مؤسسة النفط الليبية تدعو لتجنب التصعيد في حقل الشرارة النفطي

قال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا فرحات بن قدارة يوم الثلاثاء إن إنتاج النفط زاد إلى 1.2 مليون برميل يوميا من 600 ألف برميل يوميا قبل ثلاثة أشهر وإن المؤسسة لا تتوقع حدوث أي خلل في إنتاج النفط.

وتأثر إنتاج النفط في ليبيا مرارا بسبب حصار جماعات للمنشآت النفطية أحيانا من أجل المطالبة بمزايا مادية وأيضا كوسيلة لتحقيق غايات سياسية.

وخلال آخر موجة من المواجهات الكبيرة، أوقفت جماعات تابعة لخليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي كل إنتاج النفط الليبي تقريبا لمدة ثمانية أشهر.

وأدى أخر حصار كبير فرضته أيضا جماعات متحالفة مع حفتر، إلى خفض إنتاج النفط الليبي بمقدار النصف تقريبا وانتهى عندما عينت الحكومة في طرابلس بن قدارة رئيسا للمؤسسة الوطنية للنفط.

وقال بن قدارة، في حديثه في مؤتمر صناعي في أبوظبي، إن “ثمة تفاهما بأن النفط يجب ألا يستخدم كأداة لتحقيق مآرب سياسية”.

وقال إن ليبيا، التي تسعى إلى الحصول على استثمارات لتطوير إمدادات جديدة بالنفط والغاز الطبيعي، قريبة من إبرام صفقة تصل قيمتها إلى ثمانية مليارات دولار مع شركة إيني الإيطالية.

وقال بن قدارة للصحفيين “نسير في إجراءات توقيع صفقة استثمارية مع شركة إيني لإنتاج الغاز من البحر. هذه صفقة قيمتها نحو ستة مليارات إلى ثمانية مليارات دولار و…برنامج أيضا للتنقيب في البحر والبر ستبدأه شركتا إيني وبي.بي قريبا”.

وأضاف أن المؤسسة تجري محادثات مع “شركة توتال أيضا للاستثمار أكثر في ليبيا…لزيادة الإنتاج”، من دون الإفصاح عن مزيد من التفاصيل.

وقال بن قدارة إن مستقبل ليبيا في الغاز أكبر منه في النفط، داعيًا إلى اتباع نهج متوازن في التحول في قطاع الطاقة.

وأضاف أنه “لا يمكننا تخيل مصادر الطاقة المتجددة فقط وخفض الاستثمار في الهيدروكربونات. هذا سيسبب نقصا و أسعار الطاقة متقلبة وسيؤثر هذا على الاقتصاد العالمي”.

أكدت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا رفضها لقرار إقالة رئيس مجلس إدارتها، مصطفى صنع الله، من قبل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

وقالت المؤسسة، عبر صفحتها على فيسبوك اليوم الأحد، إنها ماضية في أداء عملها وفقا لما ينص عليه القانون، بعد أيام من سعي حكومة الوحدة الوطنية لإقالة رئيس المؤسسة ومجلس إدارتها.

وأضافت المؤسسة أن مجلس إدارتها هو المجلس الشرعي والوحيد وإنه لم ولن يخضع لإجراءات إقالة غير قانونية من حكومة منتهية الولاية.

وقال مصطفى صنع الله، في وقت سابق، إن المسؤولين التنفيذيين والشركات التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا ما زالوا يعترفون به رئيسا بعد أن قالت الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقرا إنها استبدلته وعينت رئيسا جديدا في مقر الشركة.

وقال صنع الله لرويترز في مقابلة عبر الهاتف يوم الخميس إنه لا يزال في طرابلس ويعمل على ما وصفها بجهود “التخفيف” لحل الأزمة، دون أن يوضح ماهي تلك الجهود.

وقال إنه بدون ضغط دولي، قد تؤدي الأزمة إلى ظهور مؤسسة نفط وطنية موازية كما حدث خلال الحرب الأهلية الأخيرة في البلاد عندما حكمت إدارتان متنافستان في الشرق والغرب.

وقال: “إذا لم يكن هناك التزام كما حدث سابقا من المجتمع الدولي، فهذا متوقع”.

وينذر قرار الدبيبة يوم الثلاثاء الماضي، استبدال صنع الله بتفاقم الأزمة السياسية في ليبيا ويهدد بانزلاق المؤسسة الوطنية للنفط إلى ساحة الاقتتال الداخلي بين الفصائل، والذي كانت تتجنبه إلى حد كبير خلال سنوات الصراع.

