علي الصراف يكتب: التطبيع.. التصدع.. وفلسفة الشلل

علي الصراف

ليس التطبيع، بحد ذاته، هو ما يضايق السلطة الفلسطينية. وإنما سقوط ورقته من يدها. فهي تعتقد أن تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل هو واحد من أهم المغريات التي يمكن أن تُقدمها لإسرائيل في مقابل اتفاق السلام الشامل، وأنها هي من يجب أن يُعطي الإشارة للدول العربية بشأنه.

هذا الاعتقاد ليس خاطئا، بحد ذاته، إلا أنه يتجاهل جملة من الحقائق. ومن أهمها:

ـ السلطة الفلسطينية لا تملك القدرة على تحريك أو تعطيل مسارات السلام. ولا هي أظهرت لإسرائيل أنها قوة فعلية بوسعها أن تقرر وجهة المستقبل. ولهذا السبب ظلت إسرائيل تعتبر أن ما تفرضه على أرض الواقع، هو الواقع.

ـ السلطة الفلسطينية كانت على وشك الانهيار، عندما أعلنت إسرائيل عزمها على ضم أراضي جديدة في الضفة الغربية وقطاع غزة. وهناك مستوى ملموس من الانهيار السياسي قائم أصلا، لسلطة تبدو بلا خيارات ولا إرادة، وتنقص عملها استراتيجية وطنية واضحة. وهذا ما يجعلها “إدارة” أكثر منها سلطة. وهذا بدوره يجعلها أقل أهلية من أن تكون مشروعًا لدولة.

ـ السلطة الفلسطينية تعتمد على “فورات القهوة”، باعتبارها كل إطار عملها السياسي. تنتظر عملا تقوم به إسرائيل، لكي يجعل قهوة الانفعال تغلي، وحالما يصبح ما تريده إسرائيل واقعًا مفروضًا، تعود الأمور لتهدأ. لقد تكرر هذا الواقع مرة بعد مرة بعد مرة في سلسلة من أعمال التوسع والاستيطان التي لم تتوقف منذ توقيع اتفاقات أوسلو الى يومنا هذا. هذا هو الكابوس، الذي بدد حلم إقامة الدولة. إنه كابوس خيارات إثارة الزوبعة في الفنجان. وهذا ليس من صنع أحد. إنه من صنع السلطة الفلسطينية نفسها.

ـ الانقسام الفلسطيني الذي لم يمكن رأب صدوعه، والشلل المتواصل حياله، حوّله الى حقيقة راسخة، أضعفت القيمة المعنوية والمكانة المركزية للقضية الفلسطينية.

ـ بين الاستراتيجي والشخصي، في الخلافات الداخلية الفلسطينية، يعلو الشخصي دائمًا. ولهذا السبب حصرًا، تحول الهجوم على الإمارات الى هجوم شخصي مباشر على زعيم التيار الإصلاحي داخل حركة فتح محمد دحلان. شخصنة القضايا الكبرى تفسدها دائما. وهو ما ظل يوحي، بأن الذين يستثيرون الهجمات الشخصية، يتعمدون إفساد قضاياهم، وتحويلها الى مهاترات. أو على الأقل لتقول، بم هم منشغلون حقا؟

ـ السلطة الفلسطينية تستسلم للواقع، ولا تعمل على تغييره. سوف يُثار السؤال: وهل باليد حيلة؟ والجواب هو، نعم. باليد خمسة ملايين حيلة. الفلسطينيون في كل أرض فلسطين قوة لم يمكن تنظيمها ولا استقطابها ولا توجيهها نحو عمل يؤدي الى تغيير الواقع. والرهانات الكبرى ظلت تعتمد على الخارج وكأن الشعب الفلسطيني عالة على نفسه، وعلى الآخرين، وهو ليس كذلك.

ـ العالم يتغير. وقضاياه تتداخل. ولكي تحافظ على مكانة مركزية فيه، يجب أن تقوم بعمل منهجي محدد يحفظ هذه الغاية. وهذا ما لم يحصل. لا توجد استراتيجية محددة في هذا الاتجاه. والمبادرات بشأنها أقل من شحيحة. وهناك مقدار ملموس من الترهل والاستسهال والميل الى التراخي.

ـ لا يوجد عمل فلسطيني فكري فعال أو مؤثر أو قادر على أن يحكم صنع الخيارات والبدائل. الأبوية الفلسطينية ظلت هي الأداة الحاكمة ليس في صنع القرار فقط، بل وفي التأمل أيضا. حتى انتهت الى أن تتأمل في الفراغ. ولا أمكن أن تتأمل في حقيقة أنها لم تعد تتأمل من الأساس. حتى لكأنها حوّلت صخرة الصمود الى حجر عثرة.

كل هذا واقع مؤذ. وهو في الغالب من صناعة داخلية. وبرغم كل ذلك، ظلت السلطة الفلسطينية تعتقد أنها أولى من كل الدول العربية بأن تُمسك بمفاتيح السلام وما بعده. وكل من يجرؤ على أن يختار لنفسه شيئا فهو “خائن” للقدس والأقصى.

الخائن (إذا جاز من الخشونة ما لا يجوز) هو من لا يعمل، ولا يدع أحدًا يعمل.

انحدار اللغة الى مصاف من هذا المستوى، كان بحد ذاته علامة من علامات الفشل السياسي. وكان ذلك أكثر من كثير. حتى لكأنه صافرة إنذار للمجتمع الفلسطيني برمته، وليس قياداته وفصائله فحسب، بأن شيئَا مأساويَا هو الذي يحصل.

اللغة لا تتصدع، إلا عندما تتصدع الأسس. وهذا أكثر من كثير فعلا.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]