علي الصراف يكتب: إيران في مقتل التراجع 

علي الصراف

بعد أن كانت إيران تقول إنها لن تتراجع عن خروقاتها للاتفاق النووي ما لم تتراجع الولايات المتحدة عن انسحابها منه أولا، سجل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تراجعه الأول، بالدعوة |إلى وساطة أوروبية تضمن “عودة متزامنة” أو “تنسيقا لما يمكن القيام به يتولاه مسؤول الشؤون الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل”.

هذا التراجع سوف تليه تراجعات أخرى. والولايات المتحدة لن تضع لحيتها بيد بوريل. في لعبة عض الأصابع، يخسر مَنْ يصرخ أولا. وفي مبارزة تحديق العين بالعين، يخسر مَنْ يطرف له جفن أولا. هذه قواعد. وسواء أكان يعرفها أم لا يعرفها ظريف، فقد كتب هزيمته الأولى فيها. والمسألة هنا، لا تعتمد على الجرأة أو الوقاحة، وإنما على تحمل العواقب.

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، قال إن هناك حاجة إلى المزيد من الوقت للتيقن من عودة إيران إلى التزاماتها، كما أن هناك حاجة إلى المزيد من الوقت للتنسيق مع الأطراف الدولية الأخرى لإعداد اتفاق نووي جديد.

ربما لم يعد يذكر الكثيرون، أن إيران منحت إدارة الرئيس جو بايدن حتى العشرين من فبراير الجاري للعودة إلى الاتفاق النووي، وإلا فإنها سوف تقوم بطرد المراقبين الدوليين وتبدأ برفع معدلات التخصيب وتشغيل مفاعلات جديدة أكثر تطورا.

تراجع ظريف، يعني أنه مسح الأرض بما هدد. وهو ما يتيح للولايات المتحدة، بموجب قواعد اللعبة، أن تمسح الأرض به قبل أن يرى رفعا لأي عقوبات.

لو كانت إيران تقدر على مواصلة التحدي لفعلت. إلا أنها مفلسة ماديا، ومفلسة عسكريا، وتضيق من حولها السبل. وما كان يجب أن تختار طريق التصعيد أصلا.

وفي الواقع، فلو أنها تمسكت بضوابط الاتفاق النووي والتزاماته، وحافظت على حسن السلوك مع الشركاء الأوروبيين، لكانت عودة الولايات المتحدة أسهل، وبشروط أيسر.

الأوروبيون، حتى وقت قريب، كانوا يستنكرون انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق، ويبحثون عن سبل لإيجاد آلية معقولة للتبادل التجاري. ولكن الغطرسة التي غلبت على السلوك الإيراني انتهت الى دفع الأوروبيين إلى الوقوف مع الدعوات الرامية إلى إعادة النظر بالاتفاق النووي.

ظنت إيران أنها تستطيع أن تمارس الابتزاز. وكان ذلك خيارا أحمق. وهو قد يكشف عن الطبيعة الهستيرية للنظام الإيراني، إلا أن هذه الطبيعة نفسها كفت لتوفير المزيد من القناعة بأن هذا النظام ليس مما يمكن الثقة به.

الاعتداءات التي شنتها إيران على خطوط الملاحة في الخليج، والهجمات التي تقوم بتمويلها ضد السعودية، واستعراضات الصواريخ الباليستية، وتحرشات الميليشيات التابعة لها ضد القوات الأمريكية في العراق، فضلا عن كل ما ترتكبه من جرائم وأعمال فساد وتخريب، لم تبق ذرة شك في أن النظام الإيراني أرعن بما يكفي لكي يرتكب أي عمل، وإذا أتيحت له قدرات نووية، فإنه يمكن أن يستخدمها بالفعل، وأنها يمكن أن تشجعه على المزيد من سلوكيات الابتزاز والتهديد.

تراجعات ظريف جاءت متأخرة تماما. من دون أسف. فكل ما كانت تفعله إيران مفيد. وعليها الآن أن تنظر في العواقب، وأن تتحملها لكي لا يقع على رأسها المزيد. عودة إيران إلى تنفيذ التزاماتها، تعني قبل كل شيء، تسليم كل اليورانيوم عالي التخصيب إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ووقف استخدام أجهزة التخصيب المتطورة، والكشف عن كل المراكز التي تجري فيها أنشطة نووية، وإتاحة السبيل للمراقبين الدوليين بتفحص كل شيء قبل أن يمكنهم القول، في تقرير واثق وموثوق، إن إيران عادت إلى ما كانت عليه قبل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق.

في تلك الساعة، سوف يمكن للولايات المتحدة أن تعود إلى الاتفاق، إنما لتبدأ مسارا آخر لإعادة النظر فيه. فالذين أفسدوا الثقة، والذين ارتكبوا كل تلك الاعتداءات على أمن الملاحة، والذين شنوا كل تلك الهجمات على السعودية، ومنها منشآت أرامكو، والذين هددوا بميليشياتهم وجود القوات الأمريكية في العراق وسفارة واشنطن في بغداد، يتعين عليهم أن يقدموا أدلة على أنهم يستحقون استئناف الثقة بهم. وفي العادة، فإن ذلك سوف يتطلب ضمانات بروتوكولية وإجرائية إضافية، والكثير من الوقت.

عندما تعرف أنك ضعيف، ولا تقوى على عواقب الغطرسة، فمن الخير أن تتصرف كضعيف. سيكون ذلك أقل ضررا من أن تتصرف كشخص أرعن. وعندما لا تقوى على ابتزاز من هم أقوى منك، فمن الخير أن تُظهر حسن النية. لعلك تعود فتكسب حسن النية. وعندما تعرف أن كل ما تمارسه من عنتريات صاروخية، لا يكفل حماية نظامك من الانهيار تحت وقع أول عشر غارات جوية، فمن الخير أن تكف حتى عن صيد العصافير.

هذه قواعد. وسواء أكان يعرفها أم لا يعرفها ظريف، فإنه سوف يتعلم ماذا تعني. كما سوف يتعين على وليه الفقيه أن يبتلع صواريخه قبل أن يستأنف التهديد بها من جديد.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]