وعيّن الدبيبة رئيس مجلس إدارة جديد للمؤسسة هو فرحات بن قدارة.

تتواصل تداعيات إعلان الحكومة الليبية المنتهية ولايتها، برئاسة عبدالحميد الدبيبة، أن فرحات بن قدارة تولى مهام منصبه باعتباره الرئيس الجديد لمجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، رغم رفض سلفه مصطفى صنع الله قرار إقالته.

وأثار قرار الدبيبة معارضة واسعة في الداخل والخارج، حيث أعلن مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة رفضهما لاستبدال مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط .

أما دوليا، فأعربت الولايات المتحدة وبريطانيا عن “قلقهما البالغ” إزاء وضع مؤسسة النفط الليبية مشددين على ضرورة حمايتها واحترام استقلاليتها.

وأمام هذه التطورات يترقب الشارع الليبي اتفاقا بين فرقاء الأزمة ينهي الانقسام والتنافس الحكومي ويعيد البلاد إلى سكة الانتخابات.

وتثير التصريحات الغربية المتتالية، بشأن ضرورة حل أزمة حكومتي ليبيا، موجة تساؤلات بشأن السيناريوهات المحتملة، في ظل التأكيد على ضرورة وجود حكومة موحدة في البلاد، واحتمال التوجه نحو تشكيل حكومة ثالثة مصغرة ورفع الحصار عن المنشآت النفطية.

وبالتزامن، كشف موقع “أفريكا أنتليجنس” عن عزم تركيا استضافة اجتماع موسع بين رئيسي مجلسي النواب والدولة في ليبيا، عقيلة صالح وخالد المشري، وممثلين عن الدول الرئيسة المعنية بالأزمة الليبية، في 21 يوليو الجاري.

وبحسب الموقع فإن الهدف الرئيسي من الاجتماع، هو اتخاذ قرار في ملف السلطة التنفيذية بين رئيس الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ورئيس الحكومة المدعوم من البرلمان، فتحي باشاغا.

وفي هذا السياق، قال أستاذ العلوم السياسية جامعة بنغازي، الدكتور يوسف الفارسي، إن استخدام المؤسسة الوطنية الليبية للنفط في الصراع السياسي هو أمر خطير للغاية، لافتا إلى أنه يوجد خلاف منذ فترة طويلة بين رئيس مجلس إدارة مؤسسة النفط وبين رئيس حكومة الوحدة الوطنية.

وأشار إلى أن صنع الله يحظى بدعم دولي، كذلك العديد من الأطراف الليبية، لافتا إلى أنه رغم فشل صنع الله في العديد من المهام، إلا أنه يوجد الآن صراع بين الأطراف التي تريد توطين أشخاصا تابعون لها في مناصب معينة.

وأكد أن القرار يخدم حكومة الدبيبة المنتهية ولايتها في محاولة للقول للعالم بإنه رئيس الحكومة الشرعي، متابعا أن الدبيبة يعمل بالنظام الميليشياوي المسلح وهو ما يجعل قرارته ملزمة رغم انتهاء ولايته

فيما قال الباحث في العلوم السياسية والاستراتيجية، محمود اسماعيل الرملي، إن قرار تغيير رئيس مؤسسة النفط هو من صلاحيات رئيس الوزراء وليس من صلاحيات مجلسي النواب والدولة، خاصة أن هذا المنصب هو أحد المناصب السيادية السبعة التي نص عليها اتفاق الصخيرات.

وأشار إلى أن هناك تناقضات في مواقف رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، إذ أكد مؤخرا أن حكومة الدبيبة انتهت ولايتها منذ أكتوبر الماضي، رغم أنه حول الأسبوع الماضي 7 مليارات دولار لحكومة الدبيبة رغم قرار بتجميد تحويل العائدات النفطية.

ورأى أن هناك حاجة لمجلس إدارة جديد لمؤسسة النفط خاصة أن صنع الله لم ينجح في إدارتها، إلا أن الظرف الزمني والكيفية لا يمت للهمنية بشيء، لافتا إلى أن الرئيس الجديد الذي عينه الدبيبة، فرحات بن قدارة، لا ينتمي للقطاع النفطي بل هو مصرفي وعمل بالبنك المركزي كنائب وكمحافظ، لذا فإن تعينه هو أمر غير منطقي، وأن  توقيت تعينه هو نتيجة تحالفات سياسية جديدة.

وتابع أن صنع الله لا يمتلك مقومات المواجهة للجوء للقضاء، خاصة أنه استمر في التعاون معها رغم اقراره أنها منتهية الولاية.