفلسطينية وبالمشروع والحقوق الوطنية، والأهم بالهوية الوطنية الواحدة الموحدة. الخطر الشديد يحيط بأهل القضية والقضية من كل حدب و صوب، بعضها يحمل عنوان صفقة القرن، وبعضها يحمل عنوان الانقسام والانتقام، في غياب الدعم الحقيقي والحماية والظهير الدولي، أو العربي أو الإقليمي.

ينتفض الشعب المعذب بالحصار والفقر والبطالة والتهميش والخذلان، والمعذب بأدوات قتل لا تتردد في ارتكاب كل أنواع وأشكال الجرائم في ظل كثرة الشهود وغياب العقاب. الحراك الذي يشهده قطاع غزة على حدوده الشرقية الزائلة منذ الثلاثين من آذار كان يقدم فرصة حقيقية للنهوض بالقضية الفلسطينية وتعظيم الاشتباك وحمل عبء الصراع والاستعداد لتقديم التضحيات محملا بوعود حقيقية لإعادة فرض القضية على أولويات المجتمع الدولي والإقليمي وأن يسدد ضربة قاصمة للمخططات الأمريكية الإسرائيلية. كان يمكن لهذا الحراك في حال شموله بقية الساحات وإخلاص الجميع للمشاركة أن يؤدي إلى كسر الحصار وإلى تجاوز استعصاء المصالحة والوحدة الوطنية.

غير أن الحسابات الفصائلية الضيقة وأزمة الثقة عادت لتطفوا على سطح الأفعال فيكون الحراك سبب لتوافق الأقوال وتعارض الأفعال بما يمنع أي فصيل من أن يجير الفعل لصالحه في عملية الاستقطاب الداخلي. ينهار الوضع الاجتماعي والنفسي والاقتصادي لمليوني فلسطيني في قطاع غزة تحت وطأة الحصار وتحت وطأة الإجراءات التي اتخذتها السلطة بذريعة الضغط على حركة حماس أملا بتسليم كل أدوات السلطة لحكومة الوفاق أو أن تتحمل حماس المسؤولية كاملة و لوحدها عن الناس.

فوق هذا وذاك تصر حركة فتح وتوافقها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير على دعوة المجلس الوطني للانعقاد في الثلاثين من ابريل في رام الله على الرغم من المعارضة الواسعة التي لا تقف عند حدود امتناع حركتي حماس والجهاد على الالتحاق وإنما تشمل فصائل وشخصيات وازنة. تصر حركة فتح على الاستفراد بترتيب أوضاع المنظمة حتى ولو أن نصف أو حتى ثلث الشعب الفلسطيني لا يرضى عن ذلك. ولتبرير ذلك تلتهب الحناجر وتنشط الأقلام، ليس دفاعا عن قرار عقد المجلس وإنما هجوما لاذعا على المعارضين الذين يتهمون بالخيانة الوطنية والانتهازية السياسية وبالعدمية والانحياز لأجندات معادية أو التآمر على منظمة التحرير.

هكذا وبجرة قلم يشطب تاريخ عظيم من الكفاح المشترك ويتم إقصاء العشرات من القامات الوطنية وتجاوز الأنظمة واللوائح التي تستند إليها المنظمة. المجلس الذي انتهت صلاحيته ويدعى للانعقاد يصل عدد أعضائه إلى سبعمائة وخمسة وستين عضوا، منهم مئة وثمانية وتسعين مستقلا، وثمانية وتسعين عضوا جديدا من الوطن.

عدد كبير جرى اختيار أعضائه من الموالين الأقرباء ويغيب عنه عدد ليس قليل من الشخصيات الاجتماعية والوطنية الفاعلة كتابا ومثقفين ومفكرين وحقوقيين ورجال أعمال ورجال إصلاح. من يجرؤ على السؤال ومن يجرؤ على الإجابة بعد أن يتم إقصاء عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية من الحضور، في مخالفة للقانون الذي يعتبرهم أعضاء طبيعيين في المجلس؟ المشكلة أن المدافعين عن هذه الخطوة يتحدثون عن أن انعقاد المجلس استحقاق لحماية القرار المستقل ودفاع عن المشروع الوطني، وتعزيز للتمثيل الحصري لمنظمة التحرير ولتعزيز النضال لمواجهة صفقة القرن. البعض يذهب إلى أبعد من ذلك فيعتبر أن هذا المجلس، مجلس الدولة الفلسطينية، أو مجلس تعزيز الوحدة الوطنية والشراكة، وأن انعقاده ضرورة وطنية ملحة.

لست ممن يعترضون على مكان انعقاد المجلس، فالصراع ينبغي أن يكون على الأرض الفلسطينية، ولست من دعاة المقاطعة والانسحابات، ولكنني لا أرى أن ثمة ضرورات تلح على انعقاد المجلس بهذا الشكل وفي ظل هذه الفوضى والخلافات. إن المنطق السياسي الوطني السليم، يفرض أن يكون انعقاد المجلس عنوانا وتتويجا للوحدة الوطنية الأمر الذي يستدعي تهيئة الظروف عبر الحوار بحيث يأتي انعقاده كعنوان للتوافق الوطني وبناء الشراكة السياسية، بما يضمن إعادة بناء وتفعيل المنظمة وأجهزتها، ودورها عبر الكل الوطني. في الواقع فإن انعقاد المجلس بهذه الطريقة يعزز منطق الهيمنة والاستفراد بالقرار والمؤسسة ويعزز منطق الإقصاء، ويؤدي إلى تعميق الانقسام، ليس فقط بين المنظمة والحركات الإسلامية وإنما أيضا في داخل منظمة التحرير وبين فصائلها الرئيسية. محزن الوضع ويدعو للأسى حين ينتظر الفلسطيني أفعالا وخطوات وسياسات تؤدي إلى تعزيز منظمة التحرير وتفعيل دورها فيصدم لأن ثمة إصرار على المضي نحو مزيد من التشرذم والانقسام وتعميق أزمة الثقة. على أن كل هذا العبث بالوضع الفلسطيني لا يحتاج إلى المزيد من العبث عبر ردود أفعال يمكن أن ترسم علامة استفهام حول الصفة التمثيلية لمنظمة التجرير إذ لم يبق للفلسطينيين سوى المنظمة كحارس للهوية والحقوق الوطنية.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]