علي الصراف يكتب: رئيس معتدل.. إي، وبعدين؟

لا يترك كبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية الإشارة الى الرئيس محمود عباس على أنه “رئيس معتدل”. كما يفعل الأمريكيون الشيء نفسه. والاتصالات بين هذين الطرفين وبين سلطة الرئيس عباس لا تعوقها عوائق الآن. وكانت زيارة ويليامز بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية الامريكية الى مقر الرئيس عباس تتويجا إضافيا للاعتراف بأنه رئيس “معتدل” ويجدر التفاهم معه.

السؤال التالي على هذه الحقيقة هو: “إي، وبعدين”؟

قد يجدر بالرئيس عباس أن يسأل الذين يحتفلون به الآن هذا السؤال، دعك عن الحاجة الى أن يسأل نفسه.

وقد يستطيع المرء الزعم بأن الفلسطينيين الذين فجعهم الرئيس عباس بإلغاء الانتخابات التشريعية يمكنهم أن يسامحوه على خطاياه لو أنه فاز بشيء من حقوقهم السليبة، لكنهم يعرفون أن الذي لم يقدر على تحقيق شيء على امتداد عقد من الزمن، لن يأتي “بالذيب من ذيله”، لا هذه المرة، ولا في أي مرة.

وهناك سبب لذلك، لا يتعلق بمقدار اعتداله من وجهة نظر الإسرائيليين والأمريكيين، ولكنه يتعلق بتطرف الطرف الآخر.

يفتقر الرئيس عباس إلى الشرعية التي تجعله مؤهلا للتفاوض باسم مصالح شعبه. وهو أقام نظاما للمحسوبيات والفساد، أرضى به إسرائيل، ليقدم لها دليلا ماديا على أن سلطته ليست مؤهلة، بنيويا، على أن تكون دولة. ولا حتى ربع دولة. ولقد هرب من استحقاق الانتخابات، لكي يقدم صورة عن “دولته” يُثبت من خلالها أنها أقل قيمة من “جمهورية موز”، وأنه يكتسب شرعيته من رضا إسرائيل والولايات المتحدة لا من رضا الفلسطينيين. إلا أن هناك ثغرة، فات على الإسرائيليين والأمريكيين أن يردموها. وهي أن صاحبهم “المعتدل” هذا يظل مطلوبا منه أن يحقق شيئا.

وصفة “الاعتدال” توزع في الولايات المتحدة وإسرائيل، كما في كل الثقافة الغربية، كإطراء ومديح. ولكنْ، أفلا يُفترض بالإطراء أن يسفر عن نتيجة؟ أفلا يبرر أن يُعطى الفائز به، شيئا يُقنع به شعبه؟

الحصول على تنازلات من “رئيس معتدل” هو الشيء السهل. ولكن رئيسا يفتقر الى الشرعية وضعيفا ومعزولا عن شعبه يحتاج في النهاية أن يُثبت جدارته أمام من “يعتدل” على حقوقهم.

الوجه الحقيقي للمعضلة، هي أنه “معتدل” ليس لأنه يعرض مرونة وتساهلات في حقوق شعبه واستعدادا لمد عملية السلام الى يوم القيامة، ولكنه معتدل مع تطرف الآخر.

لم يُصبح الرئيس عباس معتدلا من وجهة نظر إسرائيل إلا لأنه تعامل مع تطرف سياساتها الاستيطانية بالكثير من “الاعتدال” الذليل، وإلا لأنه ظل يكتفي بإطلاق كلام لا فائدة فيه أمام أعمال ظلت إسرائيل تقهر بها شعبه في أرضهم وفي لقمة عيشهم، وفي أدنى حقوقهم الإنسانية الأخرى؛ “معتدل”، أمام كل ضحية تسقط برصاص الاحتلال قرب معبر من معابر الإهانة والتجريد من الإنسانية؛ “معتدل” مع كل منزل يتم هدمه، وكل قطعة أرض يجري توسيع المستوطنات فيها.

لو كانت إسرائيل تبغي سلاما لبحثت عن رئيس متشدد، يناطح تطرفها رأسا برأس. والسبب هو أن التسويات بين متشددين أكثر ثباتا من التسويات بين قوي وضعيف؛ والسبب هو أن للقضية الفلسطينية قاعا صلبا، وأي محاولة لتحويله الى قاع هش، لن تفضي الى سلام حقيقي، ولا دائم.

الفلسطينيون في النهاية شعب ليس أقل عددا ولا عزما على أرض فلسطين، وبينما يملك الإسرائيليون مكانا يذهبون إليه، لا يملك الفلسطينيون غير أرضهم.

هذه الحقيقة وحدها هي التي تملي البحث عن رئيس متشدد، لكي يناطحها رأسا برأس، فيصنع سلاما قائما على المساواة والكرامة والاحترام المتبادل لا على السطو والإذلال والإهانة.

ألا يُقال في العادة “إن السلام يصنعه الأقوياء”؟ فلماذا إذن، يغيب هذا المنطق في العلاقة مع الفلسطينيين؟

أنفع بكثير أن يوصف الرئيس عباس بأنه متطرف ويتم التفاوض معه على حل سوي، من أن يوصف بالاعتدال بينما شعبه يُهان وتُنتهك حقوقه كل يوم.

سوى أننا أمام حال مختلف؛ حال بالمقلوب.

الإسرائيليون بميلهم الى الاستعانة بضعيف، إنما يقتلوه. وهم يقتلونه أكثر عندما يحتفلون باعتداله من دون أن يقدموا له شيئا.

الرئيس عباس الذي وجد نفسه معزولا ولا أحد يتصل به، في ساعة الحشرة، عندما اندلعت حرب الأيام الأحد عشر ضد غزة، لا بد أنه يشعر الآن بالكثير من النشوة.

مبروك. فقد عاد ليُصبح مرجعا للاتصالات، حتى ولو كان الأمر كرها بالآخرين، لا حبا به. ألف مليون مبروك.

إي، وبعدين؟

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]