«الرئاسي» الليبي: الاتفاق مع تركيا يخدم بقاء السراج في السلطة ويضيع الوطن

تشهد ليبيا واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية، إذ تستمر الفيضانات الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة في حصد الأرواح، وقد ازدادت الأمور تعقيدا مع تقدم الإعصار دانيال شرقي البلاد، حتى وصل إلى بعض المدن الحدودية المصرية.

آلاف الضحايا

وأعلن رئيس الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، أسامة حماد، وفاة نحو 2000 شخص جراء الإعصار دانيال.

من جهتها، ذكرت وزارة الداخلية الليبية أن هناك أكثر من 5 آلاف مفقود بسبب الإعصار دانيال.

أما اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم القائد العام للجيش الليبي، فقال إن هناك نحو 6 آلاف مفقود جراء الإعصار دانيال، مضيفا: «لم نتمكن من الوصول إلى المناطق المنكوبة سابقا بسبب سوء حالة الطقس».

وأكد المسماري أنه «تم الدفع بمروحيات وزوارق بحرية لإغاثة العالقين»، داعيا الليبيين لالتزام منازلهم بسبب سوء حالة الطرق، موضحا أن «جميع الطرق في مناطق ليبيا المنكوبة قطعت بسبب الإعصار دانيال».

وأشار المسماري إلى أن قائد الجيش الليبي أعلن الاستنفار لمواجهة الإعصار دانيال، وأن جميع وحدات الجيش الليبي توجه الخدمة للمنكوبين.

مطالبات بتوحيد الصف

في غضون ذلك، أعلن المجلس الرئاسي الليبي، برئاسة محمد المنفي، الحداد 3 أيام على ضحايا الإعصار، مناشدا «كل القوى الوطنية لوحدة الصف وتوحيد كل جهودها لتجاوز هذه الأزمة من أجل سلامة الوطن والمواطنين».

كما دعا الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الليبيين إلى التوحد لمواجهة الأزمة، إذ أعرب، في رسالته إلى الليبيين، عن تمنياته «أن تمر هذه الأزمة سريعا بوحدتكم معا».

فهل ينجح الإعصار دانيال في توحيد الصف الليبي والقضاء على حالة الانقسام السياسي التي تشهدها البلاد؟

خلافات ليبيا

وتشهد ليبيا حالة من الانقسام السياسي، حيث توجد حكومتان، الأولى في الشرق، وهي الحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، والثانية في الغرب، وتحديدا في طرابلس، وهي حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

أعلن رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، الحداد 3 أيام على ضحايا الإعصار والسيول التي اجتاحت عدة مدن في الشرق الليبي بسبب الإعصار دانيال.
كما وجه رئيس المجلس الرئاسي الليبي بضرورة التحرك الفوري وتقديم كافة أنواع الدعم للخروج من الأزمة في أسرع وقت ممكن، مطالبا القوي الوطنية بوحدة الصف وتوحيد جهودها لمواجهة الأزمة.

150 قتيلا
وبحسب تصريحات لرئيس الهلال الأحمر في بنغازي قيس الفاخري، لرويترز، فإن الإعصار والسيول التي اجتاحت أغلب مدن وقرى الشرق الليبي، تسبب حتى الآن في مقتل 150 شخصا على الأقل في مدينة درنة.

وأشار الفاخري، في تصريحاته، إلى أن عدد القتلي مرشح إلى الارتفاع إلى 250، قائلا: «أضرار درنة سيئة جدا جدا.. الوادي كان عرضه 300 متر أصبح 600 متر.. سقط أغلب المباني القريبة من الوادي من بينها عمارة الضمان».

زيارة إلى درنة
وتوجه رئيس وزراء الحكومة التي تتّخذ من شرق ليبيا مقرا أسامة حمّاد ورئيس لجنة إنقاذ ووزراء آخرين إلى درنة لمعاينة الأضرار.
أعلنت الحكومة اعتبار مدينة درنة “منطقة منكوبة”، نظرا لما شهدته من دمار للنمازل والسيارات والممتلكات العامة والخاصة.
ووصف خبراء العاصفة دانيال التي ضربت أيضا أجزاء من اليونان وتركيا وبلغاريا في الأيام الأخيرة حيث أسفرت عن سقوط 27 قتيلا على الأقل بأنها “شديدة للغاية من حيث كميّة المياه التي تساقطت في غضون 24 ساعة”.

ربي يتلطف بأهلنا في مدينة الصحابة #درنة#درنة_مدينة_منكوبة#انقذوا_الشرق_الليبي #العاصفة_دانيال 💔 pic.twitter.com/hgn9F8NdRf

— ‌ Mani ‌ 🐅 (@Nicebreeze148) September 11, 2023

البرلمان يوجه بدعم العائلات
دعا مجلس النواب الليبي الحكومة المكلفة من البرلمان بجميع وزاراتها بتسخير كل إمكانياتها لمواجهة كارثة إعصار دانيال، للتخفيف من وطأتها على المتضررين.
وطالب الحكومة بتقديم احتياجاتها الطارئة لمواجهة هذه الكارثة بشكل عاجل، وكلفت هيئة رئاسة مجلس النواب الليبي اللجان الدائمة المعنية بالمجلس بمتابعة الأزمة مع الوزارات والهيئات.

