مع تصاعد الجدل الساخن في تونس، حول مبادرة “العفو” أو التوبة ، للدواعش التوانسة، من العائدين من سوريا والعراق وليبيا، تؤكد الدوائر السياسيية في تونس، أن الارهابيين الراغبون في العودة الى تونس، يواجهون ترسانة تشريعية، تحدد ثلاث خيارات: منها ما يتعلّق بفرضية سحب الجنسية، ومنها ما يُحدّد العقوبات التي تصل الى الاعدام، ومنها ما يفتح الباب امام رئيس الجمهورية للدعوة الى استفتاء شعبي حول هذا الملف.
وكان ملف عودة الارهابيين من بؤر التوتر الى تونس، أثار جدلا حادا في الشارع التونسي ، خاصة بعد تصريحي رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، والتصريحان فتحا الباب أمام العودة، وأمام نقاش سياسي واجتماعي وقانوني امتد في كل المنابر الإعلامية اخبارا و تحليلا.
وداخل المشهد السياسي، انقسمت آراء الأحزاب التونسية بين داعم ورافض.. وعلى صعيد الشارع التونسي “اجتماعيّا”، بدأت تظهر ملامح التخوّف من هذه العودة في كل الفئات الاجتماعية.. أما على الصعيد القانوني، فإن المسألة تبدو شديدة التركيب والتعقيد، خاصة وأن النصوص التشريعية تختلف في التعاطي مع هذا الملف، ويظهر الخلاف جليّا بين نصوص قديمة وأخرى حديثة.
قرينة البراءة وتجريم سحب الجنسية
ويقول لاالخبير التونسي، سرحان الشيخاوي، إن الدستور التونسي الجديد، يبدو قاطعا في مستوى معاقبة من قاتلوا في صلب مجموعات ارهابية في بؤر التوتر بسحب الجنسية منهم، حيث ينص الفصل 25 منه بشكل صريح على تحجير”منع” سحبها، وجاء فيه « يحجّر سحب الجنسية التونسية من أي مواطن أو تغريبه أو تسليمه أو منعه من العودة إلى الوطن» ، إضافة الى فصول أخرى تمنع سحب الجنسية بشكل ضمني وتُمكّن العائدين من محاكمات عادلة، يُضاف هذا الى قرينة البراءة التي يوفرها الدستور التونسي لكل متهم.
سحب الجنسية التونسية
وأوضح “الشيخاوي” ، أن “مجلة الجنسية” أباحت في بعض فصولها سحب الجنسية، ونصت على ان يفقد الجنسية التونسية التونسي الذي يباشر عملا بمصلحة عمومية تابعة لدولة أجنبية أو في جيش أجنبي ويحتفظ بذلك العمل بعد مضي شهر من تاريخ توجيه إنذار له من الحكومة للتخلي عنه، ويمكن لهذا الفصل أن ينطبق على العائدين باعتبارهم اختاروا القتال في صلب “جيش أجنبي ” .. لكن كل ما يتضمن سحب الجنسية في هذه المجلة لا يمكن تطبيقه ارتباطا بعلوية الدستور على كل النصوص الاخرى ما عدا الاتفاقيات الدولية.
عقوبة الاعدام
أما في ما يتعلّق بعودة الارهابيين، فلا يمكن مقاربة جرائمهم الاّ باعتماد قانون مكافحة الارهاب ومنع غسل الاموال، والفصل 28 من القانون ، يجعل هؤلاء في مواجهة عقوبة الاعدام.. ويكون العقاب بالإعدام وبخطية قدرها مائتا ألف دينار إذا نتج عن هذه الأفعال الموت.
أما اذا تم تفعيل ما تحدّث عنه النواب في أروقة البرلمان من صياغة نص جديد للتعاطي مع المجموعات الارهابية العائدة الى تونس سواء كان تعديلا للدستور، أو تعديلا لبعض فصول قانون الارهاب، فيمكن لرئيس الجمهورية عرض هذا النص والملف برمّته على الاستفتاء الشعبي ، بعد الاسراع بتشكيل المحكمة الدستورية.. ويمكن لرئيس الجمهورية، استثنائيا، أن يقرر العرض على الاستفتاء مشاريعَ القوانين المتعلقة بالموافقة على المعاهدات، أو بالحريات وحقوق الإنسان، أو بالأحوال الشخصية، والمصادق عليها من قبل مجلس نواب الشعب.