قرار «سني» حاسم: لا قلق من الفراغ في لبنان.. ولا مقاطعة للانتخابات
انتهت «الصدمة الحريرية» السياسية، بعد ساعات تقريبا، من إعلان رئيس تيار المستقبل ورئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، وممثلا عن غالبية الطائفة السنية في لبنان، سعد الحريري، انسحابه من الساحة السياسية، وتعليق نشاط تيار المستقبل، ودعوته مناصريه والسياسيين المتعاونين معه تجميد نشاطهم السياسي، وعدم خوض الانتخابات المقبلة.
- كان الخوف والقلق من تأثير «انسحاب الحريري»، ليس فقط في ما خص الترشح أو الاقتراع، وإنما على مستوى التوازنات والتحالفات والتحرر من انتخابات نيابية، مما يفتح الطريق أمام تغيير في المشهد الرئاسي، من رئاسة المجلس إلى رئاسة الحكومة، فضلاً عن رئاسة الجمهورية قبل شهرين من نهاية ولاية الرئيس ميشال عون.
انتهت «الصدمة الحريرية» سريعا، مع خروج الشارع السنّي من واقع انعدام الوزن والإرباك، ويستعيد توازنه و«مبادرته»، من خلال تحركات مفتي الديار اللبنانية، الشيخ عبد اللطيف دربان، ولقاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وما أعقبه من لقاء ثلاثي ضمهما مع رئيس الحكومة الأسبق، فؤاد السنيورة بعد صلاة الجمعة في الجامع العمري الكبير، والذي يمكن اعتباره بداية لسلسلة من المشاورات والاجتماعات لقيادات الطائفة وفعاليتها السياسية والإجتماعية والاقتصادية والثقافية، تحت مظلة دار الفتوى، وبرعاية مباشرة من مفتي الجمهورية وبحضور رؤساء الحكومات السابقين.
والخطوة الثانية، مع زيارة رئيس الجمهوريةن ميشال عون، صباح اليوم السبت، دار الفتوى في «عائشة بكار»، حيث التقى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دربان، مؤكدا على الدور الذي تلعبه الطائفة السنية في المحافظة على وحدة لبنان وتنوعه السياسي ، وأهمية المشاركة مع سائر مكونات لبنان في الحياة الوطنية والسياسية والاستحقاقات التي ترسم مستقبل لبنان وابنائه.
- الزيارة كشفت عن قرار «سني» حاسم: لا مقاطعة للانتخابات لبقاء الدولة
وقال عون: «نقوم بجميع التحضيرات اللازمة لاجراء الانتخابات في مواعيدها ولا أجد أي سبب لتأجيلها، ولطائفة السنية مكونٌ أساسي ولا نؤيد أبداً مقاطعتها للانتخابات.»
لا أحد يقلل من دقة المرحلة، وتعقيدات الأوضاع الداخلية في لبنان، بحسب صحيفة اللواء اللبنانية، ولكن مسارعة المرجعتين الروحية والسياسية إلى الإعلان أمس عن المشاركة في الانتخابات، وضعت حداً للتكهنات والإشاعات المغرضة التي روّجت لمقاطعة سنّية مزعومة للانتخابات على خلفية ما ورد في كلمة سعد الحريري الوداعية، حول دعوة تيار المستقبل ومناصريه الحذو حذوه في تعليق النشاط السياسي، وعدم الترشح أو المشاركة في الإنتخابات.
وجاء إعلان بهاء الحريري، في كلمته المتلفزة أمس، التزامه بمتابعة نهج والده رفيق الحريري، والحرص على المشاركة في جهود دعم الدولة واسترداد سيادتها، ليكمل مشهد إستعادة المبادرة السنّية بأسرع مما توقع الطامعون بتقاسم الكعكة الانتخابية السنّية.
وسيتحمل النجل الأكبر لرفيق الحريري مسؤولية استمرار الحريرية السياسية في مرحلتها الثالثة، من باب الحرص على إرث والده الوطني، ولذلك لم تكن مجرد صدفة أن يعلن بهاء الحريري دخوله الساحة السياسية من بابها العريض، عبر إعلان تعيين ممثل سياسي له في لبنان «صافي كالو»، بعد ثلاثة أيام من إعلان شقيقه تعليق نشاطه السياسي في لبنان.
- وتؤكد الدوائر السياسية في بيروت، ان التعدد والتنوع في القيادات السنّية بمثابة صمام أمان في مسار أهل الجماعة الوطني، حيث كان التنافس بين تلك القيادات يدور في معظم الأحيان على محور تقديم الخدمات والمشاريع الإنمائية، في إطار من الحرص على الحضور الفاعل في العمل الوطني، لا سيما في فترات التوتر والتأزم التي كانت تُداهم الوضع السياسي في البلد.
غير أن التنافس السياسي بين تلك القيادات، خاصة في المواسم الإنتخابية، كان يراعي دائما أصول وقواعد الإعتدال، القائمة أساساً على تفعيل المشاركة الوطنية مع المكونات الأخرى، والإبتعاد عن التطرف والمغالاة في طرح المواقف والمطالب، وإحترام خصوصية الآخر، والسعي دائما إلى تدوير زوايا الخلافات الطارئة، والتوصل إلى حلول وسطية على أساس القاعدة الوطنية «لا غالب ولا مغلوب» التي كرسها الزعيم الراحل صائب سلام، على الأساس الصلب للوحدة الوطنية: لبنان واحد لا لبنانان.