البرلمان الليبي – أرشيفية

القوات المسلحة تتدخل
وفي محاولة لإنقاذ العائلات، أرسل اللواء 155 التابع للقوات المسلحة تعزيزات من بنغازي للإنقاذ والإغاثة في المناطق المتضررة بالفيضانات.
ودفعت القوات المسلحة أيضا بزوارق الإنقاذ وشاحنات التموين في مناطق شرق بنغازي والجبل الأخضر.
كما تم نشر فرق الإنقاذ في درنة الواقعة على بعد نحو 900 كيلومتر شرق العاصمة طرابلس.

سيول في الشرق الليبي

مطالبات بالدعم الدولي
وطالب نائب عميد بلدية درنة الليبية، عضو المجلس البلدي، أحمد أمدورد، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، بضرورة التدخل الدولي العاجل لإنقاذ المدينة التي تعاني من انهيار، مشيرًا إلى سقوط أكثر من 7 عمارات بعدها يصل عدد الطوابق إلى 14 طابقًا وهو ما ينذر بكارثة إنسانية في المدينة، مناشدًا المجتمع الدولي بالتدخل العاجل عبر ميناء درنة البحري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وأوضح نائب عميد بلدية درنة تسجيل غرق عشرات المواطنين في مياه البحر نتيجة إعصار دانيال، مؤكدًا أن الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان تسعى لدخول المدينة للوقوف على عمليات الإنقاذ إلا أن انهيار الجسور والطرق يصعب هذه المهمة.

تجهيز المدارس لاستقبال العائلات
وأعلنت مراقبة تعليم بنغازي، مد العطلة الدراسية حتى يوم الخميس وتجهيز المدارس لاستقبال العائلات المتضررة.
وقال نائب رئيس جهاز الإمداد الطبي نادر الكويدي، إن الجهاز دعم فرع بنغازي بـ5 شاحنات بطول 40 قدمًا تحوي أدوية عامة ومستلزمات طوارئ.
وأشار الكويدي إلى مخاطبة الشركات في المنطقة الشرقية لتوريد الأدوية بشكل مباشر وعاجل لسد النقص في المنطقة الشرقية.

مصر تتضامن
وأعربت وزارة الخارجية المصرية، في بيان رسمي، تضامنها مع ليبيا في مواجهة آثار العاصفة “دانيال” وما أسفرت عنه من سيول ضربت البلاد مؤخراً، ونتج عنها سقوط عشرات الضحايا والمصابين.
وقدمت مصر صادق تعازيها لأسر الضحايا إثر هذا المصاب الأليم، معربة عن تمنياتها بالشفاء العاجل للمصابين.

في إطار التحركات الإقليمية والدولية لحلحلة الأزمة الليبية، أعلن من العاصمة الكونغولية برازافيل، عضو المجلس الرئاسي الليبي عبد الله اللافي، انطلاق أعمال اللجنة التحضيرية للمصالحة الوطنية الليبية.

اللافي أكد أن اللجنة ستواصل أعمالها في ليبيا، مشيرا إلى أن المؤتمر الجامع للمصالحة وكل المؤتمرات المتعلقة بمسار المصالحة ستعقد داخل ليبيا وبمشاركة كل الأطراف والأطياف ذات الصلة.

ويقود المجلس الرئاسي الليبي منذ أشهر جهودا كبيرة للدفع بمسار المصالحة الوطنية، بعد تعثرها بسبب الصراعات السياسية والنزاعات القانونية والدستورية التي عمّقها التنافس على الانتخابات والتنازع على السلطة.

ويثير مشروع المصالحة الوطنية ردود فعل متباينة في ليبيا وتساؤلات عديدة بشأن الشروط الضرورية لنجاحه ومدى توفرها.

حول هذا الموضوع، دار الجزء الأول من برنامج «حصة مغاربية» الذي يعرض عبر قناة «الغد»، وفيه قال رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة درنة، الدكتور يوسف الفراسي، إن الخطوة التي اتخذت في برازافيل مدعومة، وكان من المفترض أن تكون هذه الأمور محل نقاش، فمسألة المصالحة هي مسألة كبيرة جدا تواجه الكثير من التحديات.

وأضاف: «نحن نعلم أن المجلس الرئاسي منذ استلامه ملف المصالحة وإنشاء المفوضية العليا للمصالحة لم يحقق تقدما في هذا المجال، لأن مسألة المصالحة مسألة صعبة، والاتحاد الإفريقي ليس في كامل عافيته، لأنه يعاني من مشكلات كثيرة ومن ضعف في الإمكانيات والموارد».

وتابع أن «المشكلة تكمن في الأطراف داخل ليبيا، وبالتالي المصالحة لا بد أن تكون بين هذه الأطراف المتصارعة».

من جهته، قال مؤسس حراك 24 ديسمبر لإجراء الانتخابات، أحمد أبو عرقوب إنه يعتقد أن أي خطوة في اتجاه توحيد الصفوف الليبية وتوحيد المساعي الحميدة للمصالحة الوطنية هي خطوة جيدة بغض النظر عن فاعليتها.

وأضاف: «الآن الفاعلية في إحداث مصالحة وطنية تكاد تكون ضئيلة جدا، لا تصل إلى 5% من إمكانية تحقيق الحد الأدنى من المصالحة، التي تحتاج إلى توفر عوامل عدة، وتواجه تحديات أبرزها التحديات القانونية والقضائية المتمثلة في العدالة الانتقالية ورد المظالم، وهناك تحديات اجتماعية في ما يخص عودة المهجرين والنازحين، وتحديات سياسية في الاتفاق على شكل الدولة ونظام الحكم والعلم والنشيد وما إلى ذلك».